لجنة التخلى عن زواج القاصرات.. تحت المجهر

بقلم/إحسان عبد العزيز
طالعتنا الاخبار بدعوة وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي إلي الاستمرار والمشاركة في الحوار والمناقشة حول زواج القصر للوصول إلي المصلحة الفضلى للمرأة والطفل ولإحداث تغيير وحراك اجتماعي ايجابي وذلك لدى مخاطبتها اول الامس بقاعة الصداقة الورشة التنسيقية حول زواج القصر التي نظمتها الوزارة بالتعاون مع مركز المرأة لحقوق الإنسان ومجلس الطفولة واليونيسيف، واعلنت الامين العام للمجلس القومى لرعاية الطفولة عن تكوين لجنة قومية لدعم التخلى عن زواج الطفلات..
الافت للنظر تكوين هذه اللجنة من مؤسسات رسمية تعمل فى إطار ذات الدولة التى وضعت القوانين التى تساند انتهاك حقوق الاطفال
وممارسة العنف ضدهم خاصة الاناث منهم حيث شكلت اللجنة برئاسة المجلس القومى للطفولة ومركز المرأة لحقوق المرأة والطفل وعضوية كل من (وزارات الصحة،الارشاد والأوقاف ،والمالية إضافة للاتحاد العام للمرأة السودانية ،كتلة البرلمانيات ،المجلس القومى للتخطيط الاستراتيجي ومنظمات المجتمع المدنى.)
فاذا أخذنا هذه اللجنة وتلك الورشة بعين الاعتبار.. نجد أننا أمام تناقضات لا تخطؤها عين غافل، فاللجنة والوزيرة والمشاركون يعلمون أن زواج القاصرات محمى من المنع والحظر والتخلى بقانون الاحوال الشخصية لسنة 1991م الذى وضعته سلطة الدولة التى وصفتها الوزيرة بأنها (تضع الاطفال محط عنايتها)، ويعلمون أيضاً ان الدولة المتحدث عنها هى ذات الدولة التى اسقط مجلس الوزراء فيها عند إجازته لقانون الطفل لسنة 2009م المادة ( 13) التي تدعو إلى حظر ممارسة عادة ختان الإناث والعادات والتقاليد الأخرى الضارة بصحة الطفل وذلك التزاما منه بفتوى مجمع الفقه الإسلامي الذي دعا إلى تأصيل ختان الإناث..
فالباب الثانى من قانون الاحوال الشخصية الخاص بالزواج _ المادة (40) 2_ أعطى ولى الامر الحق فى تزويج الطفلة ذات العاشرة إن كانت هناك مصلحة راجحة، حيث تنص المادة على ( يكون التمييز ببلوغ سن العاشرة)، وجاء البند 2 تكملة للبند 40-1 والذى جاء فيه (زواج المميز لا يعقد الاّ من وليه بعد ظهور مصلحةراجحة) وبالطبع تعتمد المصلحة الراجحة حسب تقدير الولى دون اعتبار لمصلحة القاصر ومستقبلها وحرمانها من أن تعيش طفولتها وحقها فى إختيار زوجها..
والملاحظ ان كل العبارات التى تمت صياغتها فى هذا الامر من قبل المشاركين فى الورشة (حسب المنشور بالمصادر الاعلامية المختلفة) لم تتعرض من قريب او بعيد لهذه الفقرة من القانون التى كرست لظاهرة زواج القاصرات وساعدت على إنتشارها حتى فى الاوساط المستنيرة.. ساعدت على ذلك الاوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليف التعليم والعلاج وغيرها..
فالحديث المنشور عن مداولات تلك الورشة بقاعة الصداقة يذكرنا بدفن الرؤس فى الرمال كما تفعل النعام، وارجاع تكريس الظاهرة الى الثقافات الشعبية يبدو كمن (يعاين للفيل ويطن ضله)..
والسؤال الذى يصبح مشروعاً حول مداولات هذه الورشة وتوصياتها.. هل هى خطوات حقيقية نحو محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها، أم إنها مجرد مزايدات جديدة على قضايا اساسية ظلت هاجس تناولته منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الاطفال والنساء، ورفعت حولها كثير من المذكرات والتوصيات التى تطالب بتعديل قانون الاحوال الشخصية وإزالة المواد التى تكرس لاضطهاد النساء ومن بينها المادة المعنية التى تبيح زواج القاصرات، بل هناك منظمات ومبادرات ذهبت الى أكثر من ذلك وطالبت بالغاء القانون وصياغة قانون بديل يواكب المتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع، وعملت هذه المنظمات مجتمعة ومتفرقة بطرق مختلفة على محاربة الظاهرة وسط المجتمع وتسليط الضوء على أضرارها النفسية والصحية وعلى الاجيال القادمة التى تنتج عن زواج القاصرات وصغيرات السن، فلماذا اذن تبدو هذه الورشة وكأنها بدأت من الصفر فحشدت كل هذه الجهات الرسمية فى تلك اللجنة لدعم التخلى عن زواج القاصرات..
من حيث المبدأ والهدف لابد من دعم مثل هذه الجهود.. ولكن يظل الحكم مقروناً بالعمل، وتظل اللجنة تحت المجهر الى أن تسقط كل القوانين التى تنتهك حقوق النساء والاطفال وتكرس لهذه الظواهر التى تعقد لها الورش وتصرف فيها الاموال لمجرد ذر الرماد فى العيون.
22/6/2014م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *