قبائل الرزيقات
الرزيقات في الجزائر :-
قبيلة الرزيقات هي من اكبر قبائل الشعوب العربية , واهم عمائرها هم عرب هلال ويعرفون بالجنوب الغربي لجمهورية الجزائر ب,,اغواط اكسال,, نسبة لمجاورتهم لجبل اكسال بنواحي البيّض , و تعيش حياة البداوة التي تتميز بالحل و الترحال ، الإيواء في الخيام ، ممارسة حرفة الرعي , الفروسية و نظم الشعر, و قد ورد ذكرهم هامشيا في كتاب العبر و ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن زاولهم من ذوى السلطان الأكبر لعالم الاجتماع ابن خلدون .
للرزيقات عمائر كثيرة منتشرة في الجزائر غرب مدينة وهران وزمر بمدينة المالح بالقرب من (عين تيموشنت ) و (دوا وير) بمنطقة البيّض , وقد امتلكوا أراضى عرشية ممتدة من منطقة ( بوعلام ) و ( سيد أعمر) إلى تخوم الصحراء , ونشاطهم الاقتصادي هو تربية الأغنام , ومن عمائرهم أيضا / ألمنا صير , / الزغم , / أولاد حميدة و /أولاد داوود .
و من بينهم المجاهد الشاعر الجامع لأهله / محمد بلخير , شاعر المقاومة في القرن الثامن عشر, و الذي ظل يقود رفاقه الثوار للمعركة تلو الأخرى ضد المستعمر الفرنسى حتى تم توقيع صلح ( بريزينة ) 20 ماى 1883 بين الثوار والسلطات الفرنسية , ولكنه رفض هذا الصلح الغير عادل وعاد يحشد الثوار بعد سفره إلى ( المنيعة ) , حتى تم القبض عليه و نفيه إلى ( كالفى ) بجزيرة كوستاريكا في 1886 م بتهمة العصيان والتحريض على الثورة , دفن بعد وفاته في “تيغست” ضواحي بوعلام ، وبعد الاستقلال نقلت رفاته إلى مقبرة الشهداء ب ( بوعلام ) ليعاد دفنه فيها تخليداً له كشخصية ثقافية و جهادية , وقد نظمت له ولاية البيض عدة مهرجانات وأسابيع ثقافية , وهو من قبيلة الرزيقات فرع أولاد داوود , ولد حسب التقديرات ما بين 1830 – 1832 بوادي المالح , و هناك أيضا أسماء كبار المقاومين منهم المسمّى عمارة وكذلك شهداء الثورة الجزائرية أمثال الشهيد / المجذوب و/ رزق و الشهيد / التيارتى والعسكرى وكبار مجاهدى الثورة , ومنهم على قيد الحياة السيد / رحموني والحاج / الدينس وعبد الحميد .
الرزيقات في مصر : –
يقال إنهم قدموا من منطقة نجران في بلاد اليمن , موطنهم الاصلى وقد أتوا بعد الفتوحات فقط , وعاشوا ببلاد السودان غربا واستقر بها بعضهم ونفذت منهم أعداد كبيرة إلى مصر, فضا قت بهم ارض مصر بسبب كثرة صراعهم مع القبائل هناك بسبب المرعى و الكلأ فاختار سلاطين مصر فى ذلك الوقت بتوجيههم إلى بلاد المغرب بعد نهاية الفتوحات الإسلامية واثارها انذاك, و بالرغم من انه في عام 1896 و بموجب البراءة البابوية التي أصدرها البابا – ( لوان) – الثالث عشر آنذاك بإحياء بطريركية الأقباط الكاثوليك ، والذي بموجبه تخلت النيابة الرسولية الفرنسيسكانية عن لقبها واعتبرت إرسالية عادية يرأسها رئيس د يني أو كنسي فقط , إلا انه لايزال الرهبان الفرنسيسكان يقومون برعاية الكثير من الكنائس , مثل دير ومزار العذراء بدير درنكه و كنيسة منفلوط في أسيوط وكنائس نجع حمادي و فرشوط وقنا والطويرات وكنيسة الأقصر المخصصة لخدمة السائحين وكنيسة ما تبقّى من الرزيقات والمحاميد والرياينة وإسنا وكوم امبو .
ويديرالرهبان الفرنسيسكان عدة مدارس , منها مدارس الرزيقات وأرمنت الحيط والأقصر والطويرات ونجع حمادي ومدارس أسيوط ودير العذراء ومنفلوط ومدسة الفيوم ، كما يديرون ملجأ للأيتام بالمقطم .
يتواجد الرزيقات عموما فى مركز (ارمونت) بمحافظة قنا بمصر وعاصمته مدينة أرمنت ، التي تقع على الضفة الغربية للنيل على بعد 19كم جنوب مدينة الأقصر , واسم ” أرمنت” مشتق من الاسم الفرعوني الأصلي للمدينة ” أيونو مونتو” , و منتو كان إلهاً مصرياً ، اسمه يعني “الرحّال” , وكان (منتو) مقترناً بالثيران الهائجة و القوة و الحرب , وقيل عنه أن كان دائما ما يتجسد في هيئة ثور أبيض ذي وجه أسود، والذي كان يشار إليه باسم ( باخا) .
أشهر فراعنة مصر, قادة الحروب المظفرة و الاستراتجية , اتخذوا لقب ” الثور المتين ، ابن منتو “, و في السرد الشهير لمعركة قادش ، قيل أن رمسيس الثاني لمح الأعداء ، فاندفع في اتجاههم مثل ( منتو ) .
وفي عهد كليوپاترا السابعة أصبحت أرمنت (هرمونتيس) عاصمة إقليم الصعيد الرابع , وقد ظلت هرمونتيس مأهولة طوال العصر القبطي، ثم توالى نقص شأنها في العصر الإسلامي , و تنقسم مدينة أرمنت إداريا إلى مدينة أرمنت و ثلاثة قرى رئيسية وهى :-
ا – ( ارمنت ) – أنجبت شخصيات عريقة ومعطاءة كالشيخ / عبد الباسط عبد الصمد , قارئ القران الأشهر و الفيزيائي هيثم عبد القادر والكيميائي / عبداللة مصطفى و الحائز على جائزة الدولة المصرية التقديرية فى حفل عيد العلم من الرئيس / جمال عبد الناصر .
ب – ( قرية الرزيقات )- أنجبت قارئ القران الشيخ / احمد الرزيقى و هو قارئ مسجد السيدة / نفيسة بالقاهرة وكذلك القارئ الشيخ / ممدوح عبد الستار و الاقتصادي الكبير / احمد عبود باشا صاحب مصانع السكر والمسمّى ميدان عبود الشهير في القاهرة باسمه , و للرزيقات في مصر و بشقّيها القبلى و البحرى الكثير من الجمعيات و النشاطات ومن أهمها (منتدى شباب الرزيقات قبلى ) و(جمعية تنمية المرأة و الأسرة بالرزيقات قبلى و المشهرة تحت الرقم 892 لعام 2005 )
ج – (قرية المحاميد ) – أنجبت الدكتور / عبد الدائم نصير نائب رئيس جامعة الأزهروالباحث السياسي المعروف / ضياء رشوان
الرزيقات في السودان :-
الرزيقات قبيلة كبيرة بغرب السودان وهم بقارة بجنوب دارفور, يحدّهم جنوبا بحرالعرب وشرقا دار الحمر وشمالا البيقو و الد اجو والبرقد وغربا الهبانية , وهم جهينيو الأصل , وتذكر الروايات إنهم من ثقيف ومنهم بشمال دارفور رزيقات أيضا وهم أبّالة , وتقبع رئا سة القبيلة عموما في بيت آل مادبو ود علي و أسرة / محمود موسى منذ أمد بعيد و إلى اليوم
وعمائرهم كثيرة , سمّوا ب ( تراب الهين) لكثرتهم , ومركزهم (شكا) وهم ثلاث عمائر أو بدنات رئيسية : – الماهرية و النوايبة و المحاميد , ولكل منها إدارات تنظر في مواضيعها , وأكثرها عددا المحاميد وحلفاؤهم من الهبانية والمعالية , وقد قاوموا سلاطين الفور ولم يخضعوا لهم الخضوع التام , وكان لهم مع الزبير باشا وقائع مشهورة , حيث وقعوا مع الزبير باشا اتفاقية عام 1866م بعدم تعريض حدودهم لتجارة الرقيق ، ولكن الزبير باشا اخلّ بهذا الشرط عام4187م واعد عدته الحربية وأغارعلي الرزيقات نهاية عام 1874م وهزمهم، ومن ثم حارب السلطان/ إبراهيم قرض في منواشي بين الفاشر و نيالا، وانهزم السلطان، فتم فتح دارفور علي يد الزبير باشا في نهاية عام 1874م وانفتحت معها تجارة الرقيق بغرب السودان و ذلك انسياقا وراء بعض أبيات الشعر التي أنشدتها له ( بت مسيمس ) :-
جنك تلات ورقات جيب ردهن
صقور الجو حلقن قوم عدّهن
يا مقنع الكاشفات لاحدهن
وللرزيقات وجود في شمال دارفور, و يسمّون بالرزيقات الشماليين , فهم أيضا المحاميد والماهرية و معهم العريقات ,الزيادية ,امجلّول ,العطيفات ,الشطيّة ,أولاد ياسين , أولاد راشد ,أولاد عيد ,أولاد حسين وبعض البطون الأخرى , و الزريقات من القبائل الجهينية , فهم و المسيرية و الحوازمة أولاد رحال بن عطية بن راشد بن الشيخ الجنيد بن احمد بن بابكر ابن العباس وكلهم من البقارة .
وهم أبناء عم الهبانية ,التعايشة ,بني هلبة , المعالية و أولاد أخيه حازم بن حماد بن راشد ابن الشيخ الجنيد والكل ينتسبون إلى جهينة , ويقال أن للشيخ الجنيد خمسة أبناء وبنت واحدة فقط , نزح أبنائه إلى شمال أفريقيا , تحديدا إلى مصر والسودان والجزائر وتوزعوا في المنطقة التي تضم جنوب ليبيا وصعيد مصر وغرب السودان وحول وهران بالجزائر وكذلك في المغرب , موريتانيا, تشا د وتونس ، لذلك نجد امتدادات لمعظم هذه القبائل في البلدان الثلاث , إضافة إلى تشاد والتي يوجد بها فروع المحاميد في ( بيلتين ) شمال مدينة آبشي التشادية ومعظمهم من مربي الجمال و المواشي ويقدر عددهم هناك بحوالى 150,000 قبل أن يضربهم الجفاف الكبير الذي عصف بالمنطقة في عام 1974 م وبعض دول شمال ووسط أفريقيا.
كتب عنهم الباحث / موسى المبارك الحسن في كتابه – (تاريخ دارفور السياسي) – , الرزيقات أغنى قبائل البقارة وأكثرها عدداً وأقواها مركزا ً بدارفور وكتب عنهم الباحث/ الفحل الفكي الطاهر في كتابه- (تاريخ وأصول العرب في السودان ) إن الرزيقات قبيلة ذات شجاعة وقوة ولكثرة عدد رجالها تسميهم جموع البقارة بافتخار- (عيال رزيق هين التراب) – والهين هو مقدار امتلاء راحتي الكف من ذرات التراب وذلك تعبيرا عن كثرتهم .
ثم و صفهم ( الفحل ) بان قوة الرزيقات ظهرت في إنهم عندما قاموا وتعاضدوا باستبسا ل و ناصروا المهدية , دخلوا في حروب طا حنة ضد سلاطين باشا باسم المهدية فهزموه واضطروه إلى الخضوع والتسليم لهم , و لهم عادات العرب الأصلية وخيولهم لم تكن تهدا في أيام حروبهم ضد السلاطين ومساهمتهم مع الثورة المهدية في كل انتصاراتها حتى مقتل(غردون ) و تحرير السودان من بشاعة الاستعمار الانجليزي– المصري
ومن اعزّ المكونات المربوطة بتراثهم وثقافتهم الشعبية هي :-
*– ( ألحكامه ) بفتح الحاء و هي المرأة التي تستنهض هممهم للقتال و تمدح الفرسان وتهجو الجبناء منهم وكذلك تغنى في الأعراس والاحتفالات واستقبال كبار الضيوف .
*– ( الهدّاى ) بفتح الهاء وهو الرجل الذي يعزف – أم كي كي – وغالبا مايكون فى مجالس الرجال ( الضره ) بفتح الضاء والراء .
*–( النقّارة) بضم النون, ويسمّون صوت الضرب على آلة ( النقّارة) ب(أم بقاقو) وذلك عند إعلان الحرب أوالاحتفال , ولكل صوت من أصوات الضرب على النقارة إشارة إلى حدث ما .
*– لهم الكثير من الرقصات منها ( الكاتم ) , ( السنجك ), ( الهرّمه ) بفتح الهاء وكسر الراء و ( المردوم ) .
*– في الكثير من المناطق لايخرج الرجل من منزله إلا و لبس سكين في إحدى ذراعيه و (حجاب) فى الأخرى و( الحجاب) هو بعض الآيات القرآنية يتم لفها بقطعة من الجلد , ومن ثم تخييطها ولبسها وذلك لتحميه من نيران العدو أو الحسد أو تجلب له الحظ وغيره .
*– يملك السواد الأعظم منهم أسلحة نارية مثل ال ( جيم ثرى ) و ال ( تج تجى ) و بعض الأسلحة الحديثة بالإضافة للأسلحة البيضاء مثل ( ألحربه ),( السيف ), (الكوكاب ) , ( السفروك ), ( الشلكايه ) و( الدقل المضبب ) بضم الدال و القاف والميم , وهو عصاة ضخمة يتم لفها بالجلد الحيواني حتى لاتنكسر عند الضرب بها .
* — قديما كانت نساءهم تلبس وتتزين بثوب ( الزراق ) و ( الفركه ) بكسر الفاء و تسكين الراء وفتح الكاف , ويعتز الرجال أيضا ب ( الجرّايه ) وهى أداة تستخدم للحرث أو تنظيف الأرض استعدادا لزراعتها .
*– من أكلاتهم المحلية و معهم بعض القبائل المجاورة لهم هي , العصيدة بملاح الروب , ملاح الكول , ملاح المرس– بكسرالميم والراء- , ملاح المصران , ملاح الكمبو والشرموط .
وعلى الرغم من تشعّبهم الكبير فان جميع الرزيقات ينتمون إلى جد واحد اسمه رزيق بن رحّا ل بن عطيّة بن راشد بن الشيخ الجنيد والمعروف عنه انه كان ( إمام الحرم المكي الشريف ) , ويمكن تتبع الأنساب بالقياس على نظام الطبقات ذو الترتيب الاتى :-
الطبقة الأولى – (الجذم) وهي الأصل , إما إلى عدنان وإما إلى قحطان
الطبقة الثانية -(الجماهير) …أي الجماعات
الطبقة الثالثة – (الشعوب) وهي التي تجمع القبائل
الطبقة الرابعة -( القبيلة) وتجمع العمائر
الطبقة الخامسة – (العمائر) واحدها عمارة , وتجمع البطون
الطبقة السادسة – (البطون) وتجمع الأفخاذ
الطبقة السابعة – (الأفخاذ ) وتجمع العشائر
الطبقة الثامنة – (العشائر) وهي التي تتعاقل إلى أربعة آباء
الطبقة التاسعة – (الفصائل) وهي أهل بيت الرجل
الطبقة العاشرة – (الرهط) وهي أسرة الرجل
أقسام الرزيقات فى السودان :-
الرزيقات ينقسمون إلى ثلاثة عمائر كبيرة وهي : –
أ/ النوايبة – جدّهم هو / نايب بن رزيق.
ب/ المحاميد – جدّهم هو / محمود بن رزيق.
ج / الماهريّة – جدّهم هو / ماهر بن رزيق.
رزيقات الجنوب : –
والنوايبة ينقسمون إلى بطنين كبيرين هما ضمرة وجمّول وينقسم المحاميد الى بطون كثيرة , منهم أولاد فزعة , أولاد زيد , أولاد يا سين ,أم جلّول ,أولاد ضحية وأولاد تاكو .و ينقسم الماهرية الى بطون كثيرة أيضا , منهم أم ا حمد ,العطيفات , أم سلمة وأم جلّول والعريقات وهناك أيضا أولاد حسن وأولاد حميد ,.ولكل بطن أفخاذ كثيرة ولكل عمارة وجود إداري خاص بها في موقعها , فا لنوايبة رئاستهم في الفردوس (أضان الحمار سابقاً )، والمحاميد رئاستهم في عسلاية (قميلاية سابقاً) و الماهرية رئاستهم في مدينة( الضعين ) والتي أسسها / برشم عبد الحميد جد الناظر مادبو ـــ و لهم وجود ايضا في ( أم مطارق ) و ( كورينا ) و ( ابوجابرة ) ويوجد أعداد كبيرة من الرزيقات (شماليين وجنوبيين) فى العاصمة الخرطوم وكذلك في (القضارف) و(الجزيرة أبا ) و(ربك) ومنطقة ( البا قير) , ممّا شجّعهم على تأ سيس عمودياتهم و مشيخاتهم وادارادتهم الأهلية الخاصة بهم في هذه المناطق الواقعة في شرق و وسط السودان .
رزيقات الشمال : –
– أما رزيقات الشمال فينتشرون في مساحة تقدر بحوالى 15,000 ميل مربع بشمال شرق دارفور ويتركزون في قارسيلا و زالنجي ووادي صالح والجنينة وكتم وجبل عطرون و مصرى و أم سيّالة وبراكالّة وقرير وغيرها , وهم ابّالة يعتمدون على تربية و بيع الإبل و تصديرها إلى مصر و ليبيا , بالإضافة إلى الزراعة ، و يسمّون بالرزيقات الشماليين , فهم ايضا المحاميد والماهرية و العريقات و معهم , الزيّادية , امجلّول , العطيفات , الشطيّة , أولاد ياسين ,أولاد راشد , أولاد عيد ,أولاد حسين , المهادى و بعض البطون الأخرى و التي لا تتوفر المراجع الكافية عنها ( بعض الروايات تذكر بان رزيق هو أخ عريق و بذلك يصنفون العريقات بأنهم أعمام الرزيقات ) .
الرزيقات و المهدية :-
جاء في كتاب – ( جغرافية وتاريخ السودان ) لنعوم شقير قوله إن أول من أوقد الثورة باسم المهدية بدارفور هو الشيخ / مادبو بن علي زعيم الرزيقات , حيث انه هاجر الى المهدي و بايعه في ( قدي) , وحضر منه بالإمارة على قبائله وعلي دارفور كذلك ومعه رجال كثيرون , ثم تم تعيينه أميرا لدارفور باسم المهدية , فجمع فرساناً ورجالاً كثيرين من قبائل شتى وهاجم بهم حامية الأتراك المحصنة في ( شكا ) , فدمرها تدميراً شاملاً وغنم العتاد و الأسلحة , فما لبس أن جمع الأتراك رجالهم تحت إمرة وقيادة سلاطين باشا وجمع مادبو من حوله مجاهدين معظمهم على ظهور أفضل الخيول المسّرجة ودارت معركة حامية سمّيت بمعركة ( أم وريقات ) , وقد وسمّاها الرزيقات وبقية الأعراب (مادبو كر التركاي فر) , حيث انتصر مادبو نصرًا ساحقاً برجاله و غنم الكثير من عتاد سلاطين الحربي و انسحب سلاطين حيث جمع شتات ما بقى من رجاله و انضمت إليه بعض القبائل فدارت معركة كبيرة في منطقة ( كرشو ) , ومن ثم دارت بنهم معركة ( البويرة ) ومنها رجع مادبو بقواته حيث انه وبعد أن تم تسليم مديرية إدارة الفاشر للمهدية , لم يلحق ماديو بجيوش المهدية ولم يذعن لمراسيل الخليفة بعد وفاة الإمام المهدي للحاق به بامدرمان .
ومن ضمن الأسباب الرئيسية لخلاف مادبو مع الخليفة / عبدالله التعايشى هي : –
#- نهج الخليفة في تهجير قبائل دارفور و رجالها وإرسالهم كجنود لحماية الثورة بأم درمان (كتاب السيف والنار- تأليف الضابط النمساوي سلاطين باشا)
# – امّا السبب الآخر فهو سياسة استجلاب الأمراء من خارج دارفور ليحكموا دارفور، أمثال/الكركساوي ومحمد خالد زقل ، الأمر الذي أغضب مادبو .
وقد تخلّلت الحقبة المهدية الكثير من المشاكل بينهم وبين الرزيقات إلا إنهم عادوا للولاء ومناصرة المهدية فى عهد الإمام / عبد الرحمن المهدي ولكن ذلك لم ينعكس بالتطور عليهم ولا بالتنمية على مناطق عيشهم كرد للجميل لهم , حيث تعاقبت ذرية آل (المهدي) على احتضان بعض البيوتات فقط وإهمال واستغلال باقي القبيلة حتى تضمن ولائهم الدائم لها , وقد تمثل ذلك جليّا في انعدام ابسط الخدمات في مناطقهم وعدم ارتقائهم ومشاركتهم في اى حكومة من حكومات السودان المتلاحقة ’ إلا قلّة منهم جادت عليهم بعض الحكومات بمناصب شرفية حتى تضمن ولاء وتبعية أهلهم لها أيضا , ويساعدهم في ذلك البعض من الجيل القديم من أفراد القبيلة , وفق المصالح الآنية والشخصية الضيقة من المصابين بقصر النظر منهم , وقد ترتب على ذلك مايلى :-
1 – استفاق الجيل الجديد من الشباب على هذه التبعية الغير مبررة ولجا إلى الحركة الشعبية في جنوب السودان , والتي استوعبتهم واستخدمتهم في المجالات العسكرية فقط دون تأهيلهم أو الاستفادة منهم في اى مجالات أخرى ( أسست لهم قوات عسكرية في منطقة- أم مطارق ) .
2- اتجه آخرون صوب الحركات الدارفورية المسلحة لانتزاع حقوقهم التي فرّط فيها الأسلاف , ولإيمانهم بان قوتهم البشرية والمادية والتي هي دعامة أساسية من دعامات الاقتصاد السوداني , تعتبر جزء من ثروة دارفور والتي يتم استنزافها بواسطة المركز , دون اى مردود تنموى على المنطقة, ولكن قلة من قادة الحركات المسلحة الدارفورية من ذوى البصيرة , هم من أدركوا ضرورة توحيد العمل مع هذه الطاقة الثورية الكامنة , وان جاء بفهم – أنا وأخي على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب – .
3 – أولاد (أم محمد)– اكبر مكونات القبيلة فى جنوب دارفور- والمستقرين في ( أم مطارق ) وماحولها والذين خاضوا الكثير من الحروب مع الدينكا باسم القبيلة , طالبوا بان ينفصلوا عن نظارة آل (مادبو ) وتكوين نظارتهم الخاصة بهم , حيث يمهد ذلك للمزيد من التشرزم فى النسيج الدارفورى خاصة بعد أن حذا المحاميد فى شمال وغرب دارفور نفس الحذو.
4 – بات اسم القبيلة مرتبطا فقط بالحروب والغارات والتبعية للحكومات الاستغلالية المتوالية , والتى قامت بتسييس النزاعات التقليدية للقبيلة مع بقية القبائل الأخرى , ولم تسعى إلى إشراكهم فى مواقع المسؤولية بما يتناسب مع ثرواتهم الكبيرة (بشرية و مادية ) ولو من باب التمييز الايجابي , أو العمل على استقرارهم مثلهم مثل نظرائهم في مصر و الجزائر بدلا من استخدامهم كوقود للحروب.
.
والرزيقات حاليا هم اكبر القبائل تعدادا في السودان بعد قبيلة الدينكا وأكثرهم ثروة , والتى تتجسد في الكميات الضخمة من الأبقار , والتي قدّرها الرحّالة الانجليزي ( لامين) في عام 1933 م بحوالى مليون ونصف المليون رأس ( كتاب بدو البدو – رسالة دكتوراه – للباحث / دونالد كاول بول . نشر 1975 م عن دار اى اتش ببلشنغ كوربوريشن) بالإضافة إلى الخيول والتي يقدر عددها بحوالى 200,000 حصان , ويصل سعر الحصان منها إلى 20,000 دولار وخاصة النوع ال ( كيني ) , بالإضافة إلى المواشي وكذلك الصمغ العربي وجميع أنواع المحاصيل والبترول الذي تم اكتشافه مؤخرا فى مناطقهم بغرب السودان , وهم دائمو الفخر بمنطقتهم المسمّاة ( سبدو ) , حيث إنها كانت أول وآخر منطقة فى السودان يزورها الرئيس المصرى الراحل / جما ل عبد الناصر بعد زيارته للخرطوم , وقد صنعوا لاستقباله نهر – رمزى – من اللبن الصافي ونهر آخر من العسل الطبيعي وخرجوا لملاقاته على ظهور عشرات الآلاف من الخيول , حتى أن طائرته لم تجد مكانا تحط عليه رحالها فاستدارت راجعة وهو يدق يدا بيد من عجب ما رأى بأم عينيه .
المراجع: –
– اصدارت مركز الجلفا الجزائري
– الكنيسة الكاثوليكية بالإسكندرية
– مشايخ وزعامات الرزيقات بالسودان
جمال حسن احمد حامد
الإمارات العربية المتحدة
[email protected]