واشنطن: مينا العريبي
لم يعرف مأمون يوسف سلفاب أن اختياره دراسة تقنية المعلومات والإدارة في جامعة «ماريماونت» في واشنطن كان سيقوده بعد 9 سنوات إلى أن يصبح مسؤولا عن تقنية المعلومات في مكتب السيناتور الجمهوري الأكثر تأثيرا في مجلس الشيوخ الأميركي.
اختيار مادة تقنية المعلومات والإدارة لم يكن الهدف منه دخول مجال السياسة في واشنطن، بالنسبة إلى مأمون، الذي يشتهر باسم «مون» (أي قمر بالإنجليزية)، إلا أنه بات واحدا من أكثر الموظفين الناشطين في الكونغرس الأميركي من أجل تسليط الأضواء على القضايا التي تهم المسلمين، داخل الولايات المتحدة وخارجها. وعلى الرغم من أن عمل مأمون اليومي غير متعلق بقضايا المسلمين، فإنه ينشط من خلال «جمعية موظفي الكونغرس المسلمين» التي أسست قبل 3 سنوات لتنشيط الموظفين المسلمين الذين وصل عددهم إلى 50 موظفا وموظفة من خلفيات عدة. «الشرق الأوسط» التقت مأمون في ملتقى نظمته الجمعية يوم الجمعة الماضي في مبنى الكونغرس الرئيسي وسط واشنطن للاحتفاء بالمتدربين المسلمين خلال أشهر الصيف في الكونغرس ومؤسسات أخرى مهتمة بقضايا المسلمين مثل «المعهد العربي – الأميركي» و«مجلس العلاقات الأميركية – الإسلامية». وتعمل «جمعية موظفي الكونغرس المسلمين» على الربط بين هؤلاء الشباب المتدربين، حيث من المتوقع أن يصبحوا نافذين مستقبلا وأن يعملوا في السياسة الأميركية. واللافت أن مكان اللقاء كان في الغرفة «إتش سي 5»، وهي التي تخصص عادة لصلاة الجمعة أسبوعيا داخل مقر الكونغرس. يقول مأمون «كوني مسلما لا يؤثر على عملي اليومي، الأمر غير متعلق بعملي»، لكنه أوضح أنه ينشط من خلال الجمعية. مضيفا أن «عمل الجمعية في غاية الأهمية، لقد بدأت العمل قبل 3 سنوات، وهناك حوالي 50 عضوا، حوالي 10 منهم نشطين جدا، يلتقون بأعضاء الكونغرس ويقومون بتوعيتهم حول القضايا المهمة للمسلمين». وأشار إلى أن عمل الجمعية يتفاوت حيث من ضمن أنشطتها أيضا تنظيم إفطار في شهر رمضان الماضي حضره 890 شخصا، بالإضافة إلى اللقاء مع المؤسسات المختلفة المرتبطة بعمل الكونغرس والدبلوماسيين. إلا أن اللافت هو خلفية مأمون نفسه حيث يقول «مسقط رأسي هو السودان، وترعرت في الكويت، والآن مواطن أميركي»، فقد غادرت عائلته الكويت، حيث كان يعمل والده، بعد غزو صدام حسين للكويت عام 1990. وبالطبع فإن مأمون، 35 عاما، لم ينس جذوره حيث يقول بلغة عربية فصيحة «أنا من عشاق تاريخ وثقافة العالم العربي» حيث لا يخفي ولعه بالتاريخ العباسي. ويتحدث مأمون باهتمام كبير عن أهمية تفعيل دور الموظفين المسلمين في الكونغرس مع الحرص على عدم «التفريق بين سنة أو شيعة، المهم نحن مسلمون وأن نتحد»، مضيفا «نعقد لقاءات مع دبلوماسيين وأعضاء كونغرس حول قضايا تخص المسلمين في أي مكان في الولايات المتحدة أو في دولة أخرى مثل باكستان والسودان والعراق وإيران». ويحرص مأمون على التواصل مع عدد من المتدربين الذين حضروا لقاء الجمعة الماضي، من أجل تشجيعهم على العمل والتواصل معه في حال يمكن أن يساعدهم في أي أمر، حيث يعمل في مكتب السيناتور ميتش ماكونيل، وهو السيناتور الأقدم في مجلس الشيوخ ويعتبر قائد المعارضة الجمهورية في مجلس الشيوخ منذ يناير (كانون الثاني) 2007. ويقول مأمون إن عمله في الكونغرس «جاء صدفة، حيث طلبت مني إحدى الشركات التعاقد معها من أجل إيفادي لاحقا إلى الكونغرس»، موضحا أن عمله في السابق كان مع كلا الحزبين في البلاد. ولكن منذ سنتين حين تسلم ماكونيل منصبه، أصبح مأمون يعمل في مكتبه مباشرة. وبالنسبة للتحدي الرئيسي في عمله، يقول مأمون والابتسامة تعلو وجهه «كيف ترضي الجميع» مضيفا أنه يحاول ويبذل جهدا «لعمل ما أستطيع». ولدى مأمون أصدقاء حميمون في الكونغرس، منهم لينا تشاودري، وهي شابة تعمل «مساعدة تشريعية» للنائبة بيتي ماكولوم. ومثل مأمون، لينا عضوة في «جمعية موظفي الكونغرس المسلمين». ومثله، فإن عملها لا يركز على هويتها الخاصة بل معرفتها ودراساتها، إذ هي تختص بقضايا الصحة. وشدد جي صالح ويليامز، أحد النافذين في الجمعية، على أهمية توحيد صفوف المسلمين من أجل الضغط داخل الكونغرس لحماية مصالح المسلمين بالإضافة إلى العمل لخدمة الشعب الأميركي. وقال ويليامز في كلمة مختصرة أثناء التجمع «نعمل من أجل التوعية ودعم القضايا المهمة»، مضيفا «علينا أن نسعى إلى ضم أعضاء مسلمين جدد للكونغرس».
وكان عضو الكونغرس الأميركي المسلم الوحيد، كيث أليسون، موجودا في التجمع وتحدث للمتدربين، قائلا «الطريقة لتغيير بلدنا العظيم من خلال تمكين أنفسنا ودفع التغيير». وأضاف «الرئيس (الأميركي باراك) أوباما قد أشار إلى رغبته بتحقيق التغير الحقيقي، وأعتقد أن التغير الحقيقي آت، لكن سيأتي لأننا سنقوم بعملنا لجلب التغير». واعتبر أنه يجب أن يكون هناك مسلمون في «كل لجنة في الكونغرس من لجنة العدالة إلى الصحة». ولفت أليسون إلى أهمية «أن الأذان يرفع من داخل مبنى الكونغرس، يجب أن نقول للعالم إننا نصلي هنا»، معتبرا أن مسلمي أميركا هم «جسر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي». ويذكر أن أليسون عين متدربين مسلمين في مكتبه هذا الصيف، كما أن هناك العشرات من المتدربين المسلمين في مكاتب عدد من أعضاء في الكونغرس. وعادة ما يكون هناك 10 موظفين في مكتب عضو مجلس النواب الأميركي، بينما يصل عددهم في مكتب السيناتورات في مجلس الشيوخ إلى 35. وبعد أدائه صلاة الجمعة واستماعه لخطبة الجمعة، عمل مأمون على الترحيب بالمتدربين الجدد والتعرف على أخبار زملائه في «جمعية موظفي الكونغرس المسلمين». وبعد ساعة من الدردشة وتناول قطع البيتزا، عاد مأمون إلى مكتبه ليعود إلى التركيز على أجندة السيناتور ماكونيل حول تقنية المعلومات.
الشرق الاوسط