البداية الجديدة وافاق التغيير

البداية الجديدة وافاق التغيير
تشهد الساحة السياسية السودانية تطورا نوعيا متقدما في برامج و اليات العمل الثوري المناهض لنظام الجبهة الإسلامية وزبانيته ممن جعلوا من الدين وسيلة يبتغون بها السلطة وصناعة القرار ، وبئس به من قرار أبادوا به الأبرياء واغتصبوا النساء وقسّموا به البلاد .

إتضح هذا التطور جليا في ( نص إعلان البداية الجديدة ) لحركة جيش تحرير السودان ،والذي يتضمن عدد من النقاط  تستوقف العديد من نُشطاء الحراك السياسي بالسودان ومن ذوي الإهتمام بالشأن السوداني ، ولعلني أُحاول أن أتطرق للبعض منها :-

أولا :
أفصح الإعلان عن توجه الحركة وعن الأهداف المُحددة الواضحة التي تعتزم الحركة تثبيتها وإقامتها وتطبيقها ، والمتمثله في الظام العلماني الديقراطي الليبرالي الفدرالي ، وهذا ما عجزت الأحزاب السودانية قاطبة عن الإفصاح به بصورة فعلية مُتجردة أو بفلسفه أيدولوجية واضحة . فما كان من الأحزاب السودانية إلا إصابتها لكيان الدولة بالتصدُع والخلل مما قاد الى تكالب المؤسسة العسكرية وقيام الإنقلابات وسيطرة القوات المسلحة على مقاليد الحكم وسياسة الدولة وتقويض النظام الديقراطي . وما كان لذلك أن يحدث اذا ما التزمت تلك الأحزاب بفلسفة سياسية واضحة الأهداف والمبادئ ، فالحزب الذي ليس لديه فلسفة ليس حزبا ، ومهمة الحزب هي توضيح المبادئ التي يسير عليها والطريقة العملية التي تُنفذ بها هذه المبادئ ، كما أن الحزب الذي لا يملك فلسفة قد يكون مصدر خطر على الأمة لأن عضويته تكون وسيلة لتحقيق المطامع والوصول الى الحكم فقط . وهذا ما يُعاني منه السودان .

ثانيا :
وضّح الإعلان إعتزامه لتطبيق مبدأ العلمانية ، نائياَ عن المزايدات والتقّول والإتجار بإسم الدين ، ففي السودان والعالم العربي والعالم الخارجي نجد أن مُعظم الإسلاميين ليسوا تيارا متجانسا ، فمنهم من بقي وعيه باللحظه التاريخيه مُستلبا ومعنيا ولا يزال يعيش لحظة الإسلام الغريب ، ومنهم من يُحاول أن يحيّن أطروحاته وأداءه السياسي وأن يستوعب اللحظة التاريخية ، ويبقى رهان الإنتقال من السرية إلى العلنية ، رهانا صعبا يحتاج إلى مجهود ذهني وقيمي ومعرفي ونفسي كبير . والجدير بالذكر أن الأحزاب الإسلامية بالسودان وأعني تحديدا حزب المؤتمر الوطني لا يُفرق بين وضوح المعاني وميوعتها ، ويقوم بتغليب السياسة على العقيدة والتوحيد ، ويتنادى بإسم الدين وبشرع الله لا لغاية سوى الوصول إلى السلطة وصناعة القرار .

ثالثا :
وضّح الأستاذ / عبدالواحد محمد نور في مُرتكزات البداية الجديدة أن السودان وطن الجميع ، والمسئولية هي مسئولية الجميع ، وهذا ما يؤمن به كل أبناء الشعب السوداني ، وأقصد بذلك عامة الشعب وأغلبيته ، لا صفوة الإنقاذ والجبهة الإسلامية وذوي النفوس المريضة من مُفاخري العروبة
(   الذين يحسبهم من يستمع إليهم أنهم من العرب العاربة وانهم أبناء قحطان أو من بني هاشم        أو قريش  ) ، وفي هذا المرتكز دعوة عامة للإتحاد بين أبناء الوطن الواحد تحت راية السودان الواحد ، وليس حوش بانقا أو دار جعل أو غيرها من مُسميات الجهل والجاهلية !

رابعا :
وضح الإعلان مُناشدته لكافة أبناء الشعب الواحد للتحالف من أجل التغيير المنشود وكيفية والية العمل من أجل ذلك التغيير ( سلما أو حربا ) ، فالسلم هو الإبتداء وهو التفاوض والتحاور وفقا لشروط ومُقتضيات التحاور القائمة على الصراحة والوضوح والمرونة والموضوعية و المساواة بين الأطراف ، فلا تعالي ولا تعتيم ولا مُراوغة وأكاذيب ومهاترات وضحكات صفراء ولا إمــلاء لشروط ، فالوطن وطن الجميع وبنفس القدر والكل شُركاء . أما الحرب فحيث اللا سلم تكون هي لغة الحوار .

ان الحاكم الظالم ؛ تخلقه الشعوب بسكوتها، وتغاضيها عن تجوزاته، وسرقاته، وتماديه باهدار
حقوقهم، التي يكفلها الدستور وينص عليها  القانون. وعدم الوقوف بوجه وتحذيره من مغبة التمادي، ونهب اموال وحقوق الشعب. دون رادع من ضمير، ولا خوف من رقيب. فبات يعيش في الارض فسادا، بعد ان اطمئن على ان سامعه قد تربى على كلمة نعم. وان كلمة لا، قد حذفت من قاموسه تماما. وبهذا وحده يرتفع سياج الظلم عاليا، وتبدا خطوات الدكتاتورية لرسم خطواتها الاولى.

والظلم يتجلى بكل وضوح. . عندما تضيع الحقوق، و يطفو منطق الغطرسة، والاستعلاء على السطح من قبل القلة القليلة. ويبدا مبدا التهميش، في ظل غياب العدل والانصاف، والمساواة، في توزيع ثروة البلد، والمشاركة في السلطة. واختصارها على فئة قليلة، محسوبة على نظام سلطوي، يهيمن على كل ما للبلد من مقدرات، بالحديد والنار. فيبدا بظلم الرعية، كي لا تعترض . وتبقى مستسلمة لرغباته الدنيوية. والظلم اكثر قساوة من كل شيء. خاصة اذا كان طرفه الحاكم الظالم .

إن البداية الجديدة لنعم البداية ونعم الطريق لكافة أبناء السودان نحو تغيير شامل يُعيد للسودانين إسمهم الذي تبعثر وتشظى عبر متاهات الإنقاذ وأنفاق المؤتمر الوطني المُظلمه . وإستجابة القدر لإرادة الشعب السوداني باتت على مرمى حجر .

د.محمد الفاضل عبدالله
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *