كبار المسؤولين الحكوميين يتحمّلون المسؤولية عن أفعال المقاتلين
لندن – تتوالى الدلائل والبيانات بشأن ضلوع ميليشيات تابعة لنظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير في ارتكاب “جرائم فظيعة” خلال خوضها معارك مع حركات متمرّدة أو انفصالية في السودان.
أكّد تقرير، أصدرته مؤخرا منظمتا “كفاية” و”مشروع القمر الصناعي سنتينل” الأميركيتان، أنّ السودان يشهد حاليّا موجة من “الجرائم الفظيعة بعد أن حلّت ‘قوات الدعم السريع”، محلّ جماعات الجنجويد التي كانت تنشط في السابق”.
وحدّد التقرير مجموعة من الأعمال التي ارتكبتها “قوات الدعم السريع”، بينها “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، و”الفظائع الجماعية”.
وشارك في تأليف التقرير، الذي جاء نتاج تسعة أشهر من البحث، إكشايا كومار، المحللة السياسية المتخصّصة في شؤون السودان وجنوب السودان، وعمر إسماعيل، وكبير مستشاري مشروع كفاية.
وقد رصد الباحثان حركة “قوات الدعم السريع”، وربطا تحليليا التصريحات العلنية الخاصة للنظام السوداني بشأن التنظيم الجديد مع الأدلة التي تمّ الحصول عليها من المجتمعات المتضرّرة في مناطق النزاع.
وفي بيان أصدرته المنظمتان لتقديم التقرير، قالت أكشايا كومار، الباحثة والمؤلفة المشاركة، إنّ “نهج الإبادة الجماعية انتصر في السودان في الوقت الراهن”.
وأضافت أكشايا، “أنه منذ عقد من الزمان واجه مقاتلو الجنجويد إدانة دولية بسبب وحشية جرائمهم في دارفور”، مشيرة إلى أنّه “بينما تقلّص اهتمام العالم بأزمة دارفور فإنّ عناصر الجنجويد لا يزالون يقومون بانتهاكات ضد حقوق الإنسان، وهم يمثلون اليوم عناصر ‘قوات الدعم السريع” في السودان المدجّجين بالسلاح، والمرتدين للزي العسكري، فضلا عن توظيف العلم الوطني في حملاتهم مع حصولهم على ترخيص رسمي لارتكاب فعل القتل”.
أكشايا كومار: الحكومة تعلن بلا حرج دعمها لهذا الجيش المكون من مجرمي الحرب
عمر إسماعيل، المؤلف المشارك في التقرير، اعتبر في البيان ذاته أنّ “دارفور ليست هي الضحية الوحيدة الآن”.
وأضاف إسماعيل، وهو من أبناء دارفور ومقيم في أميركا، أنّه “بينما يتباهى مقاتلو ‘قوات الدعم السريع” بتوفرهم على كامل الحصانة فإنهم يمثلون ذراعا من أذرع الحكومة”، مُرجّحا أنّ كبار المسؤولين الحكوميين وفي مقدّمتهم الرئيس البشير “يتحمّلون المسؤولية عن أفعال المقاتلين”.
يذكر أنّ القوات المسلحة السودانية كانت قد أعلنت، أمس الأول، عن صدّها بالتعاون مع “قوات الدعم السريع” هجوما ثانيا شنّته عناصر الجبهة الثورية في ولاية جنوب كردفان لاستعادة مدينة العتمور بعد طردهم منها. وتضمّ الجبهة الثورية كلا من “الحركة الشعبية لتحرير السودان” (قطاع الشمال في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان) و”حركة العدل والمساواة”، وحركتي تحرير السودان فصيلي مني اركو مناوي وعبدالواحد محمد نور.
من جانبه، ذكر جون برندرغاست، المؤسّس المشارك لمشروع كفاية، في بيان الإعلان عن التقرير، “مزج التقرير الجديد جهد تسعة أشهر من صور الأقمار الصناعية مع البحث والمقابلات المكثفة لرسم صورة حيّة لقوة الجنجويد القمعية والمتنامية بشكل متزايد”.
وقال برندرغاست إنّ “ما تحدثه ‘قوّات الدعم السريع” هو نوع جديد من التهديد للوضع الأمني الدولي والإقليمي.
واعتبرت إكشايا كومار أنّ “الحكومة السودانية واثقة جدا أنها سوف توظف هذه الحملة الجديدة بأقصى حدّ دون أن تخفي حتى ارتباطها بمقاتليها”، مضيفة أنّ “الحكومة في الواقع تعلن بلا حرج دعمها لهذا الجيش المكوّن من مجرمي الحرب”.
يُذكر أنّ الرئيس البشير، الذي تستعدّ حكومته لإجراء انتخابات عامّة في أبريل من العام القادم، كان حذّر المعارضة من أيّ اتصالات أو تعاون مع الجبهة الثورية المسلحة، ووصفها بـ”الخائنة والعميلة”، قاطعا بذلك الطريق أمام محاولات المجتمع الدولي ترتيب مفاوضات لإنهاء الحرب سلمياً.
وكانت قوى المعارضة السودانيّة قد أكدت مقاطعتها لجلسة البرلمان، المنعقدة في الخرطوم أمس الاثنين، للتداول حول تعديلات في قانون الانتخابات. ووصفت مريم الصادق المهدي، القيادية في حزب الأمة القومي المعارض، تلك الجلسة بـ”العبث السياسي” وبمجرد تظاهرة سياسية لواجهات الحزب الحاكم.
العرب