مقالة استقصائية !
بقلم : أحمد ويتشي
[email protected]
ذهب عمر البشير الي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا قبل أيام بعد أن ادعي بأنه وجه له الدعوة من قبل منتدى العزة والكرامة الأفريقي لتكريمه بعد صموده أمام ما سموها بقوى البغي والاستكبار .. وتحديه للمحكمة الجنائية الدولية التي تطارده منذ سنوات وهو (يدبا ) في تجولاته لتمثيل السودان
خوفا من القبض عليه بعد الجرائم والمجازر التي ارتكبه في السودان . جرائم فاشية ذات طابع ديني في الجنوب وبذلك أسس لكراهية دينية حيث الجهاد وكذلك جرائم أخري نازية علي أسس عرقية حيث الإبادة الجماعية في أقاليم عدة في السودان وما تزال العنف مستمرا … !
في الحقيقة القارة الإفريقية التي وصف البشير بأنه رمز عزتها وكرامتها يبدو عليها لم تكن تلك القارة الإفريقية التي عرفها الجميع بالثورة كن أجل الحرية والعدالة … قارة جوليوس نيريري ونيلسون مانديلا و سيكتوري و زوما ومحمد نجيب وقرنق و غيرهم من العظماء .
البشير لن يكون رمزا للعزة والكرامة في أفريقيا بل هو رمزا للمهانة والذل والجبن وتجسيد حقيقي للفشل والدمار في التاريخ الأفريقي . فبفضل هذا البشير في المستقبل القريب سوف تواجه أفريقيا معضلة أخري أكثر فتكا وخطورة من الحروب السياسية التي يمكن حلها . تواجه أفريقيا العنف الطائفي من جهة والحروب الدينية من جهة اخري فكل الشعوب دخلت في حروب مثل هذه والا أفريقيا حيث التسامح . ولكن هذا التسامح ” الديني والطائفي ” ربما لن يستمر طويلا في الوقائع الآنية والمستقبلية ومن المتوقع أن تندلع حرب من نوع مختلف و لن تحل في القريب وربما الي الأبد … فاروربا المتحضرة دخلت في حرب دينية طائفية استمرت لنحو ثلاثين عاما بالتمام والكمال . فماذا يمكن القول عن أفريقيا التي لم تفارق العنف منذ قرن . فهي غارقة في أتون الفشل والجهل والأمية . وهي حقل لتجارب للايدولوجيات المختلفة وهي القارة الوحيدة التي يتسابق اليها العالم لنشر الأفكار التي عفى عليها الزمان والمكان . حيث التبشير المسيحي مقابل هبات لا تساوي شيئا . والإسلامي كذلك عبر المذهبين الشيعي والوهابي . وهي كلها صراعات سياسية دينية أو دينية سياسية . ومصدر التخوف هنا . والصدامات المتوقعة لن تكون كسابقتها بل ستكون وقعها أشد . فإذا بسوريا والعراق واليمن مهد تلك الأفكار تغلي الآن فما بالك بأفريقيا .. !
وبالعودة الي الإرهاب والتطرف “الديني المذهبي ” وظهوره في القارة بهذا الشكل نجد أن لنظام البشير يد طولي فيها .
في الوقت الذي شن فيه الجيش التشادي حربا ضروس ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية قبل عام تقريبا خرج زعيم الجماعة السابق المدعو ابوبكر شيكاو شاكرا عمر البشير ‘ لصموده أمام الكفار والبغي .. وللذين لا يعرفون خلفية جماعة بوكو وعلاقتها بعمر البشير . نرجع إلى “محمد يوسف” مؤسس تنظيم “اهل السنة والجماعة للجهاد ” والتي عرفت بجماعة بوكو حرام فيما بعد في الولايات الشمالية ‘ الشرقية في دولة نيجريا وقتل محمد يوسف علي يد الشرطة النيجيرية في منتصف العام 2009م ‘ ليخلفه الزعيم الحالي “أبوبكر شيكاو” وظهرت هذه الجماعة للأول مرة في العام 2002م ‘ بعناصر تلقت تعليمها في معاهد دينية بسيطة علي يد شخصيات سودانية متطرفة تمت ابتعاثها الي الشمال النيجري ‘ من قبل نظام الرئيس عمر البشير وابرزهم الأصولي المتطرف ‘ دفع الله حسب الرسول المعروف في الأوساط الشعبية السودانية بلقب “حسبو نسوان” الذي ابتعث الي هناك وعمل لسنوات طويلة وعاد ليعمل عضواً بارزاً في هيئة علماء السودان وهي هيئة لا تختلف كثيرا عن تنظيم القاعدة في تطرف اعضائها وتشددهم وبل هناك عدد من عناصر جماعة بوكو حرام قد درسوا في جامعة افريقيا في الخرطوم وفي الأذهان حادثة اعتقال ” امينو صديق اوغوشي ” قبل عامين وهو طالب نيجيري يدرس في ذات الجامعة في الخرطوم وتم إعتقاله من قبل الشرطة الدولية “الإنتربول ” بتهمة تورطه في تفجيرات العاصمة أبوجا التي اعلنت جماعة بوكو حرام عن مسؤوليتها وبالتالي إذا احسنا قراءة الأوضاع وسير الأحداث وكل ما يتعلق بالإرهاب وجماعاته في القارة الإفريقية نجد أن للرئيس عمر البشير اليد الخفي والعلني فيه وشواهد التاريخ يثبت ذلك لانه أول من استورد الإرهاب ‘ الي ارض أفريقيا عبر السمسرة والمقاولات مع دول تقع خلف البحار ‘ وإن كانت أفريقيا قد اشتهرت بالصراعات الدموية فإن هناك دول أفريقية الآن استطاعت الإرتقاء الي مصاف الدول المحترمة بعد حروب داخلية ” جنوب افريقيا ‘ بوستوانا ‘ كنغو برازفيل ‘ انغولا ‘ اثيوبيا ‘السنغال والجزائر …إلخ ” لان هذه الصراعات الداخلية كانت سياسية – اقتصادية ‘ ارتكزت حول دائرتي السلطة والثروة ولم يكن مألوفا من قبل في القارة الافريقية ظاهرة الإرهاب والتفجيرات المغلفة بختم الدين والتي ظهرت علي السطح في بداية التسعينات من القرن الماضي ‘ مع وصول عمر البشير إلي سدة الحكم في السودان عبر انقلابه العسكري الذي كان خلف ستار الأكاذيب وشعارات إقامة دولة الشريعة الإسلامية والذي ابتدره بتقسيم الشعب السوداني الي” كفار ومسلمين” وإعلانه الجهاد ضد جزء من أبناء الوطن الواحد ولم يفلح فيه واضطر أخيراً الي فصل السودان الي دولتين وبالعودة الي رعاية الإرهاب واستيراده الي أفريقيا وكيفية توفير البيئة المناسبة له وتفريغ جماعاته ‘ نجد أن نظام عمر البشير قام بأول عملياته الإرهابية المنظمة في العاصمة الاثيوبية “أديس أبابا” في المحاولة الفاشلة لإغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في احدي قمم الإتحاد الأفريقي في العام 1995م بتدبير من علي عثمان ونافع علي نافع وبمباركة من عمر البشير وثم ظهور أسامة بن لادن الذي أسس “تنظيم القاعدة” في العام 1988م في أفغانستان وإعلانه عن فرعاً لتنظيمه في إفريقيا من داخل السودان وبرعاية كريمة من نظام الرئيس عمر البشير في العام 1996م وعقب ذلك بعامين شهدت القارة الأفريقية أول عملية تفجير إنتحاري ‘ إرهابي والذي وقعت في سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في كل من ‘ كينيا و تنزانيا في العاصمتين ” نيروبي و دارالسلام ” في العام 1998م والتي أعلنت فيها جماعة تنظيم القاعدة في إفريقيا عن مسؤوليتها عن هذه العملية الانتحارية ‘ والتي وقعت بعد مغادرة أسامة بن لادن الأراضي السودانية واستقراره في أفغانستان وكان قد غادر وبمعيته المئات من الشباب من عناصر الإمن التابعين لنظام الرئيس عمر البشير ومن صلب جماعة تنظيم القاعدة في أفريقيا التي ولدت في السودان ‘ تفرغت جماعات إسلامية متطرفة عديدة باتت تمثل تهديدا مباشرا للأمن في أفريقيا و إنتشرت بسرعة الضوء في كل أرجاء أفريقيا من مشرقها الي مغربها
في الشرق الأفريقي نجد تنظيم القاعدة مجسدا في “حركة الشباب المجاهدين ” في الصومال الذي يتم تدريب عناصرها في معسكرات الأمن في الخرطوم والكثير منهم قد درسوا في جامعات ومعاهد سودانية بمنح من نظام الرئيس عمر البشير ومثال لذلك زعيم حركة الشباب المجاهدين “المحاكم الإسلامية سابقاً” والرئيس الصومالي السابق “شيخ شريف شيخ احمد” الذي درس في جامعة “الدلنج ” في اقليم كردفان والذي يدعم هذا الإتجاه هو أن هناك ضباط أمن تابعين لنظام البشير نفذوا عملية إرهابية بمشاركة عناصر من حركة الشباب الصومالية واغتالوا دبلوماسيا أمريكياً وسط الخرطوم في ديسمبر من العام 2009م وبعد ضغوطات أمريكية اعتقل جهاز الأمن التابعة لنظام الرئيس البشير عناصره الإرهابية كتمويه وتحفظ عليهم في مكاناً ما في الخرطوم وهربهم الي الصومال لاحقاً وادعي بانهم فروا من “سجن كوبر” الحصين وسط الخرطوم وهو سجن عتيق جداً لم يشهد طوال تاريخه فرار احد من سجنائه ولكنه حدث لان مدير السجن جزء من المنظومة الإرهابية الحاكمة في السودان وفيما بعد أعلن في وسائل الإعلام في الخرطوم عن وفاة أحد الذين فروا من سجن كوبر الي الصومال اثناء مواجهاته مع قوة الأفريقية لحفظ السلام في الصومال
وفي غرب ووسط إفريقيا نجد جماعة بوكو حرام الذي لا يخفي علي احد بأن لها ارتباط بنظام الرئيس البشير
وفي شمال أفريقيا نجد الجماعة السلفية للدعوة والقتال “حالياَ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وهي المولودة الشرعية من رحم تنظيم القاعدة في إفريقيا الذي أسسه أسامة بن لادن في السودان كما ذكرت سلفاً وهناك علاقة وطيدة ربطت بين “أسامة بن لادن ” و الرئيس البشير و”حسان حطاب ” زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي
في الشمال الشرقي من أفريقيا وفي صحراء سيناء هناك نشاط مكثف للجماعات الإسلامية ضد قوات الجيش المصري وتقوم بالإعتداء عليها من حين الي آخر واستطاعت جر قوات الجيش المصري الي معارك عنيفة عبثية في ظل الأوضاع التي تعيشها جمهورية مصر
والتأكيد على إرتباط وإتصالات الرئيس البشير بالجماعات الإرهابية في سيناء لقد تم استهداف وقصف رتل من سيارات اكثر من مرة وفي اكثر من موقع كانت محملة بكميات ضخمة من الأسلحة بمختلف أنواعها خارجة من السودان سرا الي سيناء واستهدفتها سلاح الجو الإسرائيلي في داخل الحدود السودانية وتكررت الضربات الجوية الإسرائيلية ‘ وصلت الي قلب معقل الإرهاب في أفريقيا وكر البشير في الخرطوم بعد التمادي في دعم الإرهاب في سيناء
وفي شمال غرب إفريقيا ‘في شمال دولة مالي أحتل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أجزاء واسعة واعلنت عن قيام الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة في مدينتي “كيدال وتمبكتو “
وتدخلت القوات الفرنسية والتشادية وقامت بطردهم من هناك
ونقلهم الرئيس البشير الي السودان وظهر أفراد هذه الجماعة الإرهابية في الأسواق وكان واضح جداً بانهم غرباء من خلال لغتهم العربية التي يتحدثونها بلكنة سكان شمال أفريقيا واكتشف لاحقاً بأن تمت استضافتهم في شمال دارفور في معسكرات سرية تابعة لجهاز الأمن والمخابرات وقد تم إستيعاب عدد مقدر منهم في مليشيات الجنجويد المسماه بقوات الدعم السريع مؤخراً
وقد نتذكر خلية حظيرة الدندر التي صنعها نظام الرئيس البشير لنشر الفوضي في حال ثوران الشعب السوداني الذي ظل يدفع فواتير غطرسته ! الان وبعد السرد المتسلسل اعلاه نجد ان الرئيس عمر البشير لم يتخلي عن برنامجه الإرهابي القديم القائم علي زعزعة الاستقرار في دول الجوار او حتي في الدول البعيدة وذلك بالوكالة عن دولة قطر التي تسعي لتنفيذ المشروع الدولي لتنظيم معين وهو مشروع يرتكز علي الإقصاء والقتل والتكفير والتمكين ونهب مقدرات الشعوب ‘ كما ظل يحدث في السودان منذ ما يزيد عن ربع قرن ومحاولة نقل التجربة الفاشلة الي جمهورية مصر التي انقذها جيشها الواعي ‘ وقد لاحظنا في كيف شكت دولة ليبيا من نظام الرئيس عمر البشير باستمراره في دعم الجماعات الإرهابية وتدخلها في شؤونها الداخلية وإرسال شحنات من الاسلحة القادمة من بعض الدول
واسقاطها في المعاقل الرئيسية للإرهابيين الذين اظهروا وجههم الحقيقي بذبحهم لعدد من الشباب المصريين في ليبيا وقد أكدت وكالة المخابرات العامة المصرية بان هناك عناصر سودانية من بين الذين نفذوا عملية الذبح الجماعي في حق المصريين … ليس هذا فحسب ولكن الأمر من ذلك هو الانفجار الطائفي الذي وقع في أفريقيا الوسطى المجاورة والتي تمت برعاية من نظام البشير في محاولة للتمدد داخل القارة لأهداف أيديولوجية لا علاقة لها بالعزة والكرامة القارة التي تبحث عن الطعام والصحة والتعليم
ومن هنا علي القادة الافارقة عليهم بإتخاذ خطوات عملية لإيقاف الرئيس البشير من التمادي في نشر مزيدا من الفوضي والإرهاب في القارة الإفريقية التي يكفيها ما لديها وليست المحكمة الجنائية الدولية هي قضية الأفارقة في الوقت الراهن والمستقبل أيضا … فالقارة صارت مصرحا للصراعات الأيديولوجية المتخلفة البائدة التي تتمثل في الصراع السعودي الإيراني بنشر الكراهية الدينية مستغلين الأوضاع المعيشية لبعض السكان في أفريقيا كل ذلك أيضا تمت برعاية من نظام البشير وقد ربطه علاقات عميقة مع النظام الإيراني ومن تحت بالنظام السعودي ! فالنظام يسمح لطلاب الجامعات اليافعين بمغادرة بلادهم دون أي تحقيق وفي جامعة تعود ملكيتها لأحد أبرز رجالات النظام وتربطه علاقات وثيقة بالبشير شخصيا …. بخلاف ذلك البشير متحالف تماما وبشكل واضح مع المتطرفين في السودان وبات من العادي جدا أن يعتلي أحد المتطرفين منابر المساجد ويدعو الي القتل والتخريب علي أسس طائفية دينية …. ومن ثم يقوم النظام بتقديم مسرحية اعتقال المتطرفين …. من قبل جهاز أمنه الذي هو الذراع الإرهابي السري لهذه الجماعات …. !
القارة الإفريقية عزتها وكرامتها في تسليم الرئيس البشير الي محكمة الجنايات الدولية ومحاكمته هناك مع كل قادة نظامه الإرهابي ….. الكرامة الأفريقية يتمثل في تحرير العقل الأفريقي من التبعية لكل ما هو قادم من الخارج دون فحص وشك . العمالة والارتزاق من الخارج ليست عزة إ الكرامة ليست في الهروب من العدالة … ومن يرفض تسليم البشير الي المحكمة يعتبر شريكا إرهابيا له .