ليست الدوحة يا هؤلاء
علي أبو زيد علي
[email protected]
لم تخذلنا الدوحة وتنجح في تحقيق السلام في دارفور رغم كل المساندة التي وجدها المنبر العربي الخليجي من الحكومة السودانية ودول المنطقة وبعض من القوى العظمى ورغم كل تلك التحركات المكوكية التي قام بها المندوب القطري إلى عدد من دول العالم والالتقاء بعدد من الحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني الدارفوري وسخاء الدولة القطرية في الاستضافة والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها لأطراف النزاع من وقت لآخر.
رغم أن منبر الدوحة لم يعلن حتى كتابة هذا المقال نتائج جهد الوسطاء في تحقيق بداية المفاوضات فقط بعد مضي أكثر من أسبوعين من الدعوة والإعلان عن انطلاقة المفاوضات بين الطرفين المتنازعين والمتوقع أن يعلن الوسطاء جلوس الطرفين إلى طاولة التفاوض في وضع أقرب إلى الفوضى وقد تعلن الدوحة فشل الوسطاء في جمع الأطراف وينفض السامر لمزيد من المشاورات والعمل لتوحيد الفصائل الدارفورية.
ففي الحالة الأولى إعلان بداية المفاوضات بعد مضي أكثر من أسبوعين في انتظار توحيد الأطراف المسلحة فإن البداية لن تأتي أصلا بالوصول إلى اتفاق بين الفصائل المسلحة من خلال مبادرة العدل والمساواة والتي تنظر إلى الفصائل الأخرى بتعبير رئيسها الدكتور/ خليل أنها “حركات نت” والشيء الثاني الذي يستبعد وحدة الحركات المسلحة الدارفورية هو موقف حركة السيد/ عبد الواحد نور من منبر المفاوضات ناهيك عن الجلوس تحت مظلة العدل والمساواة أو الاعتراف بمجموعة طرابلس أو مجموعة أديس أبابا أما ثلاثة الأسباب التي تقودنا إلى استحالة الموقف الموحد للحركات المسلحة يكمن هذا السبب في دواعي الانشقاقات والأسباب الجذرية التي أدت إلى تناثر الحركتين منذ البداية ومن بين تلك الجذرية تمكن القبيلة بين القيادات السياسية والعسكرية للحركات المسلحة.
أما الرابعة فهو إدراك رئيس الوفد الحكومي د/ أمين حسن عمر باستحالة الجلوس للمفاوضات بين طرفي الحكومة والحركات المسلحة متوحدة وجاءت تصريحاته المعتمدة بأن الوفد الحكومي على استعداد للتفاوض مع الفصائل موحدة أو التفاوض مع كل فصيل على حده وهو موقف حمال أوجه كما أشرنا أما يأسا باستحالة حدوث التوحد وإما مناورة لاستطالة أمد التفاوض إلى ما بعد نتائج الانتخابات القادمة.
أما الموقف الثاني والمتوقع هو إعلان تعليق بداية التفاوض لمزيد من التشاور والعمل على تخطي العقبات التي حالت دون البداية وهذا الموقف يستدعي البداية الضعيفة التي بدأت بها المبادرة بتحقيق جلوس الوفد الحكومي مع حركة العدل والمساواة والسعي لاتفاق بين الطرفين من خلال التفاوض المباشر والتي لم تنتج سوي مذكرة حسن النوايا المبهمة والتي لا تبيض وجه الوسطاء.
لقد أشرنا في مقالات سابقة حول مسيرة السلام في الدوحة إن الوقت غير مشجع للوصول إلى سلام من خلال الجلوس مع الحركات المسلحة وإن الحراك السياسي وإجراء الانتخابات والتغيير المتوقع في بنية الدولة لا يكفل تنفيذ ما تتوصل إليه الأطراف في مدى الثلاثة أشهر القادمة.
أيضا الوضع القاتم في مسألة سلام دارفور لا يمكن الخروج منه إلا إذا قامت الحكومة والأطراف الإقليمية والدولية التي تضطلع بالوساطة والتسهيل إلى تغيير منهج التفاوض والإجراءات الهيكلية التي تتخذ بحثا عن السلام وإتباع منهج عاجل يتمثل في:
أولا: عدم الرهان الكامل على أن الحركات المسلحة الساعية للتفاوض وتتحدث باسم المواطنين في دارفور وقضايا الإقليم أنها تمتلك الشرعية التفويضية أو الأهلية لممارسة حق الوصاية خاصة في واقع تشتتها وتمزقها واستناداتها القبلية وأن السلام والأمن مرهون بصورة أساسية في المجتمع المدني الدارفوري وهي الأغلبية الساحقة وهذا المجتمع يمكن أن ينتج مؤسسات بديلة أكثر عنفا من الحركات الحالية في حالة قهرها بسلاح الحركات وسلطة الدولة ويستطيع تحقيق الأمن والسلام في المنطقة وتم تقدير دوره وإمكانياته.
ثانيا: على الأطراف أن تتوصل إلى ضرورة مشاركة فاعلة وقائدة لجمهورية مصر في ملف سلام دارفور فهي تمتلك من عناصر النجاح وتغيير المنهج ما لا تمتلكه دولة أخرى ولها ارتباطات وثيقة بالمشكلة في إطار الجوار والإقليم الأفريقي والعلاقات الدولية والخبرات المتراكمة.
ولله الحمد