الحزب الشيوعي السوداني من الاحزاب اليسارية العريقة علي مستوي اقليم الشرق الاوسط وقارة افريقيا ومعروف علي اصعدة حركات اليسار في قارات العالم الخمس ومعروف ايضا انه خاض نوع من المعارضات السرية لسلطة الاحتلال الانجليزي والسلطة الملكية المصرية التي كانت تقاسمهم ادارة السودان حتي مطلع العام 1956 واستقلال السودان .
الي ذلك فقد كان الحزب الشيوعي السوداني مصدر ازعاج وخصم عنيد للديكاتوريات العسكرية التقليدية وحكومة الفريق ابراهيم عبود الدكتاتور الذي لم تشفع له امانته وصدقة وانجازاته وادبه الجم وحسن خلقه واسقطه الشعب السوداني في اكتوبر من العام 1964 وقد لعب الشيوعيين دور كبير في الاعداد للثورة عليه عبر العمل النقابي والسياسي والتضحيات المتواصلة .
كان الحزب الشيوعي السوداني يسيطر علي مقاليد الامور وشريك اساسي في بدايات حكومة مايو بعد انقلاب نميري مايو 69 الذي انتهت علاقتهم به بعد عام واحد في يوليو 1971 .
ثم وظف الشيوعيين جهدهم بعد ذلك لمناهضة نظام نميري مدفوعين بروح الثار بعد المذبحة الجماعية واعدام القيادة التاريخية للحزب العريق وظلوا مناهضين لنظام نميري حتي لحظة سقوطه في ابريل 1985.
قبل ظهور الانترنت وزمن المعلوماتية كان يتم تدريب الكادر الشيوعي علي مختلف اساليب العمل الجماهيري والسري واستخدام المنشور السياسي وشعارات الحائط في مناهضة النظم العسكرية.
تغيرت المعادلة بصورة جذرية منذ الثلاثين من يونيو 1989 في اعقاب الانقلاب العقائدي والغير تقليدي الذي نفذتة الجبهة القومية الاسلامية والذي نجح بعد فترة قصيرة من الحكم في تفكيك كل مؤسسات دولة السودان القومية من عسكرية ومدنية ووجه ضربات قاسية للاحزاب والقوي السياسية السودان وفتح امامها الحدود لكي تهاجر هجرة جماعية لاول مرة في تاريخ السودان واستفرد الاخوان بالسودان ومواردة التي في باطن الارض وظاهرها وكل ثروات البلاد علي مدي ما يقارب الثلاثة عقود من الزمان لم يكتب فيها للبلاد الاستقرار والامن والسلام ليوم واحد.
يتلاحظ في هذه الايام وعلي خلفية الدمار الشامل والمستقبل الغامض للبلاد ظهور بعض الرسائل الودية التي تحتوي علي بعض عبارات الملق والمداهنة المبطنة الصادرة عن بعض المجموعات الاخوانية والموجهة للشيوعيين مصحوبة بنوع من العروض والاغراء الغير لائق والغير كريم مثل المطالبة بضم الشيوعيين الي ” اهل القبلة ” بطريقة تنتقص من دينهم وتحتوي علي نوع من الوصاية وتفتيش صدور العالمين ودعوات اخري تطالب باشراكهم في مناصب استشارية لمعاونة جهاز الحكم المعطوب في الدولة شبه المنهارة ولكن هل يفيد الشاة سلخها بعد ذبحها.
والهدف في النهاية نوع من العلاقات العامة واتقاء ” شر” الشيوعيين المستقبلي المفترض في مرحلة مابعد النظام القائم وقدراتهم المعروفة في الانتشار الاعلامي والتوثيق والمتابعة لعمليات الفساد والانتهاكات علي الرغم من كونهم اقلية نشطة ومنظمة.
علي الاسلاميين ان يتحلوا بالواقعية ويتخلوا عن اوهام الطهر والقداسة والقرب من الله اكثر من الاخرين وان يعلموا ان الخطر القادم عليهم لن يكون من الشيوعيين او القوي السياسية الاخري ولكنه يكمن في الواقع الذي صنعوه بايديهم علي مدي عقود طويلة من الاستفراد بالحكم والفساد والاستبداد بطريقة حولت البلاد الي قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظة بطريقة ترشح البلاد لحدوث حالة من الفوضي الانتقامية ونوع من الخروج علي نص التغيير المعتاد اثناء الثورات الشعبية ولن تكون مثل اكتوبر وابريل ابدا ولن يفيدكم دعم سريع او بطئ فماذا انتم فاعلون.
محمد فضل علي .. كندا
[email protected]