اغتصاب تابت الاخير… فقه الضرورة يؤدي واجبه

حسن اسحق
قبل اشهر في هذا العام،كشفت الناطقة الرسمية السابقة لبعثة الامم المتحدة اليوناميد بدارفور للعالم التستر علي جرائم الحكومة في دارفور اثناء فترة تواجدها في الاقليم،وذكرت في مقال مطول لها نشرته احدي الصحف الامريكية،ان قوات البعثة المشتركة،لا ترفق في تقاريرها كل تفاصيل الذي يحدث في الاقليم الدارفوري،وتتغاضي عن بعضه،واوضحت ان هناك تواطوء يتم بين رئاسة البعثة في دارفور والحكومة في الخرطوم،ورصدت عدت انتهاكات قامت بها قوات موالية للحكومة تعمدت البعثة عدم رصدها وارفاقها،وطالبت باجراء تحقيق حول تقصير البعثة والتلاعب بالحقائق،وقامت الامم باجراء تحقيق حول ما ذكرته عائشة البصري،الا انه المح الي وجود بعض الخلل والتقصير،وفشل في تقديم من كانوا في فترتها الي المحاسبة والمساءلة.ولم تمر شهور حتي تأكد الجميع ان عائشة البصري كانت علي حق،وكشفت حقيقة البعثة المشتركة اليوناميد،ظهرت بعد حادث الاغتصاب الجماعي في تابت،وقبله قالت البعثة في تصريحات صحفية ان قوة حكومية منعتها للذهاب الي منطقة تابت بولاية شمال دارفور بعد سماع الحادث الذي انتقده العالم اجمع،وعادت الي اعقابها،وبعد مرور ايام من الحدث سمح للبعثة ان تزور المنطقة، لكن برقفة قوة الجيش والامن والشرطة،للوقوف علي الادعاء المزعوم،كما وصفه اخرون،انه ادعاء قابل للصواب ويحتمل الخطأ،وكأن اغتصاب فتاة من دارفور لا يشكل صدمة لاحد،وهناك اغتصاب شهير،كتبت عنه كل الصحف،والفت اغاني،وبعد الزيارة الي تابت برفقة من قاموا بالاغتصاب،صرحت البعثة انها لم تجد يشير الي صيت الحدث،وليس هناك من تعرض للاغتصاب في منطقة تابت بعد مقابلة العديد من سكانها. وكيف يعقل ان يكون هناك تحقيق نزيه وشفاف،والبعثة يرافقها جهاز الامن والجيش والشرطة؟،كيف للضحية ان يتحدث وهو تحت التهديد النفسي والمادي؟ وما الذي يأمن له انه لن يهاجم مرة اخري انتقاما للمعلومات التي سيدلي بها.فبعثة اليوناميد بسلوكها ورفقتها للعناصر الحكومية،كانت تقصد ذلك،وتعمل علي اظهار براءة الحكومة امام العالم،وهي بالفعل تحتاح الي كنس داخلي،واخراج من لهم مصلحة في اخفاء الحقائق من البعثة ،فافراد البعثة من جنود وضابط ،هم رهن اشارة من هم اعلي منهم،ومن هم في الاعالي صامتون متواطئون مع المؤتمر الوطني،كما يتوطوء معه رجال الدين،لان الاغتصاب بحسب عقليتهم نعمة ،عندما تكون (غرباوية)،قالوه هم،وليس من تأليفنا…
لم يكن من المستغرب ان يأتي رد فعل السلطة العنصرية جراء ما حدث في منطقة تابت بولاية شمال دارفور من اغتصابات جماعية،ضحاياه النساء وفتيات صغار وقاصرات،بالنفي والانكار،وهذه ليست اول مرة تحدث فيها جريمة اغتصاب في دارفور منذ اندلاع الصراع المسلح فيها قبل عقد من الزمن،ولن تكون الاخيرة في عهد تطبيق الشريعة،هي نفس الشريعة التي اباحت دماء السودانيين في الجنوب قبل الاستقلال،واباحت دماءهم في مناطق كثيرة كجبال النوبة بولاية جنوب كردفان،والنيل الازرق،ومناطق اخري شرق السودان،ومازالت تبيح الدماء وتمارس الاغتصاب كسياسة يومية في حربها ضد المدنيين في دارفور،وسياسة قتل المدنيين في جبال النوبة عبر طائرات الانتينوف والسوخوي برميها للبراميل الحارقة،واحداث هيبان الاخيرة شاهد علي سياسة قتل المدنيين في الجبال،واحداث تابت الاخيرة شاهد علي ممارسة الاغتصاب المؤسس له عبر السلطة الحاكمة،وهي خطوات تجد الترحيب والتقدير من اناس في حكومة المؤتمر الوطني يقولون سرا (الغرباوية لو اغتصبت،هذا شرف لها)،هكذا يفكر من هم في السلطة،والاغتصاب ينظرون اليه،علي انه عمل عادي،لايحدث اي تأثير علي المجني عليه،مادام اتي من جانبهم ليس عارا علي الاطلاق. كيف تنظر حكومة المؤتمر الوطني لسياسة الاغتصاب التي تتبعها ؟ هي تنظر له من ناحية عنصرية واضحة لا لبس فيها،قد تعتقل الكثير من الناشطات والمدافعات عن حقوق الانسان في الخرطوم،وغيرهن،وبعد مرور عام علي هبة سبتمبر،اعتقلت ناشطات وناشطين،لكن لم نسمع انهن تعرضن للتحرش الجنسي والالفاظ النابية من جهاز الامن،الذي حاول ان يكبح الشباب كي لا يعيدوا الذكري الي مجراها الاول،واطلق سراح معظمهم قبل العيد بيومين او سمها اطلاق سراح بالتتابع،ونفس الجماعة التي اعتقلت الناشطين والناشطين بنفس العقلية داهمت داخلية البركس للطالبات،واعتقلت العديد منهن،والمفارغة الوحيدة ان اغلب من اعتقلن من داخلية البركس هن من دارفور،واطلق سراح البعض،وحكين عن مأساتهن التحرش من قبل افراد جهاز الامن اثناء التحقيق معهن،والتعرض لهن وتهديدهن،والاساءة اليهن في نفس الوقت،ومحاولة اغراء اخريات العمل معهم كمصادر،وكل هذا يتم في اطار الفرز العنصري الذي يمارس من قبل المؤتمر الوطني تجاه من ينظر اليهم بعين العدو،وعليه ان يترصدهم ويقضي عليهم بكل الطرق…
ان الاغتصاب الذي يحدث يأخذ دائما اطاره العنصري،فصفية اسحق الناشطة التي اعتقلت قبل سنوات من قبل جهاز الامن،وبعد اطلاق سراحها تقدمت بشكوي ان جهاز الامن قام باعتصابها،ان اغتصاب صفية اسحق هو ناتج للتفكير العنصري للمؤتمر الوطني،وانتهاج التفريق،فسياسة الاغتصاب لن يمارسه المؤتمر الوطني اطلاقا،علي خلفية البيئة التي ينتمي اليها الايدولوجية كانت او الاثنية،ولن يغتصب اي ناشطة كانت مهما كانت درجة معارضتها له،لان العرق له الدور الحاسم في ممارسة الصراع السوداني الدائر،قد يغتصب كل النساء من خلفية التمييز الجغرافي الاثني،كما حدث لصفية،والاغتصاب الجماعي في منطقة تابت الاخيرة.اذا لماذا هذا التمييز بالذات؟ قد تعتقل،لكن للتمييز فوائده حتي لا تتعرض للاغتصاب،وحتي الفقه الاسلامي الذي اجاز الربا في عهد الشريعة القاتلة،قد اجاز سرا اغتصاب نساء وفتيات وقاصرات دارفور،واين مجمع الفقه الاسلامي؟ واين هيئة علماء المسلمين ؟ التي تطالب بحظر الواتساب والفيسبوك؟ واين هم من جرائم الاغتصاب التي تنتهج في دارفور،الم يسمعوا ان القوات الحكومية والقوات التابعة تقوم بذلك؟،تجد هذه الهيئة تؤيد ترشيح البشير للرئاسة،وتصفه بالقوي الامين؟ اذا كانت تتابع وتهتم بالشأن الداخلي،عليها ايضا تنظر وتبدي رأي واضح في الذي يحدث من موت كل يوم في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور،هذا السكوت من جانب هيئة علماء السودان او المسلمين ومجمع الفقه الاسلامي،له مبرر واحد لا غير،ان الاغتصاب الذي يمارس في غرب السودان تجاه النازحين،وجد ترحيبا منهم في السر،هؤلاء المخلوقات الدينية تنتقد موت السنة في سوريا،وتدين تدخل فرنسا في افريقيا الوسطي،وتتهمها بالانحياز الي المسيحيين،وتخرج الي الشوارع لمناصرة غزة،لكن لم اسمع يوما ان اسرائيل الذي سمعنا عنها،مالم يقل مالك في الخمر،اغتصبت فتاة او امرأة او قاصر فلسطينية،فالعقل الاسرائيلي الذي يوصف لنا في الاعلام الداخلي،هو عقل المؤتمر الوطني بمؤسسته الدينية وسواقطها من هيئات تأتي عندما يطلب منها،كلهم يواقفون علي الاغتصاب الذي يحدث،والا لماذا هذا الصمت الغريب.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *