بسم الله الرحمن الرحيم..
مثلث حلايب المحتل مصرياً أكثر أهمية من بلدة هجليج شبه الصحراوية !!
عبدالغني بريش اليمى… الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]..
بعد توتر العلاقات السودانية المصرية في التسعينيات من القرن الماضي تحركت القوات المسلحة المصرية بأوامر من القيادة السياسية العليا بإحتلال مثلث حلايب السودانية . وحلايب هذه أرض سودانية 100% حسب الخرائط البريطانية ، وتسكنها قبيلة البشاريون الذين ينحدرون من قومية ” البجا ” وغيرها من القبائل ذات الأصل السوداني .
وبالرغم من أن منطقة حلايب لم تكن يوما ما منطقة نزاع بين السودان ومصر ، إلآ أن حكومة البشير لم تبدي أي مقاومة تجاه القوات المصرية المحتلة ، ولم تثر هذا الموضوع أيضا أمام المحافل الدولية ” كمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية ” إلى يومنا هذا . ولكنها اهتمت اهتماما عظيما بمنطقة الهجليج التي تقع على الحدود بين الجنوب وشمال السودان ، وليست لها أي أهمية استيراتيجية تذكر سوى انتاجها لبضعة ألالاف براميل من نفط السودان .
يوم الثلاثاء التاسع من أبريل 2012 سيطر جيش جنوب السودان على منطقة هجليج بعد فرار مليشيات الدفاع الشعبي وقوات البشير منها تاركة من وراءها كل آلياتها وعتادها العسكرية . وبعد يومين من سيطرة الجنوب على حقل هجليج طالب برلمان حزب المؤتمر الوطني حكومة البشير بوقف فوري لمحادثات القضايا العالقة بين الدولتين واستنفار كافة القطاعات الشعبية لتحرير منطقة هجليج وكافة المناطق التي يسيطر عليها الجيش الشعبي .
بعد وقف الحكومة السودانية مفاوضاتها مع دولة جنوب السودان واعلان الحرب على الأخيرة ونحن نسمع حديثا يوميا للناطق الرسمي باسم الجيش السوداني يقول فيه إن قواته على مشارف مدينة هجليج وسيدخلها في ساعة أو ساعتين ، إلآ أن الساعتين أصبحت أياماً ولم يتمكن جيش البشير دخولها ، لسبب بسيط وهو انه لم يرتب صفوفه وأوراقه قبل استعادة هذه البلدة .. فلماذا يصر النظام السوداني على الانتحار فيها وهو يعرف قدراته العسكرية جيدا ؟ .
في حقيقة الأمر هجليج ليست بأكثر أهميةً من مثلث حلايب التي تتكون من محمية تعتبر من أهم وأكبر المحميات الطبيعية ( جبل علبة ) (( وتقع في الركن الجنوبى الشرقى في مثلث حلايب وتبلغ مساحتها 35600 كم مربع ، تقع بين خطى عرض 22 و 23.30 وخطى طول 34.5 و37. و تحوى المحمية العديد من الموارد الطبيعية وحياة برية ونباتات طبية واقتصادية وآثار ورسومات قديمة بالإضافة إلى الثروات الجيولوجية والمعدنية والموارد المائية من ابار وعيون للمياه العذبة كما يثريها البحر الاحمر بثروات بحرية كبيرة من شعاب مرجانية وحشائش بحرية وكائنات بحرية نادرة بالإضافة إلى إلى العديد من جزر البحر الاحمر في نطاق حدود المحمية والتي تحوى السلاحف البحرية وأنواع عديدة من الطيور النادرة المقيمة والمهاجرة وأنواع من اشجار المانجروف ذات القيمة البيئية والاقتصادية الكبيرة )) .
إذن منطقة حلايب المفترى عليها والمحتلة مصرياً منذ عقدين من الزمان أكثر غناً من حيث الثروة الطبيعية من منطقة هجليج التي حشد النظام السوداني كل قواته ومليشياته لإستعادتها إليه من دولة جنوب السودان . لكن النظام السوداني ، ولأنه أعمى البصيرة ولا ينظر للأمور بموازين وطنية وسيادية ، اختار طريق الحرب مع جنوب السودان بدل المفاوضات ، ولسبب بسيط وهو ان هذه المنطقة شبه الصحراوية تنتج قليلاً من البترول الذي يعتمد عليه النظام الخرطومي في زعزعة أمن المواطنين وتمويل الارهاب الداخلي .
لو لم يكن النظام السوداني يهرب مواجهة القوات المصرية التي احتلت مثلث حلايب السودانية في عام 1992 ، لكانت كل الشعوب السودانية وقفت معه وهو يواجه قوات دولة جنوب السودان في الهجليج . أما وأنه قد ترك منطقة حلايب للمصريين !! فلماذا تقف الشعوب السودانية معه في حربه في منطقة هجليج ؟ .
إن حرب هجليج- هي حرب حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، فقد اختار هذه الحرب ليس لأمر يتعلق بالسيادة الوطنية للسودان ، بل لأن هجليج هي المنطقة البترولية الوحيدة التي تدر دخلا كبيرا له بعد انفصال جنوب السودان في التاسع من يوليو 2011 . ومن بترول هجليج مول نظام الإبادة الجماعية القائم في الخرطوم حربه في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور .. وهجليج هذه بالنسبة للنظام السوداني بمثابة شريان حياته ، وبدونها يعني انهياره وسقوطه .. وعلى السذج والبسطاء من أهل الشمال أن يفهموا أنه ليس من مصلحتهم التورط في حرب عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني الزائل قريبا انشاءالله ، وبزوال نظام الإبادة الجماعية الجاثم على صدور السودانيين لثلاث وعشرين عاما ، صدقوني ستعود حلايب والهجليج إلى السيادة السودانية دون ضوضاء ودون اطلاق رصاصة واحدة .