الاتحاد الأفريقي يجيز توصية من لجنة الحكماء لإنشاء محكمة جنائية

قمة مجلس الأمن الأفريقي اعتمدت آلية أفريقية للمراقبة في الإقليم تضم السودان ودول المنطقة
اعتمدت قمة مجلس الأمن والسلم الإفريقي، التي انعقدت في العاصمة النيجيرية أبوجا، تقرير لجنة «حكماء إفريقيا حول الأزمة في إقليم دارفور»، ومن أبرز توصياته تشكيل محكمة جنائية جديدة لمجرمي دارفور، تتكون من قضاة سودانيين وأجانب.

واعتمدت القمة آلية إفريقية للمراقبة في دارفور، تضم «السودان ودول المنطقة ودول مجلس الأمن والسلم الإفريقي، على أن تبدأ أعمالها اعتبارا من الاثنين المقبل». وتحفظت الخرطوم على هذه التوصية، وقالت إن مقترح تشكيل محكمة خاصة للمتهمين بارتكاب جرائم في دارفور «بحاجة إلى مزيد من المناقشات». ومن الخرطوم بعث 21 من القوي السياسية المعارضة مذكرة إلى القمة تؤيد فيها تقرير لجنة إفريقية باسم « لجنة حكماء إفريقيا» حول الأوضاع في دارفور، باعتبار أن ما ورد فيها أسدى خدمة إلى السودان.

ويضم مجلس الأمن والسلم الإفريقي 15 دولة إفريقية، ورأس القمة الحالية رئيس دولة نيجيريا عمر يارادوا. ومثل السودان في القمة بدلا عن الرئيس عمر البشير نائبه على عثمان محمد طه، وذلك لتفادي أي احتمالات لتعرض الرئيس السوداني للقبض وفقا لقرار المحكمة الجنائية الدولية التي تطلب محاكمته بتهم تتعلق بجرائم الحرب في دارفور. ويرأس لجنة حكماء إفريقيا، ثابو أمبيكي الرئيس السابق لجنوب إفريقيا.

ودعت القمة إلى توسيع وتعزيز نظام المحاكم الخاصة للتعامل مع الجرائم التي ارتكبت في دارفور، وشددت القمة على ضرورة إبراز تقدم سريع في عملية البحث عن السلم والأمن والعدالة والمصالحة في دارفور. وقال مفوض مجلس الأمن والسلم الإفريقي رمضان العمامرة إن المجلس كلف رئيس مفوضية الأمن والسلم الإفريقي بتبليغ الفعاليات كافة بما فيها الحركات المسلحة في دارفور بتوصيات وقرارات القمة. وأضاف أن القمة أيدت انطلاق جولة المفاوضات القادمة في السادس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في العاصمة القطرية الدوحة. ونبه إلى أن مفاوضات سلام دارفور ينبغي أن تكون شاملة بما في ذلك الأطراف المتنازعة بجانب دعم التدابير الواردة في خارطة طريق وضعت للاتفاق السياسي في دارفور. وحض طه في خطابه أمام القمة، حض الأخيرة على التعامل مع ما ورد في تقرير لجنة حكماء إفريقيا باعتباره توصيات يتم التعامل معها من خلال تكليف آلية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي للتعاطي بين الحكومة وبقية الأطراف من أجل تحقيق السلام العادل والدائم في دارفور. وقال إن العدالة مبدأ ثابت تلتزم الحكومة بتحقيقه، وأضاف أن السلام والعدالة والمصالحات تتطلب التعامل معها كحزمة متكاملة حيث تأتي العدالة مكمّلة لتحقيق السلام المستدام بمعناه الشامل وبمتطلباته المتعددة من ترتيبات أمنية ومصالحات وإعادة إعمار وتنمية. وأشار إلى أن ما ورد في التقرير من آلية عدلية جديدة تتمثل في المحاكم المختلطة يقتضي تعريفا دقيقا وشافيا لمدى توافق مبدأ تكوينها مع الدستور ومع مبدأ استقلال القضاء. وقال طه إن الحكومة ستتعامل مع التقرير بعقل مفتوح وبكل جدية، وقال: «لقد كلفني رئيس الجمهورية برئاسة لجنة دارسة التقرير وإعداد التوصيات اللازمة لتحقيق التواصل والحوار مع مفوضية الاتحاد الإفريقي وفريق الحكماء في كل ما من شأنه تحقيق الغايات التي اشتمل عليها تقرير هيئة الحكماء، وأضاف: لقد أورد التقرير عدة توصيات جديرة بالنظر وهي لا شك تستحق منا إشادة كبيرة لما بُذل فيها من جهد». وقال نائب الرئيس السوداني إن «تشخيص التقرير لأزمة دارفور يتجاوز النظرات السطحية والتوصيفات المغرضة للمشكلة». وأشاد طه بدور المجلس في إحلال السلم والأمن في ربوع القارة الإفريقية.

وأبدى طه أسفه لإعطاء بعض الدول الكبرى الشرعية للحركات المسلحة، وفتح عواصمها وإعلامها والكثير من أشكال الدعم. وقال: «لقد أظهر قادتنا في الاتحاد الإفريقي حكمتهم وبُعد نظرهم في الحرص على أن تظل مشكلات قارتنا الإفريقية داخل البيت الإفريقي، وأن يأتي الحل لها إفريقيا وذلك لما يملكه الاتحاد من فهم لطبيعة مشكلات القارة وقدرة على التعامل معها». وأضاف: «على هذا الأساس جاء تكليف ثامبو أمبيكي رئيس لجنة الحكماء للدراسة وتقديم الأفكار والتوصيات التي ترسم المسار نحو حل مستدام لمشكلة دارفور، يستند على تحقيق السلام والعدالة والمصالحة».

من جانبه، دعا الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني، مسؤول ملف دارفور في الحكومة السودانية، ضمن الوفد المرافق لطه، إلى ضرورة تصنيف الحركات الرافضة للتفاوض بأنها إرهابية.

وفي الخرطوم، اتفقت 21 من القوي السياسية المعارضة علي رفع مذكرة إلى قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي المنعقدة في العاصمة النيجيرية أبوجا، اعتبارا من أمس، تؤيد فيها تقرير لجنة إفريقية باسم «لجنة حكماء إفريقيا» حول الأوضاع في دارفور، اقترح تشكيل محاكم مختلطة من قضاة سودانيين وآخرين غير سودانيين لمحاكمة مجرمي الحرب في إقليم دارفور. فيما يتوقع أن يقدم على عثمان طه نائب الرئيس السوداني خطاب بلاده أمام القمة يوضح فيه رأيه حول التقرير المثير للنقاش الشديد في العاصمة الخرطوم. ومثّل طه بلاده في القمة بدلا عن البشير. وكان ناشطون نيجيريون تظاهروا في أبوجا مطالبين حكومة بلادهم بإلقاء القبض على البشير، الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه لها بخصوص جرائم الحرب في دارفور، حال وصله للمشاركة في القمة. وقبيل وصوله أسقط البرلمان النيجيري قرارا بتوقيف البشير إذا ما وصل إلى أبوجا. وطالبت المذكرة القمة بدراسة توصيات اللجنة وإعطائها السند الكامل واللازم لتنفذ في أسرع فرصة ممكنة، فالسودان مرتبط دستوريا بجدول زمني محكم تحديدا بالانتخابات العامة في 2010م وعملية تقرير المصير في الجنوب في 2011م، وجاء في المذكرة: «نحن ـ الموقعين أدناه ـ سنعطي اللجنة كل الدعم الذي تطلبه ونعتقد أن الأفكار المعبَّر عنها في توصياتها ستجد ترحيبا واسعا بين الحركات الدارفورية المسلحة وفي حالة تبني توصيات اللجنة فإنها ستشكل أرضية مناسبة للسلام والعدالة والمصالحة في دارفور وتسهم بالتالي في السلام الشامل في السودان».

واعتبرت المذكرة أن «مجلس السلم والأمن الإفريقي أسدى خدمة جليلة إلى السودان بتعيينه للجنة خاصة بدارفور تضمنت تمثيلا للقارة رفيع المستوي ويعاونها خبراء مقتدرون، وتصديقا لأساس اعتمادها، فإن اللجنة قد قامت بعمل ممتاز لتنفيذ عملها في إطار صلاحياتها زارت السودان أربع زيارات وعقدت اجتماعات عديدة مع كل المعنيين وأجرت اتصالات بالحركات المسلحة وبجيران السودان إضافة إلى اجتماعاتها مع اللاعبين في المجتمع الدولي. لقد كان هذا أشمل تحضير تم لتحقيق السلام في دارفور إذ استغرقت اللجنة فيه ستة أشهر».

وقال الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض في مؤتمر صحافي إن الجميع اتفقوا علي المذكرة التي وصفها بأنها تحمل رؤية الشعب السوداني في القضايا المطروحة، ووصف قضية دارفور بالمهمة لارتباطها بالانتخابات وقضية الاستفتاء، مناشدا مجلس السلم والأمن الإفريقي باتخاذ قرارات في هذا الشأن وطالب المهدي بضرورة لقاء جامع لكل القضايا بما فيها العدالة.

الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *