ازمة المستقلين تهدد الحركة الشعبية
اعلان بعض الاعضاء فى الحركة الشعبية عن ترشحهم كمستقلين فى الانتخابات القادمة سيمثل نقطة ضعف كبير للحركة الشعبية فى الانتخابات العامة المزمع اجراءوها فى ابريل القادم . جاءت هذه الرغبة بعد اعلان المكتب السياسى للحركة اسماء مرشحى الحركة الشعبية فى جميع المستويات للانتخابات . ترشيح بعض المرشحين من قبل المكتب السياسى اثارت ردود فعل كثيرة من جماهير الحركة الشعبية فى الولايات الجنوبية ، وخاصة فى جونقلى وشمال بحرالغزال واستوائية الوسطى والوحدة .
اعتبر جماهير الحركة الشعبية فى تلك الولايات ترشيح المكتب السياسى للمرشحين بانه خروج عن اسس الديمقراطية التى تنادى بها الحركة الشعبية نهارا وليلا لمدة عقدين ، بحجة ان هولاء المختارين من قبل المكتب السياسى ليسوا محبوبون وانما فاسدين ولصوص لم يحققوا اى تنمية منذ توقيع السلام فى الجنوب .
ومن ابرز هولاء المرشحين من قبل المكتب السياسى لمناصب الولاء هم ملونق اوان لشمال بحرالغزال وكوال منيانق لجونقلى وكلمنت وانى لاسوائية الوسطى وتعبان دينق للوحدة ، كما توجد منافسين لهم من ا عضاء الحركة الشعبية الذين اعلنوا خوضهم للانتخابات كمستقلين بعد ان قدموا استقالاتهم لقيادة الحزب . فى شمال بحرالغزال يقول المواطنين بانهم لم يصوتوا لمرشح الحركة الشعبية وانما سيرشحون اللواء متقاعد داو اتورجونق قائد سابق لسلاح المدفعية لجنوب السودان ، واستقال من منصبه قريبا لخوض الانتخابات لمنصب والى شمال بحرالغزال .
تدنى التنمية والخدمات الصحية والتعليمية وشح مياه الشرب ونقص الغذاء والاعتماد على المنظمات الدولية فى المعونات الغذائية منذ توقيع السلام وحتى الان افقد الشعب الجنوبى الثقة فى الحكام الولايات الجنوبية الحالية ، لذلك يتطلعون للتغيير هولاء الولاء فى انتخابات ابريل القادم . يقول المواطنين فى شمال بحرالغزال بانهم صبروا كثيرا على القيادة الحركة الشعبية فى اختيارها فاسدين ومختلسين ، وقد حان الوقت لهم ليختاروا من يرونه مناسبا لتحقيق امال الشعب . وهكذا الحال مع بعض الولايات الجنوبية الاخرى .
المرشحين المستقلين هم الاوفر حظا لاكتساح الانتخابات فى اغلب الولايات الجنوبية لمناصب الولاء واعضاء المجالس المحلية وبرلمان جنوب السودان ، لان المكتب السياسى للحركة الشعبية رفض ترشيح اعضاء الذين يحظون بالشعبية فى ولاياتهم واختار الذين لهم اصدقاء فى المكتب السياسى .
اختيار المرشحين فى المكتب السياسى فيه بعض المخالفات وهذا ما اكده باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية فى الاسبوع الماضى ، ونشره موقع سودان تريبيون . وطالب باقان هولاء الاعضاء باحترام قرار الحركة الشعبية من اجل وحدة الحزب .
وكان باقان قد امهل المستقلين مهلة زمنية للتراجع عن قرارهم وانتهت فى 13 يناير الحالى دون ان يتنازل المرشحين المستقلين مما دعا الحركة الشعبية لفصل هولاء من الحزب باعتبارهم مخالفين ومنعتهم من استخدام شعارات الحركة فى حملاتهم الانتخابية .
هذه الازمة السياسية ستعيد الجنوب الى مربع عام 1991 اذا لم تقوم الحركة الشعبية بادارتها بطريقة واعية كاتاح مجال وحرية لهولاء المستقلين ليقوموا بحملة انتخابية دون تعجيزات امنية . تدخل حكام الولايات بصلاحياتهم الامنية ضد حملات الانتخابية للمستقلين واحزاب جنوبية اخرى سيزيد رقعة الحروب القبلية فى الجنوب وسيفشل الانتخابات والاستفتاء الجنوبى فى العام القادم .
فى شمال بحرالغزال قامت سلطات الولاية بمنع حملة انتخابية لمرشح المستقل داو اتورجونق والتى كانت متوقع قيامها صباح يوم الجمعة الموافق19 يناير ، وقامت السلطات الولاية باعتقال اعلاميين المروجين لحملة المستقلين فى يوم الخميس . شمال بحرالغزال هى ولاية جنوبية الوحيدة التى لم تشهد الاقتتال القبلى بين مواطنيها اوجيرانها منذ عام 1983 بينما ولايات الجنوبية الاخرى التسع مازالت تقاتل بعضها حتى الان . الا ان الانتخابات التى بدات حملتها الان ربما ستعيد اويل الى العنف ، لان والى ولاية الحالى لايهمه ذلك وانما يهمه استمرار حكمه باى ثمن .
من اسباب تدنى شعبية الوالى ايضا هو استخدامه العنف مع المعارضين و تبرعه بمبلغ بليون جنيه لمرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية بغرض كسب نفوذ قيادة الحركة الشعبية للسكوت عن اعماله ضد الانتخابات السليمة . وقد اثار تساؤلات عديدة من المواطنين بان من اين له هذا المال ، وكيف تبرع بهذا المبلغ كاملا دون ان يخصص نصفه كمرتبات للاطباء والمعلمين الذين لم يصرفوا مرتباتهم لاكثرمن سبعة اشهر؟ . ولعل هذا ما جعل عرمان يأجل زيارته لاويل لاقناع مرشح المستقل لمنصب الوالى هنالك للانسحاب لمصلح الوالى الحالى ملونق اوان . ربما يلغى عرمان ودينق الور وربيكا الزيارة لاويل ، او ان يزور عرمان اويل كتعبئة سياسية لدعم ترشيحه للرئاسة ، لان اى دعوة له لاقناع مرشح المستقل لصالح الوالى سيفسر كجزء من صفقة بليون جنية الذى تبرع به الوالى لحملة عرمان الرئاسية .
الولاء الاربع المذكورين اعلاه يخوضون الانتخابات وهم مازالوا فى مناصبهم ، بعد ان قام رئيس حكومة الجنوب باعفائهم بمرسوم رئاسى يوم الجمعة ثم اعادهم الى مناصبهم مرة اخرى كولاء مكلفين ، وهذا فسروا المواطنين بانه يهدف الى دعم هولاء الولاء لاستخدام نفوذهم وسلطاتهم فى الانتخابات لضمان الفوز ، لانهم لايحظون بالشعبية وسط المواطنين . ورغم هذا تعهد المواطنين باسقاطهم مهما كانت صعوبة الادلاء بالاصوات فى الانتخابات .
الانتخابات فى الجنوب تنذر بكارثة هائلة تصب فى مصلحة الشمال والموتمر الوطنى لتفويت الجنوبيين الفرصة على الانفصال او التوحد فى الراى فى حالة وحدة السودان . لذلك على الحركة الشعبية ان تبتعد فى استخدام العنف والتزوير فى الانتخابات ضد المستقلين او احزاب جنوبية اخرى . لان مثل هذا العمل سيضع الحركة الشعبية فى خندق واحد مع الانقاذ ، والحركة الشعبية هى التى عرفت بقيادة نضال لتحرير المهمشين فى الجنوب والسودان ولا يليق بها ان تتحول الى نظام طاغى . فوز المستقلين فى الجنوب هو فوز الحركة الشعبية ايضا ، لان هولاء القادة الذين سيخوضون الانتخابات كمستقلين هم الذين حاربوا فى صفوف الحركة لاكثر من عقدين دون ان يخونوا مبادى الحركة كما حدث لبعض الاعضاء فى الحركة والجيش الشعبى . فوز احزاب الجنوبية هو فوز جنوبى فى بلده ، وقد حاربت الحركة الشعبية من اجل كل جنوبى وسودانى ليتحرر . واذا كانت لاحزاب جنوبية قدرة لاكتساح اغلبية فى برلمان الجنوب عن طريق ديمقراطى ، فعلى الحركة الشعبية ان تقبل الهزيمة وتبارك هذه الاحزاب وتسليمهم السلطة بدون عنف والعودة للصفوف المعارضة الرشيدة لاعادة النظر فى برنامج السودان الجديد لمعرفة اسباب السقوط من اجل النجاح فى انتخابات 2014 ، لان هذه هى الديمقراطية التى تنادى بها الحركة الشعبية . وهذا ما قصده الزعيم دكتور جون قرنق فى رومبيك عام 2005 ، عندما عاد من الخرطوم الى رومبيك وخاطب الشعب قائلا ( حاربنا لمدة واحد وعشرون عاما ، وها نحن اليوم نقدم لكم حرية وسلطة بطبخ من الذهب لتاخذوها لاجيالكم) .
كوات وول وول
[email protected]
البرتا / كندا