الشهيد، د. خليل إبراهيم في ذكرى إستشهاده السادسة .. بقلم: الطيب الزين

التحية للشهيد خليل إبراهيم، في ذكرى إستشهاده السادسة، التي تحل علينا وما زالت بلادنا رازحة تحت حكم الظلم والإستبداد، بل تكاثفت صفحات الظلم والظلام، الأمر الذي يؤكد أن الشهيد حينما طرحه مشروعه، لمعالجة الخلل البنيوي في بينة الدولة، ليس من أجل تحقيق حلم خاص به، بل هو مشروع عام، مشروع حل للمواطنين في الكلاكلة وكسلا وكادوقلي، وكريمة، وأم كدادة، للخروج من نفق القهر والظلم والإستبداد والحرب. . !
بهذا الفهم والرؤية رأينا في الشهيد، ومشروعه ضوءاً ونوراً، وإشع

اعاً ورؤية مخالفة لكل الرؤى التي عجزت عن إخراج البلاد من نفق الدكتاتورية الخالقة لكل الأمراض والعلل التي عانى منها الوطن ومازال يعاني. . !
مشروع الراحل المقيم هو مشروع مناقض، للدكتاتورية والظلم والسرقة والتكويش على حقوق الفقراء والكادحين والمهمشين.
لذلك خفقت قلوب الملايين من الأحرار والشرفاء بالحزن في داخل البلاد وخارجها لنبأ إغتياله. . ! خليل إبراهيم لم يكن زعيماً لحركة ” العدل والمساواة ” بل كان زعيماً وطنياً، ورمزاً خالداً من رموز الحرية والعدالة والمساواة والسلام في تاريخنا السياسي المُعاصر، لأنه طرح مشروعاً فيه حل لقضية مزمنة، ودافع عنه بشجاعة خلاقة، حكتها قيادته لقوات حركة العدل والمساواة من دارفور ودخول الخرطوم عنوة وإقتداراً، في وضح النهار في عام ٢٠٠٨، خطوة قصد منها نقل المعركة من الأطراف الى الخرطوم حيث يسرح ويمرح الحرامية واللصوص.
قال للشعب في أم درمان : نحن جئنا ليس من أجل إلحاق الأذى بمواطن، بل لمحاربة الحرامية واللصوص الذين مصوا دماء شعبنا وقد سماهم “بالأقلية الحاكمة ” …!
بعد تلك الخطوة الجريئة، قد تنبأ كثيرون بأن الشهيد سيكون ضحية نبيلة من ضحايا الاشرار واللصوص الذين، عراهم وفجر في وجوههم معركة هائلة في محاولة خارقة ، من أجل خلق واقع جديد ومغاير، لإرساء دعائم دولة العدل والمساواة، دولة الحرية والديمقراطيّة، وحقوق الانسان، التي تجعل للحياة قيمة ومعنى، وبه تكون أجمل واسعد وأفضل، وقد صدقت النبؤة . . !
فإنقضت عليه قوى الشر والظلام التي لا تريد للسودان الاستقرار والسلام، والخروج من واقع الازمة والمعاناة، فإغتالته يد الغدر والخيانة. . !
في هذه الذكرى التي نحي فيها روحه الطاهرة، نذكر الأشرار والأعداء ، أن حواء السودان، قد أنجبت الرجال، وراية الحق لن تسقط، وعزيمة إستعادة الحرية والديمقراطية لن تلين، والمباديء لا تقبل المساومة أو أنصاف الحلول.
بل هي معركة أزلية بين الخير والشر، بين الأخيار والأشرار، وللحرية فاتورة لابد أن يدفعها الشرفاء، ولبناء الأوطان ثمن وفِي أحيان كثيرة ثمن غالي، لكنه ليس غالياً على شعبنا وبلادنا، ولن يتوانى الأحرار والشرفاء في دفعه، وقد دفع المئات بل الآلاف إن لم يكن الملايين، هذه الضريبة من دمائهم وأرواحهم، وتضحيات كبيرة وفادحة للتخلص من اللصوص والأشرار، الذين مهما بقوا في سدة الحكم فهم طارئون أمام مسيرة الحياة والزمن.
المشروع الذي طرحه وضحى من أجله الشهيد د خليل إبراهيم، يتلخص في سؤال صغير وكبير، وهو: هل يصلح العصر لدكتاتورية تحكم في بلد ثقافته وتراثه قائمان على العفوية والحريّة والديمقراطية . . ؟ وهل العصر يقبل حكم الظلم والقهر والسرقة والفساد والعدوان على حقوق الإنسان. . ؟ أم انه عصر الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة . . ؟
هذا السؤال الصغير الكبير هو مشروع إستجابة لروح العصر ومنطق التقدم والتطور، لإعادة صياغة الدولة السودانية لتتهيأ ظروف وأجواء الإستقرار والنماء والتنمية وإشاعة العدل بين الناس، في إطار دولة القانون.
لذلك عاش الشهيد، حياته بسيطاً، وفارقها رجلاً عظيماً، لانه ترك ورائه مشروعاً أعظم، وهو بناء السودان على أساس المشاركة العادلة لكل أقاليم السودان في السلطة والثروة وفي الحقوق والواجبات .
ومنطق الأشياء وسنن الحياة تقول: أن الدولة السودانية لن تخرج من نفق أزمتها المتناسلة . . ! إلا بتحقيق هذا المشروع، الذي يقسم موارد البلاد بين المواطنين بالعدل والمساواة لتتفتق عقول المبدعين، وتتفجر طاقات الكادحين والمقهورين والمهمشين.
إن الدبابة والصاروخ والطائرة المقاتلة تستطيع أن تقتل إنسان واحد، وربما مائة، أو ألف أو مليون، لكنها لن تقتل القضية، ولن تلغي إرادة الشعب وحركة الزمن ومشيئة الحياة . . !
الطيب الزين

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *