عبد العزيز التوم ابراهيم عثمان
في المبادرة التي اطلقتها جامعة النيلين -كلية القانون وذلك في قاعة الصداقة في يوم 20/4/2014 تحت شعار: “دستور من اجل الوطن ” انكشفت ستار الازمة السودانية بشكل جلي وطرائق التفكير لكثير من اساتذة القانون ممن يعتبرون هم المشتغلون في مجال القانون فكرا وممارسة ،وهنا قد يكون المرء امام سيل من الاسئلة المحيرة ،ولكن يستطيع الشخص ان يجد تسويغات نفسيه لذاته ولربما ان الامر متعلق بالشلل الذي اصاب المجتمع السوداني في كل ضروبه الاكاديمية الفكرية السياسية والاقتصادية…الخ ، وكما ان ليس بغريب ان تتولي جامعة النيلين –كلية القانون المبادرة الدستورية المتمثلة في عملية صناعة الدستور ولذلك رفع وعي الشعوب السودانية بثقافة الدستور واهميته ودوره في الاستقرار السياسي ،ولكن الاغرب ان تسعي جامعة النيلين في وضع الدستور نيابة عن الشعوب السودانية المختلفة ! لان هناك ثمة تمايز واختلاف مابين عملية صناعة الدستور ووضع الدستور ،كون ان تعمل جامعة النيلين في عمليات صناعة الدستور كغيرها من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني امر لا غبار فيه ،ولكن ان تنصب نفسها معبرا شرعيا للشعوب السودانية وبالكيفية التي تحدثت بها بعض استاذتها وهم بمثابة فلاسفتها ومنظريها قد تضع الجامعة في جزيرة الظنون والريبة وتعرض الاستقلالية الاكاديمية في محك التساؤل!.
قد يحارالمرءكثيرا في طبيعة تفكير بعض اساتذة القانون وخاصة من خلال متابعتي اللصيقة لمجريات الاحداث وقتذاك داخل قاعة الصداقة وقد كان يدور في مخيلتي تساؤلا: هل هؤلاء الاكاديمين غير مدركين بمكنونات ومتضمنات الازمة السودانية والتي الت لهذه المرحلة مما جعلتهم لتقديم هذه المبادرة ام انهم عن قصد يستغفلون العناصر المنشئة للازمة السودانية ؟! وخاصة عندما دلف البروفيسور محمد عثمان خلف الله للحديث عن علاقة الدين بالدولة متناولا بهذا الصدد معتقد “الكجور” بجبال النوبة وانه يستغرب من بعض الناس الذين يعتبرون الكجور معتقدا بل استطرد قائلا:يجب علينا ان نرتقي بهؤلاء الناس الي مراتب سلم الايمان بالدين الاسلامي ولا حديث عن اي دين اخر بعد ذهاب الجنوبيين ولا سيما ان المسلمين الان الاغلبية الساحقة في السودان ! اما فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالهوية فقد ذكر البروفيسور ان دين الدولة هو الاسلام وان اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدولة ، وهكذا حسم البروفيسور محمد عثمان خلف الله هذه المسائل الخلافية بكل هذه السذاجة !!! وهذا هو الخطاب المهيمن لكل الجلسات وهو ذات الخطاب الذي زج السودان في براثن الاقتتال والاحتراب وحالة من عدم الاستقرار الدستوري والسياسي !.ومن هنا قد يتساءل الشخص هل هذه المبادرة اطلقتها كلية القانون بمحض ارادتها ام ان هناك جهات تختبئ وراء هذه المبادرة ، وقد تاكد لي بما لا يدع مجالا للشك ان هذه الفرقعة الاعلامية التي احدتتها الجامعة هي صنيعة النظام وان هؤلاء الاساتذه مجرد موظفون للدولة وليس المشتغلون في مجال المعرفة بحثا وانتاجا خروجا من القاعدة المألوفة للاستاذ الجامعي …انها حقا مأساة !!!.
ان من الاجدر لهؤلاء الاكاديميين الا يجعلوا من انفسهم محل للسخرية والاستهزاء بحشر انفوفهم في مسائل شائكة وملتبسة مثل الازمة الدستورية في السودان ،وهذا ليس انتقاصا من مقدراتهم العقلية في وضع الدستور بل اي شخص يستطيع ان يضع الدستور ولكن السؤال الجوهري دستور من ولمن؟ اذ اؤكد بلا شك انني تدربت تحت يد هؤلاء الاساتذة في طرائق البحث للمعرفة القانونية ،ولكن عندما يكون الشأن متعلق بالوطن تنخفض رايات الاحترام والتقدير التي تجب الحقيقية والمكاشفة وتعلو صوت النقد ،اذن فالنقدم النقد والنقد الذاتي من اجل الوطن كما هو شعارهم في المبادرة “دستور من اجل الوطن”.