إلى عقلاء المؤتمر الوطنى

بسم  الله الرحمن الرحيم

       إلى عقلاء المؤتمر الوطنى
ادركوا رمز سلام دار فور قبل أن يفلت من بين ايديكم !
   
بقلم: محمد بشير عبد الله
                [email protected]

    دار بينى وبين جنرال ” إنقاذى”  متشدد نقاش قصير عند زيارتى له بمكتبه للتحية والمجاملة  قبل أيام وقد استقبلنى الرجل  بترحاب وود بائن قائلا بشئ من الخبث : شقة غريبة ليك فترة ما شفناك ؟ قلت له بشئ من الخبث ايضا :  لعن الله السلطة فقد كنا نتشرف برؤية وجوهكم النيرة صباح مساء عندما كنا ندير مكتب “سعادته ” بالقصر الجمهورى فقد تركنا الآن تلك “القلعة” المملوكة ” لكم ” بالوراثة  حسب قناعات الطيب مصطفى وإسحق فضل الله وآخرين. ! وبشئٍ من الضيق والضجر  قال الرجل : يا أخى أجلس وبطل الشغب الخل عمك ذاته يسيب القصر بسببه  ! وضحك كلانا لزوم المجاملة .  وبعد تناول الشاى والبارد قلت للرجل و بشئ من الجدية  : على فكرة ، بمماطلتكم لتنفيذ اتفاق سلام دار فور لكل هذه الفترة واستغلالكم السيئ لصبر مناوى عليكم الا تخشون من مغادرة مناوى هذه المرة  الأمر الذى  سيهدد بالتأكيد سلام أبوجا الهش ؟  تغيرت ملامح الرجل وكأنه كان لا يرغب سماع  مثل هذا السؤال وقال بإندفاع ولكن بتصنع  : الباب يُفوِّت جمل  ! ولكن بعد هذه الكلمة إرتسمت على وجه الرجل لمحةٌ حزنٍ بائن لم أعرف لها سبباً  ، وبعد صمت قصير قال الجنرال  وبحماسة زائفة أيضا   : شوف أنا رجل عسكرى وأفهم كويس فى معنويات الجيش وأى جيش ، جيش منى أركو الآن بعيد  عن المعارك لفترة اكثر من  اربعة سنوات ولو هو معتمد على هذا الجيش عشان يحارب “الدولة” فهو غلطان فهذا الجيش لا يقاتل ،  وأكيد البقاتل “الدولة” هو الخسران ، قلت له وبهدوء : أنا الآخر لست عسكرياً على الإطلاق ولا أدّعى لنفسى أية خبرة عسكرية  غير طوابير “الكديد ” فى المدارس الثانوية ولكنى مراقب عن قرب لقتال الثوار مع جيش المؤتمر الوطنى  فى دار فور حتى لحظة  توقيع اتفاق سلام  دار فور فى 5 مايو 2006 م  وبالتالى أسمح لى  يا سعادة الفريق بإيراد  جملةٍ من الملاحظات ردا على كلامك ، وقال الرجل بشئ من التهكم  تفضل قل ما يبدو لك ،
 وقلت   :
  اولا : هنالك خلط وإنتهازية لمفهوم “الدولة”  لدى منسوبى المؤتمر الوطنى بشكل عام  وانت منهم ، على سبيل المثال فقد ذكر كاتب “مرموق” فى زاويتة اليومية قبل أيام فى إحدى الصحف مخاطباً مدير تحرير الجريدة والذى حجب مقاله عن الصدور أن  ” الدولة دولتنا والحكومة حكومتنا ” لأن الاثنان ينتميان الى قبيلةٍ واحدة متحكمة فى مصير هذه  البلاد المنكوبة  ! لأننا يا سعادة الجنرال  لا ننكر أن الحكومة حكومتكم (حكومة المؤتمر الوطنى ) ولكن لا  نسمح لكم ان تصادروا دولة السودان لحساب المؤتمر الوطنى ، إلى  اين يذهب  الذين لا ينتمون الى المؤتمر الوطنى ، هل يطلبوا اللجوء الى دولة الجنوب المرتقبة ؟ ما أرمى إليه يا سعادة الجنرال أن العميد / عمر حسن احمد البشير عندما لملم أطرافه بمعية الشيخ / الترابى واتجه إلى القصر الجمهورى لإستلام السلطة الديمقراطية الشرعية من مستحقيها آنذاك  كان متساوى فى الجرم مع السيد / منى اركو مناوى عندما جمع رفاقه وحملوا السلاح ضد حكومة الإنقاذ التى – ربما –  اكتسبت الشرعية بعد الإنقلاب على حكمٍ شرعى ديمقراطى أى أن الطرفين حملا السلاح لمنازلة حكومة غير مؤهلة لإدارة شئون البلاد حسب قناعاتهما الخاصة  ، اذن السيد / مناوى إذا رفع السلاح الآن  فهو سيقاتل حكومة المؤتمر الوطنى وليس الدولة السودانية
  ثانيا : ولمَ القتال من الأساس ؟ ومطالب مناوى لا تتجاوز إطلاقا إستحقاقات أهل دار فور المنصوص عليها فى إتفاق أبوجا وتنفيذها لا يتطلب اى قتال بين الطرفين ، على الأقل حسب قناعة حركة تحرير السودان ؟ .
  ثالثا : مع إحترامى لخبرتك العسكرية الممتدة لفترة أكثر من عمر السيد/ منى مناوى ، إلا أنى لا اتفق إطلاقاً مع تحليلك الخاص بعدم جاهزية قوات مناوى للقتال لأن هولاء ليسوا بقوات معتمدة على ما يُدفع لهم من رواتب ومميزات وظيفية ولكنهم ثوار تدفعهم المطالب السياسية التى دعتهم لمنازلة الحكومة والدافع للقتال فى المرة القادمة(لا قدر الله)  هى أن مطالبهم المنصوصة فى الاتفاق لم تنفذ حتى الآن  ، وخير شاهد  على ما نقول هو صمود هذه القوات وبقاؤهم تحت إمرة مناوى طوال هذه الفترة وذلك رغم غياب الرواتب والمخصصات والدعم اللوجستى غير العسكرى الذى تنصلت  منه الحكومة منذ يوم توقيع الإتفاق حتى الآن وذلك على أمل أن تنفّض هذه القوات من حول مناوى حتى يسهل اعفاءه دون خوفٍ من قوة عسكرية تحرسه وتحرس  الإتفاق ، ولكن خاب ظنكم لأن  قوته العسكرية الآن أقوى من أى وقتٍ مضى . 
   رابعا وأخيراً : دعنا يا جنرال أنتم(المؤتمر الوطنى )  ونحن(حركة تحرير السودان)  والشعب السودانى أن ندعوا الله مخلصين ألا يتم إختبار قوات مناوى فيما يلى مقدرتهم القتالية من عدمه ، دعونا نتجنب هذا الإختبار ونسعى بجدية إلى تطبيق بنود الإتفاق بما فيها بند الترتيبات الامنية والتى تنتهى بالدمج وليس العكس كما الرغبة لدى الطرف الحكومى ، وهنا ودعت الجنرال ومضيت فى حالى  بعد ان شكرنى على الزيارة .
 
   تذكرت ما دار فى  لقائى مع الجنرال المذكور أعلاه وانا استمع الى السيد \ منى اركو مناوى فى قناة الجزيرة فى برنامج “ضيف منتصف النهار ” الاخبارى  وذلك   عصر يوم أمس (9\12\2010 م ) وشعرت بأسى شديد  لأن امنيتى – والتى دعوت الجنرال لمشاركتى  إياها –  بعدم إختبار قدرات قوات  مناوى قد تبددت  بعد أن صرح الناطق العسكرى للقوات المسلحة أن قوات مناوى اصبحت “هدفاً عسكرياً ” ، وهذه الكلمة تعنى بلغة العسكر  إشتعال الحرب بكل معانيها . رغم أن هنالك بصيص أمل لتدارك  أمر الحرب ،  لأن مناوى قال إنه مازال متمسك بإتفاق أبوجا وأن الباب مازال مفتوحاً  للحوار مع المؤتمر الوطنى إن هم أرادوا ذلك  ، وإنى أقول بصيص أمل لأنى أعرف تماما قدرات مناوى العسكرية وأعرف أيضا ماذا يعنى عندما يتوعد الآخرين فالرجل نادراً ما يتوعد أو يهدد رغم أن  تهديده جاء فى سياق الرد على تصريح الناطق الرسمى للقوات المسلحة والتى أعلن فيها الحرب على قوات الحركة وأنها عدوة حسب تصريحة الذى تناقلته الوسائط الإعلامية على نطاقٍ واسع ، وليس الهجوم حيث قال إنه سوف يجعل صقور المؤتمر الوطنى يندمون اذا ما استمروا فى تهديدهم وأشعلوا الحرب مع قواته .
  ونحن كمراقبين للمشهد وكأعضاء للحركة قريبين من مناوى  نرى أن الكرة الآن فى ملعب المؤتمر الوطنى  وأرجو ان يلتقطها عقلاء المؤتمر الوطنى وليس الصقور   حتى يجنبوا البلاد حرباً طاحنةٍ لا تُبق ولا تذر .
 
 
  نقلا عن جريدة الصحافة السودانية الصادرة بتاريخ الاثنين 13 ديسمبر 2010 م

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *