على ابوزيد على
فى مقال الاسبوع الماضى بعنوان بناء استراتيجية المنظمات الوطنية استعرضنا مهام المنظمات الانسانية ودورها فى مجالات العون الانسان والعون المدنى والحقوقى وتناولنا الانجازات التى حققتها منظماتنا الوطنية فى مجالات الطوارئ استنادا للخبرات العالية التى اكتسبتها بسبب عدم الاستقرار ونتيجة للحروب الداخلية التى لازمت السودان ما قبل الاستقلال واشرنا الى تنامى الوعى فى مجالات العون المدنى والحقوقى نتيجة تدويل مشاكل السودان والاهتمام العالمى باوضاع حقوق الانسان فى كل دول العالم والتى عضضتها مجموعة المواثيق والمعاهدات التى وافقت عليها كل دول الامم المتحدة
رأينا من قراءة الموروثات الخبراتية والتطورات على الساحة الوطنية ومواكبة للحداثة الفكرية ضرورة تبنى المجتمع والدولة لاستراتيجية تحقيق اهداف التنمية والاستقرار ولتحقيق فعلينا ان نعيد النظر فى السلوك الوظيفى والمؤسسى فى ادارة العمل الطوعى الانسانى ومراجعة القوانين التى تقعد العمل الطوعى عن القيام بتطوير قدراتها فى المهام الانسانية باستقلالية وحيادية والانتماء للوطن وليس للحزب الحاكم او الحركة والاحتكام لمؤسسات الدولة العدلية والامنية وليس لقوانين الاجهزة الخاصة المتوجسة و التى ترسم للمنظمات خططها ونشاطاتها لتصبح شبيهة بالوزارات والهيئات الحكومية
فى غير هذا المجال وقبل بضع سنوات كتبت عن احقية المنظمات الانسانية الوطنية فى ادارة شئونها واختيار االيات التىتنسق بينها من جهة وبينها والمؤسسات الحكومية ذات الصلة او الخارجية المعنية بالعمل الانسانى وترفع من كفاءتها المهنية وان تخضع المنظمات للقانون العام والرقابة الامنية والعدلية الطبيعية وتحقيق استقلاليتها عن القبضة الوظيفية الرسمية وذلك بمرجعية توصيات الخبراء فى قيادة المجتمع للدولة التى تبناها السيد النائب الاول لريئس الجمهورية السابق وللتذكرة بتلك التوصيات فمن بينها مشاركة المنظمات الطوعية فى اختيار مفوض العون الانسانى ليقوم بمهام التنسيق بينها والاجهزة الرسمية ومشاركة جمعيات الصداقة الشعبية فى اختيار رئيس المجلس
الفقرة السابقة اشارت بايجاز لبعض المعوقات التى تضعف دور المجتمع المدنى والمنظمات الانسانية غير الحكومية فى الابداع المستقل والتطوع لخدمة الانسان
وان تطور نفسها بدفع المجتمع وموروثاته وقيمه المنتجة للتراحم والنهضة والتطورومن خلال استعراضنا السابق اكدنا الخبرات والتجارب الناجحة التى اكتسبتها منظماتنا الوطنية فى مجالات العون الانسانى وحالات الطوارئ بصفة اساسية وقد ان الاوان لهذه المنظمات ان ترنو نحو البناء والتنمية الاجتماعية والاقتصاديةفى خطوات متقدمة من تقديم العون الاغاثى والفرصة متاحة الان بعد توفر بعض من اسبابها مثل الرغبة والظروف المهيئة لعودة النازحين الدارفوريين الى مناطقهم الاصلي وبالضرورة فان الحاجة الى اعادة الاعمار وتاهيل ما دمرته الحرب من بنى اساسية ومؤسسات خدمية مدخل للمنظمات للمشاركة بالجهد الطوعى فى مشروعات اعادة الاعمار والتنمية مع المانحين او مع المنظمات الاممية والدولية او المشروعات الحكومية الاتحادية ام الولائية او بما تقدم هذه المنظمات من افكار ومشروعات وتستقطب لها الدعم المجتمعى
ايضا تتوفر الفرص لمنظماتنا الوطنية لتنفيذ مشروعات اقتصادية فى مجالات الانتاج والصناعات التحولية من الموارد الطبيعية فى المنطقة وتطوير المنتجات الاولية الخام فى المجال الزراعى والحيوان بوسائل التمويل الاصغر والصناديق الدوارة فى مشروعات محاربة الفقر ومشروعات الاسر المنتجة التى سبق ان تناولتها فى مقالين سابقين شملت بعض من التجارب الناجحة لمنظمات الدعم الاجتماعى (حالة الهيئة الاسلامية الخيرية الكويتية –مكتب السودان) مثالا
ومن بين الوسائل لتزكية العمل الطوعى الخيرى بين مجتمعات العودة الطوعية العمل على تكوين الجمعيات والمنظمات الطوعية والخيرية فى القرى والدمر التى يعود اليها النازحون ونشر ثقافة التطوع بين السكان والمشاركة الجماعية فى المشروعات الانتاجية والخدمية (مثال مشروع نجيب سايروس بمصر للاسر الفقيرة فى تعبئة الشاى والكركدى..الخ)
والمحور الثانى فى تطوير استراتيجية المنظمات الوطنية هو محور العون المدنى والحقوقى وقبل تناول هذا المحور ثمة ما يدعو للتفسير بشأن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان والعون القانونى والحريات من جانب ومهام المنظمات الانسانية التى لاتمارس العمل السياسى من جانب ونذكر بما جاء فى افتتاحية مقال الاسبوع الماضى بان المنظمات الانسانية الطوعية لا تنافس للوصول للحكم شأن الاحزاب ولكنها تعمل من اجل الحكم الراشد وتمكين حقوق الانسان فى الدولة
الديمقراطية والحريات التى تعمل المنظمات لترسيخها تهدف الى صيانة السلام الاجتماعى بتحقيق ارادة الشعب وتعنى المشاركة الحقيقية فى اختيار نظام الحكم ومن يمثل الشعب بوسيلة الانتخابات الحرة النزيهة ان عمل المنظمات فى هذا المجال لتاكيد الاستقرار السياسى بديلا للنزاعات والحروب الاهلية والكوارث الاانسانية التى تفرزها النزاعات المسلحة
ان عمل المنظمات الطوعية فى مجالات حقوق الانسان تهدف الى الحفاظ على انسانية الانسان وكرامته وتمتعه بالحياة دون سخرة او عبودية اوامتهان وحماية المجتمع من الاستبداد الايدولجى والعرقى التى تؤدى الى تدمير القيم التى اكتسبتها البشرية والتى ميزته لسيادة الحياة الحياة التى على كل البشر الحفاظ عليها فالعالم سفينة ان عبث احد فى دولته غرقت السفينة بالجميع
تلك المفاهيم فى عموميتها تعنى بالانسان دون تمييز لعرقه او دينه او ثقافته والمنظمات الانسانية جاءت لحماية الانسان وتحقيق رفاهيته وتعزيز وحماية حقوقه وحرياته الاساسية وهى معنية برشد وحاكمية الانظمة وشرعيتهاالممثلة لارادة الشعب وحريته فى اختيار نظام الحكم ومن يحكم
ان الظروف التى يمر بها السودان يتطلب تطوير وتنمية استراتيجية منظماتنا الوطنية فى مجالات العون المدنى والحقوقى الملازم للسلام الاجتماعى والمؤدى لايقاف الحروب الداخلية فى عدد من ولايات السودان والفرصة سانحة لتطوير قدرات المنظمات الوطنية بالتدخل الداعم لتوجهات الوفاق الوطنى من خلال الية الحوار الوطنى الشامل ومتطلبات نجاحاته من ايقاف الحروب واطلاق الحريات والاصلاح الشامل الذى يحقق كرامة ورفاهية الانسان السودانى
ولله الحمد
[email protected]