إعتقال البشير … واجب تحتمه الانسانية

إعتقال البشير … واجب تحتمه الانسانية

منذ أن أصدرت الغرفة الابتدائية بالمحكمة الجنائية فى لاهاى مذكرة إعتقال بحق الرئيس
عمر البشير فى مارس من العام المنصرم ألا أنه حتى نهاية العام وبزوغ شمس العام الجديد
لم يلح فى الافق أى بادرة تدل على تنفيذها خصوصاً من قبل المجتمع الدولى لاسيما وان
الطائرات العسكرية التابعة لقوات الامن لازالت تقصف القرى ومليشيات الجنجويد مافتئت
تواصل فى إعتداءتها ضد المدنيين العزل مع أزدياد فى أعداد النازحين والفارين من جحيم
الخرب مع توقع باشتعال جبهات أخرى فى أماكن متفرقة من دارفور لاسيما وان الحركات
المسلحة نفسها فى تشظى مستمر وتكاثر اميبى مما يعيق الجهودلاحلال السلام الا أنها يجب
على المحكمة الدولية ومن خلفها المجتمع الدولى وشركاء الايقاد أن يعملوا جميعاً من
أجل تقديم كل من أرتكب جريمة بحق المدنيين بدارفور الى العدالة الدولية  لان العدالة
فى السودان غائبة ونائمة والقضاء مسيس وفاسد ولجنة دفع الله الحاج يوسف لم تشر من
بعيد أو قريب لتورط مسؤولين بل كل ما فعلت أن قدمت تقرير مخملى لايصلح لحل مشكلة
متفاقمة وشائكة مثل أزمة دارفور والامر نفسه ينطبق على قرارات لجنة حكماء أفريقيا أو
لجنة أمبيكى صاحبت إقتراح إنشاء محكمة مختلطة فهى أيضا ارادت رفع الحرج عن الرئيس
البشير حتى لايمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية غير أن كلا اللجنتين (لجنة دفع الله
ولجنة أمبيكى ) لم يشيرا الى أن المؤتمر الوطنى ومليشياته هى المسؤول الاول عن إندلاع
الحرب فى دارفور منذ العام 2002 مما يشكك فى نزاهتيهما و مقدرتهما على تقديم المجرمين
للعدالة والتى بغيرها لن ولم يتحقق السلام والاستقرار فى دارفور.

موقف المؤتمر الوطنى ومن وراءه الحركة الاسلامية من المحكمة الجنائية الدولية موقف
منطقى وله ما يبرره لاسيما وان اللص دائما ما يعادى قاضيه فإعتقال البشير يكون مثل
كرة الثلج التى لا تتوقف حتى تاتى على بقية أعضاء المؤتمر الوطنى والحركة الاسلامية
على كل ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب السودانى منذ العام 1989وحتى الان لكن موقف
الحزبين التقلديين (المهدى والميرغنى) من المحكمة ومعارضتها وعدم الاعتراف بالجرائم
التى ارتكبتها الانقاذ بحق المواطنيين العزل والتستر على المجرم أمر بالغ الغرابة
الا أنه بلاشك لدى أن الامر من وراءه حقيبة سوداء مكتنزة لاسيما وان السيدين من عشاق
الورق الاخضر المزركش , ومما يندى له الجبين أن السيدين يعترضان على إعتقال البشير
بحجج واهية بانه رمز السيادة وانه لازال الرئيس (مع أنه جاء عبر أنقلاب) فلايمكن
محاكمته فقد أنستهم الدولارات ان ما يقولون هو عين الجاهلية قال النبى عليه الصلاة
والسلام (إنما أهلك الذين من قبلكم , أذا سرق فيهم الشريف تركوه , واذا سرق فيهم
الضعيف أقاموا عليه الحد) .

منذ صدور المذكرة فى الرابع من مارس الماضى وحتى الرابع من يناير الحالى مرت عشرة
أشهر سافر فيه الرئيس البشير ثلاثة عشر مرة و أغلبها مكرر فاربعة مرات لمصر وثلاثة
لليبيا واثنتان للسعودية (أخرها الاسبوع الماضى حول ما تردد عن دعم السودان
للحوثيين) وواحدة لكلٍ من أرتريا وقطر وموريتانيا وزمبابوى هذه الرحلات الثلاثة عشر
عادية وليست ذات جدوى سياسية واقتصادية فى نفس الوقت الذى غاب فيه البشير عن ثمانية
قمم فى العام 2009 ذات وزن ثقيل وهو المولع بحضور كافة أنواع القمم وأخذ الصور
التذكارية لا لشىء الا خشية إعتقاله وهذه القمم هى حسب الترتيب الزمنى القمة
الافريقية لتنصيب الرئيس الجنوب أفريقى جاكوب زوما (مايو ) . قمة الشراكة الذكية
بيوغندا(يوليو) , قمة الاتحاد الافريقى بيوغندا( أغسطس) , القمة الافريقية اللاتنينة
بفنزويلا(سبتمبر) , الجمعية العامة للامم المتحدة (سبتمبر) , قمة أبوجا لدراسة
الاجرات المتعلقة بالسلام فى دارفور ( نوفمبر) , قمة المؤتمر الاسلامى بتركيا
(ديسمبر) , واخرها قمة المناخ المنعقدة فى كوبنهاجن (ديسمبر) .

وفوق ذلك كله لايستطيع البشير دخول  106 دولة فى العالم من بينها الاردن وجيوبتى
منها 30 دولة أفريقية (خمسة منها دول مجاورة) , ومنه 39 دولة أوربية  وكل دول أمريكا
الجنوبية (عدا شيلى)  فهل رجل بهذه المواصفات المعيبة يمكن ترشيحها فى وظيفة سكرتير
ثالث بوزارة الخارجية ناهيك عن رئاسة الدولة؟ , الواقع أن المؤتمر الوطنى ومن وراءه
الحركة الاسلامية  يعد كل أسلحته لتفويز البشير بالرئاسة واخراجه من الورطة التى
لافكاك عنها فى الانتخابات الصورية القادمة او انتخابات التمديد  الثالث للانقاذ
(أبريل 2010) لاجل مفاجاة المجتمع الدولى بالغاء أمر القبض لانه قد تم إنتخابه من
قبل مواطنيه الذين إتهموه بأنه أبادهم وذلك لن يحدث إطلاقا الا فى مخيلتهم ودونكم
تسيبى ليفنى وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة (أسرائيل ليس فيها للاسف تزوير
انتخابات ) مطلوبة للقبض لدى القضاء البريطانى بتهمة قتل المدنيين والاطفال فى غزة.

الان أمام المؤتمر الوطنى ثلاثة خيارات للتعامل مع الواقع إما تسليم المطلوبين وعلى
راسهم البشير أو التواطؤ مع المحكمة الجنائية بالحقائب السوداء (وهو الذى يقمون به
الان) وهو أمر عديم الجدوى أو الخروج فى مسيرات مدفوعة الاجر لشتم أوكامبو وتآليه
البشيروقد سمعت أحدهم بانه وصف البشير بأسد أفريقيا فسألت نفسى هل الاسد لايستطيع
أن تطأ قدماه 57% أرضه (30 دولة أفريقية موقعة فى ميثاق المحكمة من مجموع عدد دول
أفريقيا البالغ 53 دولة)  الا أن يكون ذلك الاسد الذى عناه أبن رشيق القيروانى حينما
قال :


مما يزهدنى فى أرض أندلس         أسماء معتمد فيهاومعتضد
القاب مملكة فى غير موضعها            كالهر إنتفاخاً يحكى صولة
الاسد

لقمان عبدالله
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *