ثروت قاسم
1- مجلس حقوق الانسان ؟
في يوم الجمعة 28 سبتمبر 2018 ، قرر مجلس حقوق الانسان في جنيف التابع للامم المتحدة ابقاء السودان ، حتى سبتمبر 2019 ، تحت البند العاشر واستمرار ولاية الخبير المستقل الذي يشرف على تقديم المشورة والدعم الفني لنظام البشير ليساعده في احترام حقوق الانسان .
كما قرر المجلس إنهاء ولاية الخبير المستقل مستقبلاً وفي اليوم الذي تعلن فيه المفوضية السامية للمجلس وحكومة السودان عن بدء تشغيل مكتب قطري في الخرطوم للمفوضية السامية للمجلس ، بحلول سبتمبر 2019 . وسوف يكون هذا المكتب القطري بديلاً للخبير المستقل والمقرر الخاص ، ويستطيع أن يقدم للمجلس إفادات مباشرة وفي وقتها ومن الميدان حول تجاوزات حقوق الإنسان في السودان .
في عام 1993 ، ادخل المجلس نظام البشير تحت البند الرابع من نظامه الاساسي ، وعين مقرراً خاصاً لمراقبة ورصد سلوك نظام البشير المدابر لحقوق الانسان .
بعد 16 سنة تحت وصاية المقرر الخاص ، وفي عام 2009 ، نجح نظام البشير ، بمعاونة ادارة اوباما ، في الخروج من البند الرابع والمقرر الخاص والوقوع في البند العاشر والخبير المستقل .
ولكن سواء كان البند الرابع والمقرر الخاص او البند العاشر والخبير المستقل ، فان كل قرارات المجلس ضد نظام البشير خلال ال 25 سنة الماضية ومنذ 1993 … كانت احباراً على اوراق ، ذرتها الرياح .
فالمجلس كديسة بدون اسنان ، ويفور بالدول التي تنتهك حقوق الانسان . هل تصدق ان نظام القدافي قد تراس المجلس في يناير 2003 لدورة كاملة ؟ وهل تصدق ان السعودية قد تراست في عام 2015 احدى لجانه المهمة ؟ السعودية التي تجلد الف سوط عنج لكل مدون يتجاسر على التغريد في مدونته مطالباً باحترام حقوق الانسان ، كما تشير الصورة ادناه .
عدم احترام نظام البشير لابسط حقوق الانسان ، قاد الى استيلاد ظاهرة الشابة وئام شوقي .
كيف ، يا حبيب ؟
قالت 143 الانعام :
… نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ …
2- حلقة برنامج التلفزيون الالماني DW ؟
تتوالى التداعيات السلبية والايجابية لمداخلة الشابة الفاهمة وئام شوقي ( 1990 ) وحوارها مع البروفيسور محمد عثمان صالح، رئيس هيئة علماء السودان ، والذي استمر لدقيقة واحدة فقط ، في حلقة برنامج التلفزيون الالماني DW شباب توك بعنوان “ماذا تريد المرأة السودانية اليوم؟ ” ، حتى فاق عدد مشاهدات فيديو الحلقة مليون مشاهدة على منصات الفيسبوك وتويتر ويوتيوب.
يمكنك متابعة حلقة شباب توك في الفيديو على الرابط ادناه :
Facebook.com/dw.shababtalk
القاعدة العامة في الاسلام ان كل عالم من امثال البروفيسور محمد عثمان صالح يؤخذ منه ، ويرد عليه كما فعلت الشابة وئام ، مع التقدير والإجلال للبروف محمد عثمان صالح وامثاله من أهل العلم والفكر، دون تقديس أو تبخيس.
في هذا السياق نذكر بمقولة الدكتور مهاتير محمد ، رئيس وزراء ماليزيا ، الذي قاد نهضة كبرى وتجربة مميزة في بلده ، وله رؤى إبداعية في الفهم الصحيح لمقاصد الاسلام الكلية .
قال :
ينبغي ألا تخضع قيادة المجتمعات المسلمة لهيمنة فتاوى الفقهاء؟
من امثال بروف محمد عثمان صالح .
3- ظاهرة الشابة وئام شوقي ؟
بمداخلاتها الفاهمة وتعليقاتها الذكية وحوارها الفكري مع البروفيسور محمد عثمان صالح ، نحمد للشابة الفاهمة وئام شوقي وبعض صاحباتها انهن الاستثناء ، نعم الاستثناء ، والقلة القليلة التي تبرهن القاعدة العامة التي تقول بخواء عقل ، وخلو ذهن ، والجهل المطبق للغالبية العظمى من جيل الشباب ، الذي شب عن الطوق في 29 سنة الانقاذ . فالنظام التعليمي الذي جاءت به الانقاذ نجح في غسل ادمغة الشباب بماء الاخوان المسلمين المنتن ، وتجهيلهم بخزعبلات الاخونجية ، وتشويه معلوماتهم بتحريف تاريخ وتراث وطنهم التليد ، وقتل اي رغبة لديهم في استعمال عقولهم للمعاملة المنطقية والعقلانية مع الاشياء والاحداث .
تجهيل الشباب كان من اساسيات المشروع ( الحضاري ؟ ) الذي اتت به الانقاذ .
حاول ، ياحبيب ، ان تدير حواراً مع شاب في سن الانقاذ . ولا تستغرب شيئاً إن وجدته لم يسمع باسماعيل الازهري ، ولا بمحمد احمد محجوب ، ولا بعبدالخالق محجوب . وتستغرب اكثر عندما تجده لا يربط بين حال البلد المائلة وسياسات الانقاذ البئيسة ، والحاجة للتغيير . هذا الجيل من الشباب لا يعرف اي شئ عن لا شئ . وما يعرفونه ، على قلته ، يجافي الحقيقة ، ويبغبغ بما تقوله اجهزة الانقاذ التجهيلية .
نجحت الانقاذ في تجهيل الجيل الحالي من الشباب ، الذي يعاني من اللا مبالاة ، والاحباط ، والتركيز على الفرار من بلده ، حيث الظلم الاجتماعي ، والقمع ، والغلو ، والفساد الذي لا يحسبه الدكتور نافع علي نافع من الموبقات ومن كبائر الكبائر . لا غرو ولا عجب ان 30% من سكان السودان اما في دول الاغتراب او في معسكرات اللجؤ والنزوح .
وجاءت من اقصى المدينة الشابة الفاهمة وئام شوقي تسعى .
قالت :
طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ .
ظاهرة الشابة وئام ليست الملاريا ، وانما ارتفاع درجة حرارة الجسم التي تنبه الى وصول الملاريا . وهي ليست حالة منفردة ، وانما ظاهرة مجتمعية في شباب الداخل والشتات ، تسببت فيها ملاريا نظام الانقاذ التي فتكت بالجسم السوداني طيلة 29 سنة حسوماً ، وكانت النتيجة تمرد الشابة وئام ومقاومتها لمرض ملاريا الانقاذ ، كما غيرها من الشباب .
رفعت الانقاذ الشعارات الاسلامية ، وكل وجميع افعالها تدابر ابجديات الاسلام . فهي تدمر ، وتقتل ، وتسبي ، وتعذب ، وتغتصب ، وتسرق … وتفعل كل ذلك واكثر من كبائر الكبائر تحت رايات الاسلام وباسمه . وكانت النتيجة ظاهرة وئام ، وهي الكفر بالاسلام الذي تمثله الانقاذ .
صار اسلام الانقاذ المنحرف بعبعاً دراكولياً للشباب ، الذي يرى الانقاذ الاسلامية تسكت عن ارتكاب كبائر الكبائر ، وتجاهد في جلد من تلبس البنطلون ، او ادانة من لا تلبس الحجاب ، وتترك القاتل الانقاذي ، والمغتصب الانقاذي ، والحرامي الانقاذي .
نجحت الانقاذ في تشويه الدين الاسلامي بافعالها غير الاسلامية التي تشيب لها الولدان ، وبالتالي نجحت في تشويه المفاهيم والقيم والمعاني والمرجعيات الاخلاقية لدى الشباب .
سقطت الاقنعة الانقاذية ، وظهر الحق للشباب ، وزهق الباطل الانقاذي ، إنه كان زهوقاً .
نرجو أن تكون حادثة حوار الشابة وئام صادمة لاهل الانقاذ ، لانهم السبب فيها ، بسلوكياتهم التي تدابر راسياً كل ما هو اسلامي . فسلوكيات اهل الانقاذ ، كلهم جميعهم ، تدابر المرجعيات الاخلاقية الاسلامية ، والمقاصد الاسلامية الكلية ، واصول الاحكام القطعية في الاسلام . فهم يقولون ما لا يفعلون ، كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون .
مثالاً وليس حصراً فقد صرح الدكتور نافع على نافع في يوم الاربعاء 26 سبتمبر 2018 ، ان الفساد والمحسوبية ، يجب الا يكونا سبباً في التحفظ على والخروج من المؤتمر الوطني . والفساد والمحسوبية اللتان حددهما الدكتور نافع هما من آليات الظلم ، الذي يشعر به الشباب ، ويدفعهم للكفر بدين يؤمن به ويمثله اهل الانقاذ الظالمون .
احدثت سلوكيات اهل الانقاذ المدابرة لمقاصد الاسلام الكلية فراغاً مجتمعياً ، أضحى مرعى ومفرخاً لشعور الشباب بالظلم ، وبالتالي استيلاد ظاهرة الشابة وئام ، التي لم تات من فراغ ، وانما ردة فعل لسلوكيات اهل الانقاذ المدابرة لمرجعيات الاسلام الاخلاقية .
وقد اثبتت دراسة امريكية ان سودان الانقاذ في قعر قائمة الدول التي لا تطبق المقاصد الاسلامية الكلية ، بينما تسنمت ايرلندة القائمة ، كافضل دولة تطبق المقاصد الاسلامية الكلية . وهذه الحقيقة اكدها الامام محمد عبده عندما زار فرنسا في عام 1885 ، فوجد الاسلام ولم يجد مسلمين ، ورجع لمصر فوجد مسلمين ولم يجد الاسلام ، وذهب في عمرة لمكة فلم يجد لا الاسلام ولا المسلمين .
ظاهرة الشابة وئام مولود شرعي لسلوكيات اهل الانقاذ التي تدابر المقاصد الاسلامية الكلية .
يَجِب أن تتوقَّف فَوْرًا مسرحية الانقاذ الممجوجة التي تدعي الاسلام كذباً وبهتاناً ، والتي تختزل الاسلام في شكليات بنطلون المرأة وطول طرحتها ، بعيداً عن جوهر الاسلام في العدل والحريات واحترام حقوق الانسان . ويَجِب أن تَسقُط كُل أقنِعَة وُجوه المُمَثِّلين على خَشَبَة مَسرَحِ الانقاذ .
لقد طَفَح الكَيْل، ولا يَجِب أن يَستَمِر صَمْت الشَّعب السوداني ّ على هذا الوَضع ، الذي يزداد سؤاً كل يوم .
اهل الانقاذ لم يعملوا ب ، ولم يقيموا ما انزل اليهم من ربهم ، وليست منهم اي امة مقتصدة ( وسطية لا تغلو ولا تفرط ) ، بل كلهم جميعهم ، بدون إستثناء ، ساء ما يعملون … ( ولو انهم اقاموا التوارة والانجيل وما اُنزل اليهم من ربهم ، لأكلوا من فوقهم ، ومن تحت ارجلهم … ) .
تشرح ظاهرة الشابة وئام وقوع سودان الانقاذ في الحضيض ، ولماذا وكيف صار سابع افشل وسابع افسد دولة في العالم ؟
في المحصلة ، تغيير نظام الانقاذ بسياساته غير الاسلامية ، ووجوهه الظالمة المستبدة الفاسدة ، سوف يصحح مسار الاختلال في تجربتنا الإسلامية ، ويساعد في تقديم النموذج القدوة ، الذي يقتدي به الشباب ، ويكون من أقوى العوامل لرد الشابة وئام واخواتها واخوانها إلى جادة الطريق.
نعم ونعم … فأخطاء وخطايا مسيرة الانقاذ تصد عن سبيل الله.
في هذا السياق ، وفي يوم الخميس 28 سبتمبر 2018 ، نصح الداعية يوسف الكودة الرئيس البشير بتسليم السلطة للشعب ، لأن السودان صار على شفا جرف هار . كما دعاه ان لا يستمع لضغوط من حوله لاستمراره في السلطة ، خوفا على اذنابهم وعلى فتح ملفاتهم المنتنة ، وان يتحرك سريعاً ولات حين مندم .
ولكن انما يستجيب الذين يستمعون .
[email protected]
Facebook.com/TharwatGasimOfficial