حسن اسحق
منذ اصدرت محكمة الجنايات الدولية في في لاهاي بهولندا،مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير بارتكابه جرائم حرب والابادة الجماعية وضد الانسانية في الاقليم بغرب السودان،واشتدت المأساة والكارثة البشرية في عامي 2003و 2004 ،حرقت فيها اغلب قري الولايات الكبري الثلاث من غربها في الجنينة وجنوبها في نيالا وشمالها في مدينة الفاشر،تحولت اطراف المدن الكبري باعتبارها عاصمة للولايات الي اماكن نزوح داخلية ،بعد كل الذي احل بالقري التي تسكنها القبائل ذات الاصول الافريقية ،جئ بقبائل من النيجر ومالي وبعض الموجودة في الاقليم ،باتباع سياسة الاحلال والابدال ،لتغيير الوضعية الديمغرافية للسكان الاصليين، بسكان جدد لخدمة اهداف واجندة الحكومة ذات الميول العروبية الاسلاموية ،وهذا النهج العنصري ساهم ولعب دورا حاسما في استقلال الجنوب،غالبية الجنوبيون يقولون،انهم استقلوا من الاستعمار الداخلي ،بعد خروج المستعمر الاجنبي. اعقب حدث المجازر والتشريد ،موت 300 الف مواطن قتيل حسب تقديرات الامم المتحدة ،ومليوني قتيل ،والرئيس البشير المطارد من قبل ارواح الضحايا،يقول بكل استهزاء وسخرية ،ردا علي قرار اوكامبو المدعي السابق للمحكمة الدولية ،ان عدد الموتي جراء صراع دارفور 10 فقط(بس). حديث رئيس بهذه الطريقة،يفتقد الي المسؤولية والاحترام لاهالي الضحايا في معسكرات النزوح واللجوء الخارجية،وكأن رده علي المدعي السابق ،بهذه الكلمات الجارحة ،من دون ان يضع في اعتباره ،بانه اعلي سلطة تنفيذية في البلاد،مسؤول مسؤولية كاملة امام ضميره واخلاقه اولا والقضاء ثانية ،ولكنه افتقد الاخلاق والضمير معا،عندما استفز اسر واهالي الضحايا ان عدد من توفوا في دارفور 10 الف وليس 300الف ،لان المجتمع الدولي يريد ان يشوه صورة السودان لحرصه وسيره في درب الاسلام. ان المحكمة الجنائية الدولية اصبحت الشبح الذي وضع قيودا علي تحركات الرئيس ،رغم تجاوزات دول لطلب القبض والتساهل معه ،الا ان حريته في الحركة الاقليمية والدولية ليست كسابقتها، كينيا قبل عام مضي طالب قضاءها بالقبض علي الرئيس اذا وطأت قدماه البلاد،اثناء قيام قمة افريقية في اراضيها،تحت الضغط القضائي ومنظمات مدنية ،حولت القمة من نيروبي الي اديس ابابا في اثيوبيا ،وهذا ينبه الي مدي الضغوط التي تلاقيها الدول الموقعة علي ميثاق روما ،المتعلق بجرائم الحرب والابادة الجماعية وضد الانسانية.
قضية المحكمة صارت اشكالية اقليمية ودولية ،وقيدت تحركات صاحب اعلي سلطة تنفيذية في البلاد،وانعكست العلاقات بين السودان وبعض الدول علي المستوي الدبلوماسي ،وبعض الدول التي لها مصالح مع نظام الخرطوم ،تنتقد الجنائية لكسب مواقف سياسية ليس الا،من تقدير للشعوب السودانية صاحبة الحقوق الاساسية في الدعم والمساندة،لان الشعوب باقية والحكام والرؤوساء سيغادرون ان كانوا محترمين ،اوذاهبون الي مزبلة التاريخ ،اذا فسدوا وطغوا وتجبروا،لذا هذه الدول قرأتها خاطئة ،مهماكان ثمن المصلحة من نظام البشير. بهذا السنة الجديدة ستكون السنة الرابعة لصدور مذكرة القبض ،التي اصدرها المدعي العام السابق جوزيه مورينو اوكامبو عام 2009 ولحق به كوشيب واحمد هارون والي جنوب كردفان ووزير الدفاع عبدالرحيم احمد حسين،وقائمة الملاحقة ،لن تتوقف عند الاربعة ،والخائفون من ظهور اسماءهم كثيرون. وطالبت المدعية الجديدة للمحكمة الدولية فاتو بنسودا ،دولتي تشاد وليبيا بالقبض علي الرئيس السوداني الذي حضر القمة الاستثنائية لدول الساحل والصحراء الافريقية التي انعقدت في انجمينا ،لمناقشة قضايا افريقيا السياسية والاقتصادية ،وابرزها ملف الارهاب والتشدد الاسلامي الذي طفح علي السطح مؤخرا،ومالي كانت العنوان الابرز لهذه القضايا التي اقلقت رؤوساء القارة ،رغم مطالبة الجنائية العديد من الدول في التعاون علي قبضه،الا دول منها ،تتماطل ولا تعطي تقدير للامر الصادر والذي يجب تنفيذه في اسرع وقت. وبعد كل هذا تجرأ الرئيس وزار دولا،موقعة علي ميثاق روما الذي يلزم الدول علي التعاون في قضايا مثل هذه. وقبل سقوط نظام القذافي،قررت طرابلس عقد قمة اوروبية افريقية في طرابلس،وكان لباريس موقف صريح ،اذا حضر الرئيس القمة ،نيكولا ساركوزي الرئيس السابق لن يأتي،وكان لمورينو قرار في غاية الوضوح ان عمر البشير سيوضع في قضبان لاهاي . بعد هذه الضغوطات اضطر البشير ان يحترم نفسه،حتي لا يلحق ،بسلفه السابقين من يوغسلافيا السابقة .بالفعل محكمة لاهاي شكلت ضغطا علي القذافي،الذي خرج من الحصار الدولي ،جراء حادثة تحطم طائرة لوكربي في الثمانينيات،كان ضحاياه العشرات من الاوروبيين،ورأي القذافي مصلحة ليبيا،فوق استضافة رئيس يتهم بالابادة الجماعية والتطهير العرقي والابادة الجماعية. واذا اجريت مقارنة بينهما ،القذافي ليس افضل من البشير،علي اية حال.
وكينيا من الدول الافريقية شكلت عقبة امام تحركه ،وقبل عامين قرر قمة افريقية في نيروبي،لكن القضاء الكيني ومنظمات مجتمع مدني ،طالبت بالقبض عليه،اذا حضر اليها ،لذا قرر نقلها الي اديس ابابا. الدولة الافريقية ليست كلها مساندة للسودان ،رغم التعاطف الافريقي الباين. ولندن ارسلت رسالة الي انجمينا ،خلال انعقاد القمة الاستثنائية ،حضوره ينبغي ان يضع في الاعتبار والقبض عليه ضروري ،حتي تهدأ النفوس الغاضبة في اقليم الحرب الي اللحظات الراهنة .فاتو بنسودا رأت اهمال قرارات لاهاي،ستكون داعما للنظام في مواصلته الحرب والقتال في كل اطراف البلاد،والروح السودانية في هذه الفترة العصيبة اهدرت،من دون ان يلقوا القبض علي المجرم والامر بتسليح الموالين،هذه الانفس والارواح المهدرة عمدا وبتعمد ستطارد القاتل الي تلقي به في اقفاص الحكم وتستريح ارواح من فنوا قبل سنوات والموت يلاحقهم حتي الملاجئ .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]