اختفي الرئيس

حسن اسحق
السودان خرج علي بكرة ابيه في آخر اسبوع لشهر سبتمبر/ايلول
الماضي معارضا قرارات الرئاسة .المدن شمالها وجنوبها تظاهرت ومن شرقها
لغربها تركت الخوف جانبا وخرجت الي الشوارع والميادين والساحات احتجاجا
علي فوضي الحكومة .اسبوع باكمله علي الطرقات ،موتي وجرحي ومصابين ومعاقين
،منهم من اسعف الي المستشفي او العيادة ومنهم من ترك وحيدا يصارع الحياة
،ومنهم من اجتهد كي لا يقع ابنه فريسة الاجهزة الامنية والشرطية
،هذه
المخلوقات ليس في قلوبها رحمة ورأفة . لقد جرح العشرات واصيب المئات وقتل
كثيرون ،وتصرح السلطات عدد القتلي المسجلين عندها 37 ،كأنهم ليسوا بشر
.ان عدد القتلي برصاص الامن تجاوز 230سوداني في مدني والخرطوم وبقية
المدن الاخري ،وعدد المعتقلين في سجون النظام يفوق الالفين . الايام التي
كانت تسفك فيها الدماء في المدن السودانية،لم يصرح مسؤول كبير او ينتقد
هذه البحار الشبابية المهدورة  من دون وجه حق ،لم يرتكبوا جرم ،خرجوا الي
الشوارع رافضين سياسة الحكومة الفاشلة في ادارة الاقتصاد،فلم تواجههم الا
بالرصاص الحي وغاز الاعصاب والتصويب باحترافية في القلب والصدر.منذ ان
اندلعت التظاهرات في مدني عاصمة ولاية الجزيرة ،اختفي الرئيس ولم يظهر
امام وسائل الاعلام المحلية والاجنبية ولم يدلي بأي تصريح عن المجازر في
العاصمة والمدن الاخري،كأن الذي يحدث لاعلاقه به البتة.استمرت التظاهرات
قرابة الا سبوع وبعدها اطل علينا بلبسته العسكرية علي شاشة التلفاز،ويقول
ان من ماتوا في التظاهرات لم تقتلهم الشرطة والامن .وكان من الافضل ان
يظل متخفيا،سيظل دائما بهذه الصفة ،لانها ستضاف اليه جرائم اخري منها
جرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية في دارفور وجبال النوبة والنيل
الازرق ،ومابوادر ثورة سبتمبر الماضي الا العصي التي تضرب بها المؤخرة
الكاشفة . اكد الرئيس وزبانيته ان طاقهم الرئاسي وحراس القصر الجمهوري
،انهم ذئاب في هيئة بشر ،لايؤمنون بالديمقراطية وحرية التعبير والتظاهر
السلمي.انهم مجموعة وجدت سلاح في يدها تفعل به مايحلو لها،تقتل تغتال
،تحرق ،تسجن،تعتقل ،لا احد يحاسبها علي ماترتكب من جرائم .مادام الرئيس
خرج بعد التظاهرات ويلمح،ان من قتلوا في هذه الاحتجاجات ،بسلاح الجبهة
الثورية والعصابات .ومايريدون ان يصلوا اليه ،تبرئة القتلة الحقيقيين
ومصاصي الدماء السودانية البريئة ،والرئيس وجماعته لا هم لهم باستثناء
البقاء في الكرسي ،ولو علي حساب الوطن .
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *