الخرطوم تعرض على الجنوب «اتحاداً بين دولتين» … وحشود في أبيي تُهدد بإشعال حرب

يرفعون علم جنوب السودان في جوبا عشية الاستفتاء-رويترز
يرفعون علم جنوب السودان في جوبا عشية الاستفتاء-رويترز

الخرطوم تعرض على الجنوب «اتحاداً بين دولتين» … وحشود في أبيي تُهدد بإشعال حرب
الخرطوم – النور أحمد النور
 
الاستخبارات السودانية تكشف «حوارات» مع متشددين لـ«تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة»
جنوب السودان يواجه أوضاعاً اقتصادية هشة بعد الانفصال
شماليون يرفضون مغادرة الجنوب بعد الانفصال

أقر شريكا الحكم السوداني، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أمس أن انفصال جنوب البلاد عبر الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم المقرر غداً الأحد بات واقعاً، وأبديا رغبتهما في حدود مرنة ومفتوحة وتعاون سياسي وأمني واقتصادي بينهما، أملاً في إمكان توحدهما مستقبلاً. لكن الخلاف في شأن مستقبل منطقة أبيي يهدد بنسف الهدوء، وسط معلومات عن حشود من الطرفين في المنطقة.

وقال مسؤول الشؤون السياسية في «المؤتمر الوطني» إبراهيم غندور ووزير شؤون مجلس الوزراء القيادي في «الحركة الشعبية» لوكا بيونق في مؤتمر صحافي عبر الإذاعة السودانية أمس، إن هناك رغبة مشتركة من حزبيهما بإقامة علاقة وثيقة بين السودان ودولة الجنوب المرتقبة، بعدما بات انفصال الجنوب أمراً واقعاً.

وقال غندور إن حزبه يتطلع إلى «اتحاد» بين شمال السودان وجنوبه عبر دولتين تربطهما مصالح مشتركة وحدود مفتوحة يجري تبادل المنافع عبرها بدل تصدير المتاعب لكليهما، موضحاً أن نحو 12 مليون مواطن من الشمال والجنوب ينتشرون على جانبي الحدود. لكنه تمسك بحقوق قبيلة المسيرية العربية في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الطرفين، مشيراً إلى أن أي حل لا يُرضي جميع الأطراف في المنطقة سيؤدي إلى نتائج كارثية.

أما بيونق، فكشف أن دراسة أعدها مركز بحثي استطلع فيها 600 أسرة جنوبية أوضحت أن 93 في المئة من الجنوبيين مع انفصال الإقليم عن الشمال، ودعا إلى علاقة قوية بين الشمال ودولتهم الجديدة، لافتاً إلى أنهم سيسعون إلى اتفاق دفاع مشترك وتعاون أمني وسياسي واقتصادي، وأكد حرصهم على استخدام بنية النفط في الشمال لتصدير نفط الجنوب عبر الموانئ على البحر الأحمر.

لكن بيونق حذّر من أن النزاع على منطقة أبيي يُمكن أن يعيد المواجهات بين الشمال والجنوب، مبيّناً أنهم لن يدخلوا في محادثات لتسوية القضايا المرتبطة بترتيبات ما بعد الاستفتاء التي تشمل المواطنة والجنسية والحدود والنفط والمياه والديون الخارجية في حال لم يتم الاتفاق على مستقبل منطقة ابيي. وأضاف أنهم حريصون على استمرار الرئيس عمر البشير في الحكم عقب الاستفتاء لضمان السلام والاستقرار في الشمال باعتباره من وقّع على اتفاق السلام وأوصله حتى نهايته، ورأى أن ضعف الشمال أو اضطرابه ليس من مصلحة الجنوب، والعكس صحيح.

وفي السياق ذاته، أشاد الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر الجمعة بعمل مفوضية الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب وتغلّبها على «الصعوبات الكبرى» التي واجهتها في الإعداد للاستفتاء المقرر غداً.

وقال كارتر الذي يراقب مركزه استفتاء الجنوب عقب محادثات مع رئيس المفوضية محمد إبراهيم خليل ورئيس لجنة حكماء أفريقيا رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي: «لقد واجهوا صعوبات كبرى مع تأخر اختيار الأعضاء ومع مشاكل في التمويل. لذلك نسعد بتهنئة الدكتور خليل وفريقه».

وعن إمكان تجدد العنف إذا ما اختار جنوب السودان الانفصال، قال كارتر إن التصريحات الأخيرة للرئيس السوداني عمر البشير أشعرته بالاطمئنان. وقال كارتر: «قبل شهر كنا نشعر بقلق شديد. إلا أن التطورات الأخيرة كانت مشجعة جداً وخاصة تعليقات الرئيس البشير»، مشيراً إلى أن «تقديراتنا الحالية لعملية الاستفتاء ايجابية جداً». وكان البشير قال خلال زيارته جوبا، عاصمة الجنوب، إنه سيرحّب بقرار الجنوبيين أياً كان.

ومن المقرر أن يلتقي كارتر البشير اليوم السبت قبل توجهه إلى جوبا غداً الأحد.

أبيي: المسيرية

وفي تطور خطير، كشفت معلومات أمس أن قبيلة المسيرية العربية التي ترعى بمواشيها في منطقة أبيي، دعت الى لقاء حاشد اليوم السبت في معقلها في منطقة المجلد في ولاية جنوب كردفان بعدما استدعت قيادات من بينهم بعض المسؤولين في الحكومة ومقاتلين من أبنائها من الخرطوم وسط توتر عقب تلقي القبيلة معلومات عن أن قبيلة دينكا نقوك الأفريقية التي تقطن أبيي تستعد لاتخاذ خطوة من جانب واحد لفرض أمر واقع عبر إعلان ضم المنطقة إلى الجنوب، في خطوة متزامنة مع استفتاء الجنوب.

وقال مراقبو الأمم المتحدة إن القوات المسلحة الشمالية وقوات «الجيش الشعبي» في الجنوب تنتشر بكثافة قريباً من منطقة أبيي، وإن آلاف الجنود من الجانبين يقفون بمواجهة بعضهم البعض، وهم مستعدون للهجوم في حال صدور الأوامر بذلك.

وقال وزير التعاون الدولي الهولندي بن كنابن، الذي زار المنطقة: «الأهالي في أبيي يشعرون أنهم تُركوا لمصيرهم مرة أخرى. يكفي عود ثقاب واحد لإشعال الحريق».

وكان مقرراً أن يجرى استفتاء في منطقة أبيي في شأن ما إذا كانت ستبقى في وضع استثنائي ضمن الشمال أو الانضمام إلى الجنوب، لكن شريكَي الحكم أخفقا في التوصل إلى تشكيل اللجنة التي ستشرف على الاستفتاء في المنطقة، وكذلك مَن له حق التصويت.

إلى ذلك، أكد تقرير للتلفزيون الإسرائيلي أن عدداً من اليهود المنحدرين من أصول سودانية يطلبون المشاركة في استفتاء تقرير مصير الجنوب. وقال التلفزيون في إطار تقرير له نشره عبر موقعه عبر الإنترنت، إن هجرة الكثير من اليهود السودانيين من المناطق الجنوبية في السودان لا تعني انفصالهم عنها، ولكنهم ما زالوا جزءاً لا يتجزأ من هذا الوطن، وهم يطالبون بضرورة المشاركة في حسم مصير السودان مثل أي سوداني.

وكان بعض من هؤلاء اليهود يزعمون أنهم عاشوا في المناطق الجنوبية لسنوات طويلة، وبالتالي من حقهم التصويت مع بقية الجنوبيين في الاستفتاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *