الديمقراطية ، المنطق والتقدم

خالد عثمان
http://www.yarranile.com/thirdmay.htm
في ندوة لصحيفة المهاجر في مدينة ملبورن في مايو الجاري دار حوار من الوزن الثقيل حول مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي في الحكومة والمسوؤلية الاخلاقية للحزب تجاه شهداء انتفاضة سبتمبر 2013 وافضى النقاش الي تناول الطائفية ودورها في العملية الديمقراطية، ورجح الرأي الذي يؤيد بقوة ترك للامر للمواطن ليختار والصبر على العملية الديمقراطية كهدف أسمى . فالحزب الاتحادي الديمقراطي قد يكون لديه المنطق لتبرير المشاركة ولكن في نهاية الامر يبقي التاريخ هو الحكم على المواقف والاخلاق.
و أول ما يتبادر للذهن عند محاولة تفسير أو شرح معنى كلمة ديمقراطية هو الديمقراطية الليبرالية والتي تتبناها الدول المتقدمة في الغرب وهي تشير لمجموعة من الأنظمة السياسية والتي من خلالها يعمل الكل لتحقيق مجموعة الأهداف، أهمها على الإطلاق حماية الحريات المدنية والدفاع عنها والسعي لتوسيع دائرتها ومقدارها ويتم ذلك بوضع التشريعات المناسبة الكفيلة بتقنين عمل الحكومات ووضع حد لتدخلها في الأمور السياسية والاقتصادية والمعنوية والتي تؤثر على حياة المواطن وكذلك إرساء قيم التعايش الديني وإطلاق المجال أمام الحرية الفكرية وتشجيع الإبداع، وكل ما ذكرناه سابقا يتم المحافظة عليه بطرح الأسئلة المطالبة بالشفافية في كل خطوات ومماراسات المؤسسات العامة والخاصة وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية والصحفية كذراع قوي يعضد الأذرع التشريعية والقضائية المستقلة ، وتُعني الديمقراطية الليبرالية عبر كل مسيرتها بوضع التشريعات واللوائح التي تسهم في تحقيق الرفاهية القصوى للمواطنين. وتعتمد الديمقراطية الليبرالية كممارسة علي ” الفرد الراشد الواعي الملتزم خلقيا” ، وبدون وجود هذا الفرد الواعي تنهار هذه النظرية من أساسها، بالاضافة الي الإيمان العميق ب” المنطق و” التقدم ” على أساس ان المنطق هو الوسيلة الوحيدة لحسم الخلافات في مجتمع تسوده الرغبة في التوافق والإنسجام بدلا من الفوضى والصراع. ومن هذا المنطلق تسعى الديمقراطية الليبرالية لتعريف القوة والسلطة وتحديدهما بغرض تعزيز الحكومة الشرعية ضمن إطار العدالة والديمقراطية.
وبما ان المنطق هو القاعدة التي تنتطلق منها كل العملية الديمقراطية علينا تبسيط المفهوم كونه الذي يقوم بوصف التبرير المجدي لأي عملية أو نشاط . وبالرغم من ان المنطق يتداخل بين علم الفلسفة والرياضيات ومؤخرا علم الحاسوب والاتصالات الا أنه في الديمقراطية يقتصر على قرار الناخب حسب مصلحته أولاً وقناعاته ثانياً، مثلاً اذا أختار فرد منتمي لطائفة أو طريقة صوفية ان يعطي صوته بناء على انتمائه الصوفي او الطائفي فالمنطق يقر باحترام ذلك الخيار ، أما اذا قرر احدهم ان الطائفية شيئ بغيض يجب التخلص منها بالقوة فذلك الشخص يكون قد صادر حقوق الافراد والمنطق كذلك.
لذلك ترتبط العملية الديمقراطية بالمنطق والتقدم معا، وقد يستغرق الامر مئات السنين ليسود المنطق عبر الحوار ، فالعملية التي تعتمد على الحوار والاقناع لابد ان تتطور، وهنا لاينبغي ان تسحرنا الديمقراطية الليبرالية فعيوبها أكثر من عيوب الديمقراطية التي تأطرها المحاصصة الطائفية (لبنان مثلا)، في الغرب تطور الصراع لينحصر بين الديمقراطية الاشتراكية واحزاب اليمين باطيافها الدينية والعلمانية التي تقف من خلفها الشركات وروؤس الاموال، وتتبادل الاحزاب السلطة سلمياً ولكن في النهاية يكون التبادل بين القوى الاجتماعية الاشتراكية والشركات حسب المزاج العام في الشارع السياسي والذي يسود فيه المنطق الذي يتقدم باطراد.
التقدم يفسر نشوء وتطور احزاب الخضر المدافعة عن البئية وعن الطبقات الفقيرة في المجتمع ، لذلك حتى وان عاد الحزب الاتحادي الديمقراطي او حزب الامة لسدة الحكم في السودان ولمئات السنين فذلك أفضل من حكم عسكري لمدة أشهرة لان الديكتاتورية تصادر المنطق والتقدم وتعطل القوانين.
للاطلاع على الندوة
http://www.yarranile.com/thirdmay.htm
18 مايو 2014
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *