اعلان الحرية والتغيير وإعادة انتاج الأزمة السودانية

بقلم : حسن ابراهيم فضل

 التحالفات السياسية سمة أساسية  من سمات ديناميكية العمل السياسي والديمقراطي وهو السبيل الأمثل للحد من احتكار القرار وحكم الفرد او المجموعة المعينة او تيار معين خاصة في ظروف التباين والتشظي الكبير الذي تعيشه القوى السياسية السودانية الداعمة للحكومة الانتقالية والمعارضة لها.

احتفت عدد من منظمات المجتمع المدني  وجناح من قوى الحرية والتغيير وبعض فصائل الجبهة الثورية وقوى سياسية أخرى الأربعاء الماضي  بالتوقيع على الإعلان السياسي  والذي حمل عناوين ونصوص  حملت مضامين مهمة كوحدة قوى الحرية والتغيير و قضايا الانتقال وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية.

اعتقد ان وحدة قوى الثورة السودانية ضرورية وحتمية لضمان انتقال سلس وهو الطريق للخروج من الدائرة الجهنمية التي ما انفكت الدولة السودانية دائرة في حماها ما بين ديمقراطية  تؤدها همجية العسكر وما بين حكومة ديمقراطية قادتها أحزاب سياسية تفتقد لديمقراطية في مؤسساتها دعك من ان تجعلها ممارسة في الحياة السياسية مع المجتمع والقوى الرصيفة.

ان وجود كتلة تاريخية تحمل هم الانتقال وتعمل لها هي حاجة ملحة  خاصة بعد فشل الحاضنة السياسية والحكومة في تنفيذ شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة وفي تحقيق عيش كريم للمواطن السوداني , وهي احدى الأسباب التي دفعت القوى الموقعة على اعلان الامس ومن عارضوه  لان تسعى لا عادة توحيد الحاضنة وبث الروح فيها بعد ان أصابها الشلل بخروج بعض مكوناتها واعلانها صراحة بالعمل على اسقاط الحكومة وتجميد البعض الاخر لنشاطها في التحالف , الامر الذي جعل من إعادة النظر ومراجعة أداء التحالف مهمة ضرورية لا تقبل التأجيل غير ان قوى الحرية والتغيير والموقعين على الإعلان والفاعلين فيه لم يستصحبوا أسباب فشل التحالف خلال السنتين الماضيتين ,وفشل القوى السياسية في هيكلة التحالف بان يكون المجلس المركزي يمثل جميع القوى الفاعلة وان يكون اتخاذ القرار بالتوافق او الاجماع وذلك للخروج من ازمة الاغراق الكبير للتحالف بالواجهات الصورية وعدم تحديد اوزان حقيقية لمكونات التحالف وما سيحدثه من اختطاف لقرار التحالف كما كانت التنسيقية التي اختطفت قرار التحالف واتخذت قرارات مصيرية في غياب تام لمكونات التحالف, فضلا عن الاصرار على ابعاد قوى واحزاب ومنظمات المجتمع وتجمع المهنيين  وشباب المقاومة التي انجزت الثورة .

 ان الذين وقعوا اعلان الاربعاء قد اعادوا انتاج  الازمة وعمقوا الانقسام ربما ستكون بوتيرة اكثر حدة باجترار ذات الأدوات  وعقلية التفكير والمنهج  الذي  ثبت خطله  بل ساهم بشكل كبير في الازمة التي تعيشها الساحة السياسية السودانية اليوم , على رغم من النصوص الفضفاضة التي لا تعدوا انها شعارات بل ان بعض هذه القوى وقفت ضدها في فترة ما خاصة ملف السلام و والذين افشلوا جولات اديس أبا أبا والقاهرة وجوبا هم اليوم يتصدرون المشهد ويستميتون في ابعاد قوى مؤثرة جدا من المشاركة بفاعلية .

ان مقاطعة قوى مؤثرة للإعلان من قوى الكفاح المسلحة والمكون العسكري ومنع اخرى من الحضور والمشاركة خاصة  لجان المقاومة والتروس والمشهد  الذي لا يشبه الثورة والثوار والذي جوبه به الشباب وهم يهمون بالدخول الى القاعة كانت اولى اسباب انهزام الاعلان ونذر فشله مبكرا, وحسنا ان اشار السيد رئيس الوزراء خلال كلمته لغياب قيادات مؤثرة عن الاحتفال ونامل الا تكون تلك الاشارة مجرد اشارة وان يسعى هو والحادبين على مسيرة الانتقال الى معالجة الاخطاء التي حدثت والا تكون التصريحات التي اطلقها بعض القيادات من الموقعين على الاعلان نهجا واسلوبا للتحالف في التعاطي مع الموقعين ,نعم الامور ستسير ولكن الذين  قاطعوا الاعلان سيوف لن كونوا في مواجهة مع الشعب  كما يعتقد البعض ,هذا خطل كبير وتصريحات غير مسؤولة وستعمق الشقاق وسيدفع بالممانعين والمتحفظين للمضي قدما الى  تكوين تحالف موازي هذا ليس في مصلحة الوطن ولا أي طرف او قوى سياسية.

 من المهم جدا ان تدار حوارات جادة مع جميع القوى في الساحة ليس الذين قاطعوا فقط ولكن اولئك الذين ابعدوا بأمزجة وأهواء بعض القوى, هذا الوطن سيبنى بجميع ابنائه وقواه واي اقصاء لمجموعة او طرف سيكون له ردود افعال ليست في مصلحة احد.

اسوأ ما في هذا الاعلان  هو ان استطاع ان يوقع بين قوى الجبهة الثورية خاصة مسار دارفور الامر الذي يجعل عملية السلام في المسار في محك حقيقي ونعلم ان أي تباين في مكونات مسار دارفور سيجعل من  تنفيذ الاتفاق في المسار دارفور صعبا واكثر تعقيدا.

امام قوى الثورة عمل كبير وخطوات مطلوبات ومبادرات جادة  لا عادة الامور الى نصابها ومنع الناشطين الذين يتصدرون المشهد الان من ان يغرقوا السفينة وعلى قوى الحرية والتغيير بجناحه حرية والتغيير ان تضع من الآليات التي تسهم في اعادة اللحمة للحاضنة وصولا لمشروع وطني يساهم في بناء دولة المواطنة والمدنية والديمقراطية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

حسن ابراهيم فضل

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *