الخرطوم: سلفاكير يُحضّر «حكومة انتقالية» تدير الجنوب حتى إعلان الدولة الوليدة

الخرطوم: سلفاكير يُحضّر «حكومة انتقالية» تدير الجنوب حتى إعلان الدولة الوليدة
 الخرطوم – النور أحمد النور

اقترب اكتمال فرز أصوات الناخبين في الاستفتاء على تقرير مصير إقليم الجنوب، وأظهرت النتائج الأولية أن إقليم الجنوب أوشك أن يصبح دولة مستقلة، وشرعت القيادة الجنوبية في مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية تستمر حتى إعلان الدولة الوليدة رسمياً في تموز (يوليو) المقبل، كما شرع الرئيس عمر البشير في اتصالات لتشكيل حكومة موسعة في الشمال عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة.

وأظهرت النتائج الأولية لعمليات الفرز الخاصة بالاستفتاء على مصير جنوب السودان تأييد 98.6 في المئة من المقترعين الانفصال وتشكيل دولة مستقلة عن الخرطوم، بينما اقتصرت نسبة التأييد للوحدة على 1.4 في المئة، وذلك بعد فرز غالبية الأصوات، وفق مفوضية استفتاء جنوب السودان المشرفة على العملية.

وقال وزير العدل محمد بشارة دوسة إن عضوية الجنوبيين في البرلمان الاتحادي ستسقط عقب إعلان انفصال جنوب السودان، مشيراً إلى أن مشاركة الجنوبيين ستستمر في مؤسسات الدولة الأخرى.

وذكر أن الحكومة العريضة التي طرحها البشير أخيراً لا تشمل استيعاب المعارضة في مقاعد البرلمان التي سيخليها النواب الجنوبيون حال الانفصال، ولمح إلى إمكان تقليص مقاعد البرلمان عبر تعديل مادة دستورية متعلقة بعدد عضويته، أو تكملة النقص بإجراء انتخابات تشرف عليها مفوضية الانتخابات في الدوائر الشمالية التي كان يمثلها نواب جنوبيون.

وأشار إلى حتمية تعديل الدستور عقب انقضاء الفترة الانتقالية المنتهية في التاسع من تموز (يوليو) المقبل مباشرة، أو بعد شهر، بمشاركة القوى السياسية. وقال: «ليس هناك نص دستوري واضح في شأن الوزراء الجنوبيين كما هو بالنسبة للبرلمانيين، لذلك فإن الأمر شأن سياسي متروك للرئيس البشير، لأن الوزارات تنشأ بمرسوم رئاسي وليس بنص دستوري»، لافتاً إلى أن وضع النائب الأول للرئيس سلفاكير ميارديت متروك إلى تقدير البشير، مؤكداً أن ليس ثمة نص دستوري يحتكم إليه في شأن سلفاكير.

وعلم أن خبراء قانون نصحوا البشير بإقالة نائبه الأول سلفاكير ووزراء الجنوب في مجلس الوزراء وأعضاء البرلمان وحل المحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات فور إعلان نتيجة الاستفتاء باعتبار أن استمرار سلفاكير في منصبه يقيّد سلطات الرئيس في اتخاذ قرارات مهمة يقتضي الدستور الانتقالي مشاورته فيها مثل إعلان حال الطوارئ.

وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن حزب «المؤتمر الوطني» بزعامة البشير بدأ في إجراء اتصالات مع قوى سياسية لتشكيل حكومة موسعة عقب إعلان نتائج الاستفتاء تستوعب قوى سياسية أخرى. ويركّز الحزب الحاكم على الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني. وكانت قوى المعارضة الشمالية طالبت بحكومة انتقالية عقب انفصال الجنوب لإعادة هيكلة الدولة وصوغ دستور جديد للبلاد.

في غضون ذلك، حذّر عدد من قادة الأحزاب السياسية في الجنوب من انفراد «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بالسلطة في الإقليم، في حال انفصاله عن الشمال.

وقال الأمين العام لحزب «جبهة الإنقاذ الديموقراطية»، ديفيد بيل، إن أي نكوص عن مقررات مؤتمر الحوار الجنوبي – الجنوبي الأخير في جوبا سيكون عاملاً أساسياً لعدم الاستقرار السياسي في الجنوب.

وأعرب رئيس حزب «الجبهة الديموقراطية المتحدة»، بيتر عبدالرحمن سولي، عن تفاؤله بتشكيل حكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة في الجنوب في حال انفصاله عن الشمال، مشيراً إلى أنه يتوقع من «الحركة الشعبية» الوفاء بوعدها بحكم المسؤولية التاريخية.

وكان مؤتمر الحوار الجنوبي – الجنوبي الذي عقد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في مدينة جوبا أوصى بحكومة انتقالية تضم كل الأحزاب في الجنوب تمهد لإجراء انتخابات ومراجعة الوضع الدستوري للإقليم إذا جاءت نتيجة الاستفتاء لمصلحة الانفصال عن الشمال.

وأفيد بأن سلفاكير لا يرغب في تشكيل حكومة انتقالية عقب اعلان نتائج الاستفتاء الشهر المقبل ويسعى إلى حكومة موسعة عقب ولادة الدولة الجديدة، الأمر الذي ترفضه قوى جنوبية.

ودعا مستشار رئيس حكومة جنوب السودان جوزيف لاغو إلى تسمية الدولة الجديدة المحتملة باسم «جنوب السودان»، مطالباً باعتماد ما وصفها بـ «سياسة توازن القوى» بين طرفي السودان.

وقال لاغو في مؤتمر صحافي في جوبا إن تسمية الدولة الجديدة بالجنوب ستجعل الباب موارباً لأي وحدة محتملة مع الشمال مستقبلاً، مشيراً إلى أن سياسة توازن القوى تساهم في الاستقرار والسلام، مشدداً على ضرورة منح شعور الانتماء لكل مواطن.

من جهة أخرى، استبعد عصام نجل زعيم حزب «المؤتمر الشعبي» المعارض حسن الترابي أن تفرج السلطات الأمنية عن والده خلال الفترة القليلة المقبلة. وقال عصام الذي سمح له بزيارة والده المعتقل في سجن كوبر في شمال الخرطوم إن والده «ينظر الى الاتهامات التي توجهها السلطات الأمنية له بتحريك الشارع وتدبير اغتيالات سياسية على انها محاولة من النظام لإبعاده وإجهاض محاولة الإصلاح في البلاد».

وأكد نجل الترابي أن والده بحالة صحية جيدة على رغم المعاملة السيئة التي يتعرض لها من الأجهزة الأمنية خلال اعتقاله، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من رؤية والده بسهولة.

وأضاف أن والده المريض بارتفاع ضغط الدم مسجون في زنزانة انفرادية، وانه لم يُحقق معه أو يُستجوب من أي جهة على رغم فداحة المزاعم والتهم التي تحدثت عنها السلطة، موضحاً أن طبيبه مُنع من زيارته، وان ظروف اعتقاله تختلف عن سابقاتها هذه المرة مشيراً إلى أنه عُزل عن العالم الخارجي ومنعت عنه الصحف ومشاهدة التلفزيون وسماع الراديو فضلاً عن منع الأوراق والأقلام، بل منعوا عنه هذه المرة حتى المرآة والمقص و «مقلمة الأظافر»، وزاد ساخراً: «وكأن الشيخ الترابي سينتحر».

وكان الترابي قال قبل يوم من اعتقاله «ان قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس أمر مرجح». وحضت الإدارة الأميركية الحكومة السودانية على إطلاق المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم في الآونة الأخيرة، بحسب ما قالت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن سوزان رايس.

دارفور

في غضون ذلك، تضاربت روايات الخرطوم ومتمردين في شأن مواجهات وقعت في إقليم دارفور خلال اليومين الماضيين. وقال الجيش إنه قتل 13 من مقاتلي «حركة العدل والمساواة» و «حركة تحرير السودان» (جناح مني اركو مناوي) في معركة دامت اربع ساعات في منطقة منواشي وكدينر على طريق نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور والفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وقال الناطق باسم الجيش المقدم الصوارمي خالد سعد إن قوة صغيرة من الجيش تحركت من محطة منواشي إلى محطة كدينر في إطار عملها الروتيني الرسمي وتعرضت لمكمن مدبر من قوات «حركة العدل والمساواة» وجناح مناوي في «حركة تحرير السودان» وبعض «قطّاع الطرق». ونوه الصوارمي إلى أن الجيش فقد 8 من الجنود. وقال إن الجيش يجري حالياً عمليات تمشيط واسعة النطاق بحثاً عن بقايا القوة المهاجمة، لافتاً إلى أن هذه المعركة انجلت في الساعات الأولى من صباح الجمعة.

كما قالت «حركة تحرير السودان» بقيادة عبدالواحد النور إنها اشتبكت مع لواء من الجيش السوداني في منطقة جبرة على بعد 50 كيلومتراً شمال شرقي نيالا، وهزمت القوات الحكومية وأجبرتها على الفرار. وقال الناطق العسكري باسم الحركة نمر عبدالرحمن إن قواته دمّرت في تلك المعركة 6 سيارات واستولت على 7 سيارات أخرى محملة بعتاد عسكري، مشيراً إلى أن القوات الحكومية كانت تحاول العبور من منطقة جبرة الى جبل مرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *