كيف نعلم أبناءنا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد؟(5)هارون سليمان
حقوق الإنسان :
إن مفهوم حقوق الإنسان من حيث التعريف والتطبيق اتخذ ألوان وأشكال مختلفة وذلك لارتباطه وتأثره بالأنساق الفكرية والتنظيمات الاجتماعية والأنماط السياسية السائدة في فترة معينة من جهة ومن جهة أخرى نجد أن مفهوم حقوق الإنسان خضع لتمويه والتزييف والتلاعب بحيث أصحبت له معان مختلفة وكأنه مفهوم مطاطي يمكن شده لتتسع دائرته ويمكن ضمه لتنطبق أبعاده ومضامينه حسب الأهواء والمصالح والسياسات ولكن رغم ذلك يمكن أن نطلق على عصرنا الراهن عصر حقوق الإنسان فالسياسة الدولية أخذت تتبلور وتتشكل طبقا لمفاهيم حقوق الإنسان انطلاقا من وعي الشعوب وتطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال والإعلام وثورة المعلومات والعولمة والدور الفعال الذي يقوم به الناشطين في مجال حقوق الإنسان وتعدد المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان،رغم الانتهاكات الفظيعة والجرائم التي ترتكب في حق الإنسان في أنحاء متفرقة من عالمنا بصفة يومية .
ومن الثابت أن حقوق الإنسان تولد مع الإنسان نفسه واستقلالاً عن الدولة، بل وقبل نشئتها، لذلك تتميز هذه الحقوق بأنها كقاعدة عامة واحدة في أي مكان من المعمورة، فهي ليست وليدة نظام قانوني معين، إنما هي تتميز بوحدتها وتشابهها، باعتبارها ذات الحقوق التي يجب الاعتراف بها واحترامها وحمايتها، لأنها جوهر ولب كرامة الإنسان .
تعريف حقوق الإنسان:
لا يوجد تعريف ثابت و شامل لمفهوم حقوق الإنسان و ذلك لاختلاف الثقافات و الشعوب و الأنظمة الاقتصادية و السياسية, فحقوق الإنسان متأثرة و مرتبطة بعوامل عديدة ذات طابع تاريخي و سياسي و اقتصادي و اجتماعي و ثقافي. ولكن يمكن تعريفها على إنها :
هي مجموعة القواعد و المبادئ المنصوص عليها في الإعلانات و المعاهدات الدولية و الإقليمية و الدساتير الوطنية التي تؤمن حقوق و حريات الأفراد و الشعوب و هي لصيقة بالإنسان و غير قابلة للتنازل عنها و تلتزم الدولة بحمايتها من الاعتداء و الانتهاك.
هي مجموعة من النصوص الدولية التي تتعلق بتنمية وحماية حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي ومناهضة التمييز العنصري وتمتع الأفراد والجماعات بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة في الإعلانات والاتفاقيات الدولية.
هي المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس، من دونها، أن يعيشوا بكرامة كبشر. وهي أساس الحرية والعدالة والسلام، وإن من شأن احترامها إتاحة فرص تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة. وتمتد جذور تنمية حقوق الإنسان في الصراع من أجل الحرية والمساواة في كل مكان من العالم. ويوجد الأساس الذي تقوم عليه حقوق الإنسان، مثل احترام حياة الإنسان وكرامته، في أغلبية الديانات والفلسفات.
هي مجموعة من القواعد التي تخول حقوقا للفرد دون تقديم تنازلات من جانبه أو إذلال له. وباختصار فإن هذا الاصطلاح يعني أيضا ” حقوق وليس مجرد آمال. وهي حقوق وليست إحسانا أو حبا أو أخوة.
هي تلك الحقوق الطبيعية الأصيلة التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته والتي بدونها لا نستطيع العيش كبشر فهي الحقوق التي تهدف إلى ضمان وحماية معنى الإنسانية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
فحقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق والحريات المقررة والمحمية بمقتضى المواثيق الدولية والإقليمية لكل كائن بشرى في كل زمان ومكان ، منذ لحظة الإقرار بوجوده بوصفه كائنا حيا وحتى ما بعد وفاته ، والتي تلتزم الدول بإقرارها وضمانها وحمايتها علي أراضيها والمترتب علي انتهاكها أو الإخلال بها المسئولية الدولية للدولة الحاصل علي أرضها هذا الانتهاك بمقتضى المواثيق الدولية المعنية والمنضمة لها أمام الآليات الدولية والإقليمية المنشئة لهذا الغرض والمسئولية الجنائية الشخصية لمرتكب هذا الانتهاك ، وضمان تعويض المجني عليه عنه في حالة كون الانتهاك مما يعد جريمة وفقا لهذه المواثيق الدولية ، والتي توفر كذلك للفرد ضحية هذا الانتهاك صفة الشخصية الدولية بمنحة الحق له في اختصام الدول لدى الآليات الدولية والإقليمية المنشأة لهذا الغرض لتصحيح ما لدى الدول الأعضاء من مخالفات وتعويض المجني عليه عنها ”
خصائص حقوق الإنسان:
إن حقوق الإنسان هي ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والمجموعات من إجراءات الحكومات التي تتدخل في الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية. ويُلزم القانون العالمي لـ (حقوق الإنسان) الحكومات بفعل أشياء معينة ويمنعها من فعل أشياء أخرى. ومن بين سمات حقوق الإنسان التي يُستشهد بها أكثر من غيرها ما يلي:
1. إن حقوق الإنسان لا تشترى ولا تكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك للبشر لأنهم ناس .. فحقوق الإنسان متأصلة في كل فرد من أفراد المجتمع الإنساني. وهي مُلزمة التطبيق في جميع الدول.
2. إن حقوق الإنسان عالمية، فهي واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي. فقد ولد جميع البشر أحرار ومتساويين في الكرامة والحقوق. فهي تحمي الفرد والجماعة.
3. إن حقوق الإنسان لا يمكن التنازل عنها أو انتزاعها، فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو عندما تنتهك الحكومة تلك الحقوق والقوانين. فحقوق الإنسان ثابتة وغير قابلة للتصرف.
4. إن حقوق الإنسان متساوية ومترابطة غير قابلة للتجزؤ. ذلك أنه كي يتمتع الإنسان بحقوقه وجب أن يعيش ويحيـا، فله حق الحياة. كما يجب أن يعيش الإنسان بكرامة، مثلما يحق له أن يتمتع بالحرية والأمن، وبمستويات معيشـة لائقة.
5. حقوق الإنسان متطورة ومتجددة فهي تواكب تطورات العصر في تجددها لتشمل مختلف مناحي الحياة.
فئات حقوق الإنسان:
1. الجيل الأول وتسمي الحقوق المدنية والسياسية : وهي مرتبطة بالحريات وتشمل الحق في الحياة والحرية والأمن، وعدم التعرض للتعذيب، والتحرر من العبودية، والمشاركة السياسية، وحرية الرأي والتعبير والضمير والدين، وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع …الخ وتتميز الحقوق المدنية والسياسية بميزتين أساسيتين هما : أنها حقوق للتطبيق الفوري أي لا تحتمل التأجيل أو التدرج في تطبيقها وأنها لا تتطلب من الدولة موارد كبيرة أو تخصيص مبالغ طائلة أي لا يتطلب من الدولة سوى عدم انتهاكها .
2. الجيل الثاني : وتسمى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: وهي مرتبطة بالأمن وتشمل العمل والتعليم والمستوي اللائق للمعيشة والمأكل والمأوي والرعاية الصحية…الخ.
3. الجيل الثالث : وتسمى الحقوق البيئية والثقافية والتنموية : وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير، والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.
وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقوق الإنسان والحريات الأساسية نورد بعضها:
1. الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي
2. المساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية
3. تحريم ومنع الاستعباد والاسترقاق والاتجار بالشر بجميع الصور
4. تحريم التعذيب والعقاب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المهينة والحاطة بالكرامة
5. حق المساواة أمام القانون
6. تحريم ومنع الاعتقال أو التوقيف أو النفي التعسفي
7. الحق في الحصول على محاكمة عادلة وعلنية
8. الحق في حرمة مسكنه
9. الحق في سرية مراسلاته
10. حرية الحركة و التنقل والإقامة
11. الحق في الجنسية والمواطنة
12. الحق في الزواج وتكوين الأسرة
13. الحق في الملكية
14. حرية الفكر والضمير والمعتقدات والدين
15. حرية الرأي والتعبير
16. الحق في الانتخاب والترشح في الانتخابات
17. الحق في إنشاء النقابات والجمعيات والانضمام إليها والتجمع بشكل سلمي
18. الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حرا
19. الحق في الضمان الاجتماعي
20. الحق في العمل والتوظيف بالوظائف العامة في الدولة
21. الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته
22. الحق في التعليم
23. الحق في المشاركة في الحياة الثقافية
24. الحق في التنمية والعيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير
25. الحق بالاعتراف بالشخصية القانونية
26. حق تقرير المصير
الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان
لقد شهدت الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وتوفير الضمانات الكافية لحمايتها وتعزيزها تطوراً كبيراً منذ إقرار عصبة الأمم نظام الانتداب للارتقاء بسكان المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وحماية العمال في منظمة العمل الدولية ، وحماية الأقليات بالامتيازات الأجنبية ومبدأ التدخل الإنساني والحماية الدبلوماسية .
ومع إنشاء منظمة الأمم المتحدة التي يشير ميثاقها إلي إيمان الشعوب بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد ، والحقوق المتساوية للشعوب كبيرها وصغيرها، والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق , ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م، والعهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية , والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 1966 م ، وهما العهدان اللذان يعتبران الأساس بالنسبة إلي كافة التطورات الدولية اللاحقة فيما يتعلق بموضوع الإنسان وحقوقه .
كما تنوعت الآليات الدولية والوطنية التي تعني بحماية حقوق الإنسان ونشر الوعي بها وعلي رأسها اللجنة المعنية بالمسائل الاجتماعية والإنسانية والثقافية ولجنة حقوق الإنسان التي تعني برصد الانتهاكات وكشفها وتلقي الشكاوي وإجراء اتصالات مع الدول عنها بالإضافة إلي الآليات المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وتلتزم الدول بتقديم تقارير لها عن إنفاذ تعهداتها المتعلقة بالاتفاقيات الدولية.
ويضاف إلي هذه الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان مجموعة قواعد ” القانون الإنساني الدولي ” ذات الصلة بتنظيم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في ظل النزاعات المسلحة، سواء أكانت نزاعات دولية بالمعني الدقيق، أو نزاعات داخلية ذات طابع دولي.
ومع التوقيع والتصديق الدولي علي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ساد الاعتقاد بأن مسئولية الدفاع عن هذه الحقوق الإنسانية في أي مكان في العالم هي مسئولية دولية مشتركة , وبالتالي ساد الاعتقاد بان حماية حقوق الإنسان في كل المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية من الأمور التي لا تندرج ضمن الاختصاص الداخلي للدول فقط، بل صار المجتمع الدولي يقف إزاء صيانتها وحمايتها علي قدم المساواة مع الدول التي تنتهك فيها هذه الحقوق , خاصة في الأحوال التي يحدث فيها انتهاك صارخ ومتعمد علي مجموعة القواعد والأحكام ذات الصلة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
أثبتت واقع التجارب أن الجهود الدولية لا تستطيع وحدها القيام بهذا الدور… إذ يجب الاعتراف بالخصوصية الثقافية للشعوب مع وجود مقاييس عالمية مشتركة لتحديد هذه الانتهاكات مثل مناهضة التعذيب والحجز التعسفي ، والمحاكمات غير العادلة وما يسود السياسة الدولية من مصالح ذاتية, وأنانية مباشرة، وسياسة القوة . وبناءا علي ذلك أصبحت حماية حقوق الأفراد وتعزيزها مسئولية مشتركة بين المجتمع الدولي ومؤسساته وبين المجتمعات الوطنية, ومؤسسات المجتمع المدني النشطة, والرأي العام الواعي والمثقف علي المستويين المحلي والدولي.
المواثيق الدولية لحقوق الإنسان
وهي ﻧﻮﻋﺎن ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ وإﻗﻠﻴﻤﻴﺔ:
أوﻻ: المواثيق العالمية لحقوق الإنسان:
1. ﻣﻴﺜﺎق اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة : اﻋﺘﻤﺪ هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻋﺎم 1945 واﻟﺬي أﻧﺸﺌﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة، وﻳﺘﻜﻮن هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻣﻦ دﻳﺒﺎﺟﺔ و 111 ﻣﺎدة،وأقر هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام حقوق الإنسان وﺣﺮﻳﺎﺗﻪ الأﺳﺎﺳﻴﺔ.
2. اﻻﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان : أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217ألف (دـ3) في ﻋﺎم 1948 وأﺻﺒﺢ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ،وﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ دﻳﺒﺎﺟﺔ و 30 ﻣﺎدة ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟﺤﻘﻮق الفردية للإنسان اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ والاﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ والاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﻏﻴﺮها.
3. اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ : اﻋﺘﻤﺪ هذا اﻟﻌﻬﺪ ﺑﻘﺮار اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة رﻗﻢ 2200 ألف (دـ21)في عام 1966 ،وﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ دﻳﺒﺎﺟﺔ و 53 ﻣﺎدة،واﺷﺘﻤﻞ هذا اﻟﻌﻬﺪ ﻋﻠﻰ حقوق الإنسان اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ،واﻧﺸﺄ ﻟﺠﻨﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺤﻘﻮق الإنسان و أورد ﺣﻘﺎ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎ هﻮ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻤﺼﻴﺮ أو ﺣﻖ اﻟﺸﻌﻮب في ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﻴﺮها .
4. اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق الاقتصادية والاجتماعية واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ :أعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2200 ألف (دـ21) في عام 1966وﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ دﻳﺒﺎﺟﺔ و 31 ﻣﺎدة.
5. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻨﻊ الإﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻌﺎم .1948
6. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ حقوق اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻌﺎم .1989
7. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ القضاء على كافة أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ اﻟﻤﺮأة ﻟﻌﺎم .1979
8. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ إﻟﻐﺎء اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﺴﺮي ﻟﻌﺎم 1957
9. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ القضاء على أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻌﻨﺼﺮي ﻟﻌﺎم.1965
10. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﻌﻘﻮﺑﺔ واﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻟﻌﺎم .1984
11. اﻟﻨﻈﺎم الأﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ الدولية ﻟﻌﺎم .1998
12. إﻋﻼن اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺸﺎن اﻟﺤﻖ في اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻟﻌﺎم .1986
13. ﻗﺮار اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة رﻗﻢ 1514 ﻟﺴﻨﺔ 1960ﺑﺸﺄن ﻣﻨﺢ الاستقلال ﻟﻼﻗﻄﺎر واﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮة.
14. اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﺪم ﺗﻘﺎدم ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب واﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻤﺮﺗﻜﺒﺔ ﺿﺪ الإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻌﺎم .1968
المواثيق الإﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان:
هي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻮاردة في اﻟﻤﻌﺎهدات والاﺗﻔﺎﻗﻴﺎت والاﻋﻼﻧﺎت الدولية ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى الإﻗﻠﻴﻤﻲ
1. الإﺗﻔﺎﻗﻴﺔ الأورﺑﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان: إن هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻻهداف اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻻورﺑﻲ اﻟﺬي اﻧﺸﺄ ﻋﺎم .1949 وﻣﻦ أهداف هذا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺗﺤﻘﻴﻖ وﺣﺪة المواثيق ﺑﻴﻦ اﻟﺪول الأﻋﻀﺎء ﻣﻦ اﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻤﺜﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺮاﺛﻬﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك ودﻓﻊ اﻟﺘﻘﺪم الاﻗﺘﺼﺎدي والاﺟﺘﻤﺎﻋﻲ،وﺗﺸﺘﻤﻞ هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ دﻳﺒﺎﺟﺔ وﺧﻤﺴﺔ أﺑﻮاب ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ 16 ﻣﺎدة،وهذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ أعلنت في اﻻﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم .1948 وﺗﺘﻤﻴﺰ هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪها ﻟﺤﻘﻮق الإنسان وﺑإﻧﺸﺎﺋﻬﺎ ﺟﻬﺎزﻳﻦ ﻟﻀﻤﺎن ﺣﻤﺎﻳﺔ هذه اﻟﺤﻘﻮق وهما اﻟﻠﺠﻨﺔ الأورﺑﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان واﻟﻤﺤﻜﻤﺔ الأورﺑﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان وهذان اﻟﺠﻬﺎزان هما في اﻻﺻﻞ ﺟﻬﺎز إﺷﺮاف وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪى ﺗﻤﺘﻊ اﻻﻓﺮاد ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ في اﻟﺪول الأﻋﻀﺎء وﻟﻠﺘﺄكد ﻣﻦ ﻣﺪى اﻟﺘﺰام اﻟﺪول ﺑﺎﺣﺘﺮام هذه اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﻳﺎت.
2. الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ الأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان ﺗﻀﻤﻨﺖ هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ دﻳﺒﺎﺟﺔ و 82 ﻣﺎدة، وﻗﺪ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮق الأﺳﺎﺳﻴﺔ للإﻧﺴﺎن اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة اﺻﻼ ﻣﻦ اﻻﻋﻼﻧﺎت واﻟﻤﻮاﺛﻴﻖ الدولية والإﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﻗﺪ أوﺿﺤﺖ هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﺎن حقوق الإنسان وﺣﺮﻳﺎﺗﻪ الأﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻟﻤﺠﺮد أﻧﻪ إﻧﺴﺎن وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻣﻮاﻃﻦ في دوﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ،اﻻﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻤﺎﻳﺔ دوﻟﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان. وﻗﺪ أﻧﺸﺄت ﺑﻤﻮﺟﺐ هذه الاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺟﻬﺎزﻳﻦ ﻟﻠﻔﺼﻞ في اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺪول الأﻃﺮاف ﻟﺘﻌﻬﺪاﺗﻬﺎ وهما اﻟﻠﺠﻨﺔ الأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان واﻟﻤﺤﻜﻤﺔ الأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان.
3. اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻻﻓﺮﻳﻘﻲ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان واﻟﺸﻌﻮب: ﻳﺘﺄﻟﻒ هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻣﻦ دﻳﺒﺎﺟﺔ و68 ﻣﺎدة حيث ورد في دﻳﺒﺎﺟﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺟﺰء ﻻﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻋﻠﻰ ﻋﺰم اﻟﺪول الأﻃﺮاف ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ كافة أﺷﻜﺎل الإﺳﺘﻌﻤﺎر،أﻣﺎ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻓﻘﺪ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق الأﺳﺎﺳﻴﺔ وأكد ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻨﺼﺮ أو اﻟﻌﺮق أو اﻟﻠﻮن أو اﻟﺠﻨﺲ أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟﺪﻳﻦ أو اﻟﺮأي اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ …… اﻟﺦ، وأكد ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻧﺘﻬﺎك اﻟﺤﺮﻣﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﺣﺘﺮام ﺣﻖ اﻟﺤﻴﺎة وﻋﺪم اﻟﺘﻌﺮض للإهانة واﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ والاﺳﺘﺮﻗﺎق،وأكد هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎواة أﻣﺎم القانون وﻋﻠﻰ ﺣﻖ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ والاﺟﺘﻤﺎع واﻟﺘﻨﻘﻞ وﻋﻠﻰ ﺣﻖ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﺣﻖ اﻟﻌﻤﻞ،والتأكيد ﻋﻠﻰ الأﺧﻼﻗﻴﺎت واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة في اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت الإﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ،كما ﺗﻀﻤﻦ ﺣﻖ اﻟﻤﺴﻨﻴﻦ واﻟﻤﻌﻮﻗﻴﻦ في الحماية ما تلائم ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ.
4. ﻣﺸﺮوع اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺤﻘﻮق الإنسان : ﻳﻘﻊ هﺬا اﻟﻤﻴﺜﺎق في 20ﻣﺎدة وﺛﻼث ﻣﻼﺣﻖ، واعتمد هذا الميثاق ﺑﻌﺾ الاﺗﻔﺎﻗﻴﺎت واﻟﻤﻌﺎهدات اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ حقوق الإﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ،ﻓﻘﺪ ﻧﺺ هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق ﻋﻠﻰ إﻳﻤﺎن اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻮﺣﺪﺗﻪ واﻟﺘﺄكيد ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎدئ ﻣﻴﺜﺎق اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﺸﺮﻋﻴﺔ الدولية ﻟﺤﻘﻮق الإنسان كما أدان هذا اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ واﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ وأكد ﻋﻠﻰ ﺣﻖ اﻟﺸﻌﺐ في ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻤﺼﻴﺮ واهتم ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺨﺎﺻﺔ للإﻧﺴﺎن وﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة وﺑﺤﻖ اﻟﻌﻤﻞ وﺣﻖ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وأكد ﻋﻠﻰ ﺣﻖ اﻟﻠﺠﻮء اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ودﻋا إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎﻟﻪ.
5. إعلان الجزائر لحقوق الإنسان 1976م .
6. الميثاق العربي لحقوق الطفل عام 1988 .
7. إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام أغسطس 1990 م
تعليم حقوق الإنسان
مقدمة:
عند إيقاف أيٍّ كان في شوارع أيّ مدينة كبرى حول العالم وسؤاله: ما هي حقوقك المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية …؟ فمن المحتمل ألا تجد سوى قلة، بغض النظر عن العمر أو مكان السكن أو الظروف الاجتماعية للذي تسأله والحقيقة المؤسفة هي أن معظم الناس يظلون جهلاء عمليًا فيما يتعلق بحقوق الإنسان .
أضحت ثقافة حقوق الإنسان في نظر الجميع معيارا حقيقيا لكل تقدم وإستراتيجية تنموية و إن تعزيز هذه الحقوق يعتبر الهدف العام للمجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكن ترك أي وسيلة سلمية لمواجهة انتهاكاتها.
إن تعليم ونشر حقوق الإنسان، في واقع الأمر، يشكل حقا أصيلا من حقوق الناس، وتعتبر مسؤولية الحكومة في هذا الصدد مسؤولية كبرى في الترويج والتعريف بمبادئ حقوق الإنسان وآليات حمايتها ونشر ثقافتها.
إن قيم حقوق الإنسان هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثقافات عبر التاريخ وحصاد كفاح كافة الشعوب ضد كافة أشكال الظلم والقهر الداخلي والخارجي. وبهذا المعنى فهي ملك للبشرية جمعاء. ومن هنا جاء مبدأ عالمية مبادئ حقوق الإنسان وعلى الترابط الوثيق بين الحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق التضامنية، وعلى اعتمادها المتبادل على بعضها البعض وعدم قابليتها للتجزئة، وأن حقوق المرأة هي جزء أصيل من منظومة حقوق الإنسان. كما أن الخصوصية الثقافية والحضارية التي ينبغي الاحتفاء بها باعتبارها حقا من حقوق الإنسان ـ هي تلك التي ترسخ شعور الإنسان بالكرامة والمساواة، وتعزز مشاركته في إدارة شؤون بلاده، وتنمي لديه الإحساس والوعي بوحدة المصير مع الإنسان في كل مكان ولا تتخذ ذريعة لتهميش المرأة وتكريس الوضع المتدني لها، وإقصاء الآخر بسبب أي اعتبارات دينية أو ثقافية أو سياسية أو التنصل من الالتزام بالمواثيق الدولية.
والتعليم والتربية على حقوق الإنسان مازال في بدايته ببلادنا، إذ ما زلنا في بداية الدرب وطور بلورة إستراتيجية في هذا الصدد وإعداد البنية التشريعية والقانونية والتنظيمية والهيكلية لهذا النوع من التعليم والتربية لذا يكتسب موضوع التعليم والتربية على حقوق الإنسان أهمية بالغة بالنسبة لكافة المواطنين ولمستقبل الأجيال في الظروف الراهنة التي أصبحت فيها حقوق الإنسان ركنا أساسيا في بناء المجتمع وديمومته.
تعليم حقوق الإنسان:
إن تعبير تعليم حقوق الإنسان يعني كل سبل التعلم التي تؤدي إلى تطوير معرفة ومهارات وقيم حقوق الإنسان. ويتناول تعليم حقوق الإنسان تقديم المتعلم وفهمه لهذه الحقوق ومبادئها التي يشكل عدم مراعاتها مشكلة للمجتمع . ويعني هذا التعليم بالجمع بين النظر إلى المحيط، ويركز بالضرورة على الفرد من منظور اكتسابه المعرفة والقيم والمهارات التي تتعلق بتطبيق وتكريس قيم حقوق الإنسان في علاقة الشخص مع أفراد عائلته ومجتمعه مع اعتبار المضامين الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار تتجلى أهمية الدورات التدريبية والفضائيات ووسائل الإعلام الخاصة بحقوق الإنسان والأنشطة الحقوقية عموما.
إن التربية على حقوق الإنسان هو فعل تربوي يومي طويل النفس وعلى واجهات مختلفة. إنها تهدف بالأساس إلى تكوين مواطني الغد واعين بحقوقهم وقادرين على الدفاع عنها وممارستها. وبذلك فهي مسؤولية الجميع بدون استثناء. إن التربية على حقوق الإنسان هي في الواقع حركة مدنية واسعة النطاق.
إنها في الجوهر مشروع تمكين الناس من الإلمام بالمعارف الأساسية اللازمة لتحررهم من كافة صور القمع والاضطهاد وغرس الشعور بالمسؤولية تجاه حقوق الأفراد والجماعات والمصالح العامة.
وتشمل ثقافة حقوق الإنسان القيم والبنى الذهنية والسلوكية والتراث الثقافي والتقاليد والأعراف المنسجمة مع مبادئ حقوق الإنسان ووسائل التنشئة التي تنقل هذه الثقافة في البيت والمدرسة والعمل والهيئات الوسيطة ووسائل الإعلام.
إن احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب والإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة.
فلا يكفي ترديد مبادئ حقوق الإنسان وانتظار من الناس أن تتبناها أو كتابة نصوص وتجاهل تطبيقها، بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية والثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل والتفاهم والتسامح والمساواة والاستقامة. فلا يمكن تعليم حقوق الإنسان في فراغ، بل لا مناص من تعليمها من خلال تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع وفي هذا الصدد إن تعليم حقوق الإنسان في فراغ دون ربطه بالواقع المعاش من شأنه أن يؤدي إلى التعرف السطحي على حقوق لا يمكن تحقيقها حاليا الشيء الذي قد يؤدي بدوره إلى عكس المنتظر.
وهناك عدة مناهج يمكن اعتمادها لتكريس حقوق الإنسان ونشرها. ومن ضمنها الأخلاق والتربية الوطنية والتربية على المواطنة والتربية ذات البعد العالمي والتربية على التعامل مع وسائل الإعلام والارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها والمنهج المعتمد على الثقافة العامة.
فمنهج الأخلاق والتربية الوطنية يعتمد على إعداد الأطفال للعب دور المواطن عبر تعليمه الحقوق والواجبات، واعتبار لكون الأخلاق والتربية الوطنية تؤسس للتربية على المواطنة.
أما التربية على المواطنة فتعتمد حقوق الإنسان السياسية وثقافة الديمقراطية والتنمية والتسامح والسلم الاجتماعي.
وفيما يخص التربية ذات البعد العالمي، فإنها تعتمد على فهم التعاون والسلام العالمي ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
في حين تسعى التربية على التعامل مع وسائل الإعلام لتطوير قدرة الطفل أو الشاب على فرز وتحليل المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام وتدريبه على بلورة تفكير نقدي في المناقشة والبحث على الوقائع والدلائل وتثمين وتقييم عواقب مختلف الإعلانات المذاعة والأعمال المنجزة.
والارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها، فإنه نهج يعنى باحترام حقوق الإنسان والاهتمام بالمطالبة بها والدفاع عنها. وهذا نهج يعطي بعدا آخر للتربية على حقوق الإنسان، أي إعداد المتلقي لتكريسها والاهتمام بالدفاع عنها ونشرها في بيئته.
أما المنهج المعتمد على الثقافة العامة، أنه يسعى إلى استعمال الثقافة الشعبية والمسرح والأمثال والحاكيات لفهم فحوى حقوق الإنسان. علما أن هذه الحقوق لا يمكن استيعابها إلا عبر مختلف مكونات الثقافة السائدة في المجتمع.
ونموذج ” القيم والوعي ” يرتكز بالأساس على نشر المعرفة الأساسية لقضايا حقوق الإنسان وتعزيز اندماجها بالقيم العامة والهدف هو إدراك والتزام الأهداف لمعيارية التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية المرتبطة به. والإستراتيجية التربوية المتبعة في هذا النموذج هي المشاركة لاجتذاب اهتمام الأشخاص المراد تعليمهم، والمقصود هو الدعم الجماهيري لحقوق الإنسان للضغط على السلطات لحمايتها.
إن ما يتوخاه تعليم حقوق الإنسان في نهاية المطاف هو العمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في مجتمعنا، وبالتالي تبني هذه الحقوق والدفاع عنها. إلا أنه يجب أن يكون تعليم حقوق الإنسان مصمما ضمن إستراتيجية واضحة المقاصد، ما دام يتعدى مجرد التعرف عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود المرتبطة بتلك الحقوق إلى التعرف على آليات تفعيل الحقوق وآليات الحماية المتصلة بها وكيفية استخدامها.
كما أن تعليم حقوق الإنسان عليه أن ينطبق على حياة الناس اليومية وعلى استخدام أساليب تضمن اكتساب مهارات التعبير عن المواقف ومهارات تطوير المعارف في مجال تلك الحقوق أكثر ما يتصل بمجرد إلقاء محاضرات وتنظيم مناظرات أو ندوات. ويمكن إجمال أهداف التربية على حقوق الإنسان في تنمية الشخصية إحساسه بالكرامة والحرية والمساواة والعدل الاجتماعي والممارسة الديمقراطية. وذلك عبر تعزيز وعي المواطنين بحقوقهم و تمكينهم من تحويل مبادئ حقوق الإنسان إلى حقيقة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية ورفع قدرتهم على الدفاع عنها وصيانتها.
ولعل أول ما يجب الإقرار به هو اعتماد حقوق الإنسان كمادة وتحديد نسبة زمنية مخصصة لها ضمن استعمال الزمن الإجمالي للبرامج، لكن كمادة مصممة لتتداخل مع جميع المناهج الدراسية وأن لا تبقى كمادة ثانوية للديكور فحسب. وهذا هو الإطار العام والحد الأدنى من الشروط الكفيلة بتحويل مادة حقوق الإنسان إلى مادة لها خصوصيتها وقيمتها شأنها شأن المواد الدراسية الأخرى.
كما أن لوسائل الإعلام دورا حيويا وجوهريا في هذا الصدد إذ عليها أن تساهم فعلا وفعليا في خدمة التربية والتثقيف في مجال التربية على حقوق الإنسان والديمقراطية، وذلك عبر منهجية شاملة تربط بين المعرفة والوجدان والأداء.
وبهذا المنظور يمكن لتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها أن يتطور ليصبح حقلا تربويا كاملا ونهجا لدراسة أوضاع المجتمع وبنائه، لاسيما وأن هناك علاقة وثيقة بين عدم احترام حقوق الإنسان وتفشي الفقر والفساد والظلم والاضطهاد والقهر والتمييز ..الخ.
الحلقات القادمة
قيم ومبادئ المجتمع الحر
1. حكم القانون
2. الحكم الراشد
3. التنمية المستدامة
4. المواطنة
5. السلام
6. المساواة
7. التسامح
8. العدل
9. محاربة الفساد
هارون سليمان [email protected]