في المهرجان الثقافي الثالث لتراث جبال النوبة
مانديلا السلام والكهوف الامان
حسن اسحق
شهدت مدينة ام درمان يومي الجمعة والسبت تدشين
العمل النوبي بتنوعاته المختلفة وعكس الصورة الشيقة والحية لانسان جبال
النوبة الذي يبدع رغم الحروب المستمرة لعقود،وكان انسان جبال النوبة
حاضرا بتاريخه ورقصاته وابداعاته الثقافية التي حشدت كل الطاقات الشبابية
الحية الواعدة وفرق الرقصات الشعبية والالات الموسيقية التي ابدع انسان
الجبال في ابتكارها،ليعكس بها صوت الغناء باللغات النوبية المختلفة،وكانت
النقوش علي الا جساد ،تمثل رمز البسالة والشجاعة لدي انسان الجبال
والمرأة والفتاة المرتدية السكسك ،هي الصورة الجمالية بالالوان المختلفة
علي الرقبة والاكتاف والصدر المرقش بالوان الطبيعة الجاذبة من اخضر واحمر
وازرق واسود وغيره من الالوان. ويقول احد المشاركين في المهرجان الثقافي
ان التراث يقدم دائما مع بداية السنة الجديدة،مع فصل الشتاء،ويشير الي
ختام الموسم والناس حصدت المحصول واكلت وشبعت،وهي فترة توفر الانتاج من
فول سوداني،لوبا،وقرع وغيره من المحاصيل التي حصدت،وهي فترة فرحة وخير
يفرح بها الجميع .وقال احد اعضاء فرقة كاتشا لتراث النوبة،ان الفرحة تبدأ
مع بداية الموسم والشباب دائما يكونوا مهتمين بالانشطة والقيام بها واداء
الادوار في التراث،لكن ضغوطات المعيشة اليومية جعلت بعض الاهتمامات
تتراجع،وقبل شهر يتم تكوين الفرق،وتجهيز الدقيق للضيافة وصناعة المأكولات
وغيرها من تجهيزات الا حتفال،واضاف ان الضرب علي النقارة دليل علي الفرحة
وتقرع النقارة ايضا للصيد والفزع الاستنجاد بالقوي .واضاف الناشط صلاح
كوستا من منطقة العباسية بجنوب كردفان ان الهدف من المهرجان توحيد قبائل
النوبة في الافكار والثقافات،وابراز ثقاقات قبائل الجبال في المهرجان
ليعرفها الاخرين، واوضح كوستا ان قبائل الكرنقو عبدالله والتقلي وتيسا هي
جزء اصيل من جبال النوبة،رغم وجود فئة قليلة جدا لاتتحدث اللغة التقلاوية
الا ان قبيلة التقلي مازالت محتفظة بلغتها الام والان يتحدث بها الغالبية
في المنطقة وبعض من ولدوا في الخرطوم فقدوا اللغة او لا يتحدثونها،هذا لا
يعني ان اللغة غير موجودة . وانتقد كوستا موجة الاستعلاء الثقافي في
السودان،قائلا ان التعالي الثقافي يساعد علي طمس الهوية للشعوب الاصيلة.
وفي جناح الطلاب لتراث جبال النوبة،قال علي كرناف زكريا ان هدفهم من
المهرجان تملك انسان النوبة،ثقافته وعرضها للا خرين والتأثير الذي تبرزه
علي الخارطة الوطنية كجزء اصيل
من المكون الثقافي والاجتماعي والتأثير الاكبر يكون علي الاجيال القادمة
. وطالب اخرون بضرورة الحفاظ علي التراث والافتخار به . وفي ختام
المهرجان الذي انتهي يوم السبت الماضي،طيلة اليومين،عكس انسان منطقة
الجبال،رغم الحروب والنزوح والتشرد،مدي تمسك الانسان في الجبال بالسعي
لحياة الحرية والكرامة الانسانية المشتركة بين المكونات السودانية،ومدي
تلاحم الروح الانسانية لمجتمع ينظر الي الاختلاف والتنوع علي انه البيئة
القومية لتعددنا الذي نعيشه . وقد نشر في قسم الطلاب في ذات المهرجان
صورا لقري جبال النوبة منذ شهر يونيو 2011 ،ترسم الواقع الذي عاشه
انسانها منذ تلك الفترة والي الان،وكانت الكلمات التي زينت بها الاوراق
وحملته الصور من مشاهد انسانية تبكي كل انسان يحمل في قلبه ذرة من
التعاطف العالمي. وكانت عبارات قسما سنبقي صامدون رغم التقتيل
والابادة،فكاكا النوبة ولادة،هي التي تجذبك لقراءتها،ولن نشكي لغير
الله،دمار منازلنا ولن نبكي،والجبال هي ملاذنا الامن من القصف الجوي في
الماضي والحاضر. نيلسون مانديلا الراحل كان حاضرا بصوره البراقة
،باعتباره ايقونة افريقيا للسلام والحرية،وذكر احد الطلاب المشرفين علي
المعرض العام ان منطقة خور ابوعفن قتل فيها 70 فرد في شرق كادوقلي 6/6
2011،وما هذا المهرجان الا رسالة لمن لا يعرف هذا الحدث وهنالك معاناة
تجسدها ارواح شابة فقدت. وشارك في الختام العشرات من الفرق منها
كاتشا،ميري برا،كيقا الخيل والغلفان والنيمانج والكرنقو عبدالله والتقلي
وغيرها من الفرق وهي تمثل النواة الرئيسية للشعوب الاصيلة السودانية
بتاريخها الممتد لالاف السنين، رغم ان الفترة التي دشن فيها المهرجان
كانت يومين لا اكثر ،الا ان الصورة الكبيرة ظهرت بمشاركة العشرات من فرق
الرقصات والجمهور الذي تقبل حقيقة تراثه الثقافي ،رغم التضييق الشديد إلا
ان احكام السيطرة عليه لم تنجح ،واكدت الشعوب الاصيلة ان تاريخها السابق
يرسم مستقبلها وحاضرها معا ،وما الصور للقائد الراحل مانديلا ،الا تأكيد
ان رحلة الحرية والديمقراطية وحقوق الاختلاق الثقافي بدأها الراحل يوسف
كوه مكي مانديلا السودان .
[email protected]