موقف عنصري داخل الكلية الحربية جعلني أطالب بإنفصال دارفور
حتى ذلكم التاريخ العام 1991 حينما جئت للكلية الحربية السودانية لم يكن يدر بذهني بأنني إنسانا أنتمي لمكان آخر غير السودان جئتها بقلب فتى مقاتل يحمل بين جنباته طيبة أهل الغرب وسماحتهم وعفويتهم وكان كل همي ان أخدم هذا الوطن الذي كنت أحسبه وطناً ليّ ولأبنائي واحفادي ولكن حدث ليّ موقف مع القائد العام للكلية الحربية جعلني أراجع علاقتي مع كل شيئ حولي وكأنني شخص أصيب بصدمة عنيفة غير متوقعة من شخص يعتبر من أركان الدولة وكان حريّاً به ان يكون مسئولاً عادلا ينظر للجميع بنظرة واحدة ولكنه جعلني أشعر بخيبة أمل كبيرة لا ينفع معها سوى البحث عن أي وسيلة تجعلني أبحث عن هويتي وعن دولتي التي تستحق مني ان أتدرب لأجلها وأحارب لأجلها وأموت في سبيل الدفاع عنها عزيزي القارئ دعني أحكي لك هذا الموقف وأقسم بالله العظيم إنه لمشهد واقعي وقصة حقيقية وموقف شخصي حدث ليّ وإليك حقيقة الموقف وأخبرني رأيك بشأنها بكل أمانة في صباح إحد الأيام قبل أيام من التخريج وبينما انا أتجول داخل الكلية الحربية برفقة إثنين من الدفعه وكنا ذاهبين لمطعم الكلية لتناول وجبة منتصف النهار وحينما جئنا مارين من أمام مكتب القائد العام للكلية الحربية رآنا نمر من أمام مكتبه فأصدر تعليمات لحارسه بأن يجمعنا نحن الثلاثة وحينها سمعنا الحارس وهو ينادي فجئنا مجتمعين امام مكتبه فخرج وهو يحمل عصايته وبدأ يتفحص وجوهنا وإكتمال كل اللبس الرسمي والإنضباط العسكري ولكنه فجأة بدأ بسؤال الأول من على اليمين وقال له جنسك شنو إنت ؟ فرد صاحبنا انا جعلي سياتك حينها إبتهج وهلل وكبر ثم أردف قائلاً هيييع حفيد المك نمر سيد بلد مبروك والله شغلك نضيف . ثم سأل الآخر وإنت جنسك شنو ؟ فرد صاحبنا شايقي حينها إبتهج القائد وإرتسمت على وجهه إبتسامة عريضة ثم أردف قائلاً شايقية يا عسكرية يا طورية اولاد بلد مبروك والله شغلك نضيف . ثم عندما إقترب مني بدأت تظهر علية علامات عدم الرضى حيث قال يا زول جنسك شنو إنت ؟ رديت علية بكل فخر (زغاوي) منتظرا منه ان يقول لي ود بلد وسيد بلد ناس الغرب الحبيب مبروك والله شغلك نضيف ولكنه !! للأسف إنقلب 180 درجة وإحمرت وجنتاه وبدا وكأنه شاهد شيطانا رجيماً وبدأ يصيح وهو يقول ليّ يا زول إنت الجابك هنا شنو ؟ إنت مكانك هناك في الغرب !!! حينها شعرت لأول مرة في حياتي بأنني إنسان غريب في هذا المكان وانه كيف ليّ ان أظل في العنوان الخطأ والدولة الخطأ وحتى إذا تخرجت فكيف ان أجد إحترام دفعتي الذين كنت سنيرهم بمجهودي وعملي وإنضباطي الميداني في ذلكم الوقت وعندما عدت لنمرتي جلست في تلكم الليلة أضرب أخمس في أسداس وقلت لنفسي يا عبد الله كيف ستصبح يوما رئيساً لدولة لا تعترف بي كواحد من أبنائها ولماذا أتخرج للذهاب للحرب تحت إمرة قائد عام لا يعتبرني سودانياً كامل الحقوق فقررت قراراً شجاعا وما ان أصبحنا حملت شنطتي وغادرت الكلية الحربية وتخليت عن كل مستقبلي كضابط وقائد ورئيس لأنني علمت بأنه يستحيل ان أحقق ذلك في ظل دولة تحكمها هذة العقلية وبينما كنت عائدا للمنزل كنت قد بدأت للتو أصحو وأستيقظ وأنظر حولي فكل أهلي الذين أنتمي إليهم يعيشون في ظروف قاهرة وأشغال هامشية وكأنهم تم إستجلابهم للعمل في هذة الحرف والمهن التي ترفع عنها اولئك الذين يحكمون البلاد ومن ذلك الحين أدركت بأنني شخص غير مرغوب فيه داخل هذة الدولة فخرجت مُهاجرا لإستكمال تعليمي والعودة الي وطني الحقيقي دولة غرب السودان وإن غداً لناظره قريب .
ناشط دارفوري مطالب بالإستقلال والإنفصال
عبد الله بن عُبيد الله
ولاية إنديانا
الولايات المتحدة الأمريكية