بقلم الكاتب والباحث / ابراهيم محمد اسحق*
موخرا وبعد استقراري في الولايات المتحدة الامريكية امسكت بقلمي عن الكتابة ,
ليس زهدا من الخوض فيها او مخافة من ردود الافعال , رغم الامكانيات و الحرية المتاحه لامثالي , ولكن من واقع ان الانسان يحتاج في بعض الاوقات الي الانزواء بعيدا لينغلق في كهفه الخاص علي ذاته, من اجل التامل في مسيرة حياته مراجعة وتقييما او نقد مجتمعه او من خلال مقولة الباب البجيب الريح سدوا في حالة العجز , الا ان بعض الرياح اعتي من بعض الاقفال فتدخل عليك رقم انفك لتجعلك في المواجهة , فاما ان تصمد وتواجهها اوتنحني فتمر العاصفة او ان تضعف وتسقط فتخر صريعا .
ومن الظواهر التي لفتت نظري اننا كسودانيين ناجحين علي المستوي الفردي . الا ان ذلك النجاح لا ينعكس علي المستوي الجمعي للامه .
حيث اننا ما زلنا نعيش في كهوف القبلية التي تودي ينا الي مزيد من التشرذم و العزلة الاجتماعية ونحاول ان نخفي فشلنا بان نتوشح ثوب الفخر والتعالي علي اقرب الناس الينا . وحتي نغطي به سواءة فشلنا نحاول ان نصنع مزيد من العداوات ونضع الحواجز بيننا مما ادي ينا ان نعيش في هامش الهامش في الخارج في عواصم العالم الاول , و في السودان حدث ولا حرج لم نتمكن ان نكون قومية سوداناوية تجعلنا نعتز بانتمائنا لتراب الوطن اوالحضارة الافريقية .
فاصبح العار يطاردنا وقد وصلت بنا حالة الوعي الجمعي اننا نجيد فن اقصاء البعض بجدارة , وفي اي خلاف نسعي للمقاطعة ونفي الاخر المختلف عننا لمجرد اختلاف الراي , وهذا النبذ والتهميش ضد بعضنا البعض تحول الي استخدام ادوات اكثر عنفا لادارة الصراع بيننا كعرقيات او قوميات متصارعة .
ووصل بنا الامر الي استخدام كل ادوات القتل والتدميرمن اجل تحقيق العلو وقد وصل الامر بان استخدمت الحكومات التي اعقبت المستعمر في حكم البلاد الاقصاء كوسيلة للسيطرة الاجتماعية .
وقد تميز الخطاب السياسي للنخب والصفوة , في فترة الحكم الوطني بعبارات ظلت تغذي الكراهية والتمييز العنصري والحقد العرقي والطبقي بين مكونات المجتمع السوداني .
ووصلت الكراهية في مواجهة الاخر لارتكاب جرائم الابادة الجماعية في عهد دولة المشروع الحضاري , وهي ان نصل مرحلة الغليان في محاولة لالغاء الاخر نهائيا , بل السعي لطمس كل معالم واثار العلائق الثقافية والتاريخية الجامعة بيننا كسودانيين. ومحاولة من يدير دفة الدولة للحاق بالجنس العربي التي يعتد به الي في الشروع لارتكاب جرائم يندي لها جبين الانسانية , من اغتصاب جماعي وحرق وسحل ونهب وسلب , وباسم الاسلام والعروبة ارتكبت كل ما هو محرم .
وظلت هذه الاعمال التي ترتكب باسم الانتماء للجنس السامي الي اتخاذ العروبة والاسلام قناعا لانتاج الفظائع يوميا . وما زالت عزابتها واثارها تتطارد السودانيين في حلهم وترحالهم ,
لقد هرب السودانيين جماعات وافراد من الجحيم الذي صنعته اوهام النخب والصفوة الحاكمة للحاق بمن هو ارقي منهم , وظل جنون القتل الجماعي يطاردنا حتي خارج الحدود .
ففي كل الدول التي يعيش فيها السودانيين تبدلت صفاتهم وتقاليدهم , فاصبحت كراهية البعض طابعهم وعدم الثقة والوفاء,
لقد تم تزييف الشعب السوداني في الداخل باستخدام الخطاب السياسي العنصري , وما زال جهاز الدولة الامني والقمعي يطارد الفارين خارج الحدود بل ويسعي ان لم يتمكن الان للحاق بمن فر وهرب ان يقتله قتلا حسيا ان يقتله معنويا باتباع نفس السياسة من عزل واقصاء , ولم يسلم من هاجر او هرب لاجئا , فنانا كان ام شاعرا او مفكرا او رجل اعمال او من عامة الشعب , لقد صار الشعب السوداني بضاعة رائجة في سوق النخاسة العالمية وفي الحروبات العبثية , وتم بيع شبابنا كقطع غيار في طريق الهروب الي اسرائيل وليبيا , وشبعت الاسماك في البحار من لحوم الشباب الباحثين عن فرصة للنجاة ودفنت احلامهم في القيعان السحيقة .
ان السوادنيين فرض عليهم قادة اغبياء لايتعلمون من اخطائهم .وحتي في الصعيد الاخر فان المعارضة في الحارج اصبحت نسخة مشوهة من غباء النطام الحاكم في الداخل .
والمعارضة تضيق بالرائ الاخر وهي في سعيها تقبل بسياسة الامر الواقع دون محاولة لتغيير النظام .
واصبح بعض الساسة لا يحدثوننا علي قدر عقولنا , ولا ينزلون الاخرين علي قدر منازلهم .
ورغم ذلك لدي البعض منا غطرسة زائدة وتكبر عن الحق , ورغم ما وصلنا اليه من حال هنالك من يستعرض عضلاته علي الضعفاء , ويبالغ في تقدير ذاته .
لقد اصاب الشعب حالة تبلد لم يسبق لها مثيل , فحالة الشرود والتشتت دون اي فعل للتغيير هي الحالة المسيطرة علي الشعب السوداني وكذلك المعارضة في الداخل والخارج ,
خاتمة :-
ان علي الشعب السوداني ان يخلع عنه ثوب المس الذي مسه ويواجه الامر الواقع , بالثورة والتغيير , ولا يكون ذلك الا بالتنازل عن الغباء الاجتماعي بالتضامن والسعي للم شتاتنا وان نحي صفات السودانيين السمحة .
ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم.
*كاتب سوداني مقيم بالولايات المتحدة الامريكية