ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 5 حاتم تاج السر

ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 5 حاتم تاج السر

 

مقدمة:

مع اندلاع النزاع المسلح في دارفور في عام 2003 انضمت المليشيات القبلية  المعروفة بالجنجويت إلى الجيش الحكومي لوجود مصالح مشتركة بين الحكومة والجنجويت من أبرزها المال ووعود تمليك الأرض وخوفا من عمليات انتقام من ضحاياهم السابقين وتنفيذا لحلقة من حلقات تنظيم (قريش)وممارسة النهب والسرقة واللصوصية المقننة والحصول على هويات عسكرية وأسلحة ومركبات ووظائف ورتب عسكرية، فمارست هذه المليشيات مع الجيش الحكومي عمليات القتل الجماعي  والاعتقالات والمحاكمات الفورية والاغتصاب وحرق مئات القرى ونهب ممتلكات المواطنين واحتلال أراضيهم وتشريد أكثر من مليوني شخص وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية . وفي هذا يرى الكثير من أبناء القبائل العربية الذين لم يشاركوا في هذه العمليات والجرائم أن الجنجويت ما هم إلا مجموعة من مليشيات بعض القبائل العربية الذين استقطبهم الحكومة والسياسيون من أبناء القبائل العربية المنضوية لحزب المؤتمر الوطني وأحزاب أخرى متحالفة مع الحكومة لتحقيق مصالح خاصة بهم  أما العرب في دارفور فهم من أكثر الناس الذين طالهم الإهمال الحكومي والتهميش .

 إلى جانب الجنجويت هنالك قبائل عربية ساندت الحكومة بعد قيام الحرب بمدة وحملت السلاح لأسباب منطقية في رأيهم حيث تعود الأسباب إلى ممارسات حركات التمرد تجاه هذه القبائل منها الاستفزاز المتكرر و إساءة أفراد هذه القبائل عند تنقلهم من مكان لآخر وتمييزهم عن بقية القبائل في المعاملة ونهب المتمردين لقطعان الإبل والأبقار و قطع  طرق هجرة الماشية واحتجازهم للرعاة وقطعانهم  واعتقال الوجهاء وطلب الفدية لإطلاق سراحهم والهجوم على مستوطنات ومخيمات البدو و قرى بعض القبائل العربية في منطقة خور أبشي ونتيقة مقر الناظر التجاني عبد القادر في 27/6/2004 بالإضافة إلى قرى تابعة للتعايشة في شمال غرب منطقة لبدو وهجوم على برام ومناطق أخرى في جنوب دارفور وشمالها مما دفعت هذه القبائل إلى قبول دعوات الحكومة لاحقا بحمل السلاح وارسال عدد من الشباب للتدريب والانضمام إلى المليشيات المساندة للحكومة والهجوم على منطقة حمادة وخور أبشي في سنة 2005 ومناطق أخرى أسفرت عن مقتل أكثر من 305 شخص من المدنيين وحرق أكثر من 20 قرية على أساس قبلي.

 

الثوار العرب:  

شوهت مليشيات الجنجويت صورة العرب في دارفور جماعيا فوصفوا على أنهم جنجويت ومصدر الانتهاكات البشعة التي وقعت في دارفور فتم حرمان القبائل العربية من جميع أشكال المساعدات والحراك الدوليين في معظم الأوقات ولكن رغم كل ذلك سعى عدد كبير من أبناء القبائل العربية إلى تغيير هذه الصورة وإيجاد صوت ومنبر لمعالجة الإهمال التنموي والتهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي عانت منها أهل دارفور وإزالة الأبعاد العنصرية والانقسامات العرقية في الإقليم حتى يتمكنوا من إعادة العلاقات التكافلية بين مكونات المجتمع الدارفوري وصولا إلى قواسم مشتركة تجمع أبناء الإقليم في بوتقة المصير المشترك وانتزاع الحقوق المسلوبة بكل الوسائل المشروعة .

شكل ناشطون سياسيون من أبناء القبائل العربية مجموعات سياسية للمطالبة  بحقوق أهل دارفور و تمثيل العرب في محادثات السلام خاصة بعد تعذر انضمام عدد كبير منهم إلى الحركات المسلحة الدارفورية لأسباب قبلية وذلك لتوضيح موقف الغالبية العظمى من القبائل العربية في دارفور من قضية دارفور و ممارسات الجنجويت والسياسيين من أبناء القبائل العربية في حزب المؤتمر الوطني والأحزاب الأخرى المتحالفة مع الحزب الحاكم الذين قاموا بتحريض الجنجويت وشاركوا في ارتكاب الجرائم التي وقعت في دارفور ،أما المجموعات التي تشكلت فهي :ـ

 

المجموعة الأولى :

تشكلت المجموعة الأولى من الجبهة الشعبية للقوى الثورية التي تم تكوينها في أسمرا برئاسة صلاح محمد عبد الرحمن (أبو السرة ) وإبراهيم الزبيدي أمينا عاما  وتلقت هذه المجموعة دعما قليلا من الداخل واتخذت من غرب مدينة الضعين معقلا لها وكانت تقوم بمهاجمة مراكز الشرطة ومواقع الجيش لتمويل نفسها ورغم الانقسامات التي حدثت في صفوفها إلا أنها تمكنت من أن تشارك في مفاوضات برعاية دولية لحل مشكلة دارفور في مدينة سرت الليبية .

 

المجموعة الثانية:

 تشكلت المجموعة الثانية في منتصف 2006وهي جبهة القوى الشعبية الديمقراطية أسسها يوسف ياسين واكتسبت تأييدا أكبر من المجموعة الأولى وأقامت لنفسها منبرا سياسيا لتمثيل القبائل العربية في الدوائر الانتخابية بما يتناسب مع وزنها العددي والتمسك بالحياد فيما يتصل بالأعمال الإنسانية وقامت هذه المجموعة بفتح طرق هجرة الحيوانات وإنشاء صندوق خاص لإعادة اعمار وتنمية مناطق العرب الرحل.

 

المجموعة الثالثة :

جبهة القوى الثورية المتحدة  تكونت نتيجة تحالف عدد من المجموعات السياسية والعسكرية التي كانت تعمل كل منها بمعزل عن الاخرى ، فقد إلتقت الجبهة الشعبية والحركة الثورية السودانية ، وجبهة القوى الشعبية الديمقراطية في الميدان وعقدت لقاء تفاكرياً أستمر أسبوعين وانتهي  بالخروج ببرنامج موحد وبتشكيل هيئة قيادة موحدة تحت إسم جبهة القوى الثورية المتحدة  باعتبار أن قضية دارفور تخص جميع مكونات الإقليم وأن التهميش يعانيه الجميع وكان من أهداف الجبهة الحيلولة دون استخدام القبائل العربية في دارفور من قبل الحكومة لضرب التعايش الاجتماعي وبتكوين الجبهة ،أصبح إبراهيم أحمد عبد الله الزبيدي رئيسا للجبهة وياسين قائدا عاما ويوسف عزت للأمانة السياسية وشاركت الجبهة في اجتماعات أديس أبابا لتوحيد الفصائل التي رعاها المبعوث الأمريكي الخاص للسلام في السودان الجنرال اسكوت غريشون والتي أسفرت عن ميلاد مجموعة خارطة الطريق ونسبة لتباين المواقف داخل هذه المجموعة حول مفاوضات الدوحة أدت إلى انقسامات داخل المجموعة وغادر إبراهيم الزبيدي الدوحة مع الرافضين بينما بقي يوسف عزت وياسين في الدوحة وأصبحا جزءا من حركة التحرير والعدالة برئاسة التجاني سيسي وبعد عودة إبراهيم الزبيدي إلى الميدان و قبل أن يقتل في كمين نصبه الجيش في خور رملة بالقرب من جبل مرة مؤخرا أصدر قرار رقم (1) لسنة 2010 في يوم 18/6/2010 كلف بموجبه هيئة قيادية جديدة للجبهة من الآتية أسماؤهم:ـ

1 .الجنرال عبدو فضل الله ضو البيت قائدا عاما لقوات الجبهة
.2 
الجنرال موسى جادين نائبا للقائد العام
.3
الجنرال فرح الأمين رزق الله رئيسا لهيئة الأركان
.4
الأستاذ الهادي ادم عجب الدور أمينا عاما
.5
الأستاذ الحافظ إبراهيم عبد النبي مسئول الشئون السياسية
.6
الأستاذ محمد ادم الحسن مسئول العلاقات الخارجية
.7
الأستاذ محمد احمد فضل المولى مسئول الإعلام والناطق الرسمي
.8
الأستاذ الضو كبور شقرة مسئول التدريب والتأهيل
9
. الأستاذ موسى حسان موسى مسئول التنظيم والإدارة
10
.الأستاذ ابوالقاسم اسماعيل منصور مسئول الشئون الإنسانية والمنظمات
.11
الأستاذ ناصر جمال الدين مسئول المكاتب الخارجية
.12
الأستاذ محمد الطيب حسن مسئول الشئون الإستراتيجية

 

مواقف مشرفة من نظار العرب :

رغم ترويج الحكومة بأن التمرد قام ضد العرب وليست ضد الحكومة وأن المتمردين سيطردون العرب من دارفور ورغم تحريض السياسيين من أبناء القبائل العربية في الخرطوم لزعماء العشائر ومطالبتهم بتعبئة المليشيات لمساندة الجيش الحكومي إلا أن الكثير من القيادات التاريخية وزعماء الإدارة الأهلية لبعض القبائل العربية خاصة تلك التي لها (دار أي حاكورة) لم ينخدع بهذه الادعاءات بل اتخذت موقف الحياد من الحرب الدائرة في دارفورو طلبوا رعاياهم بعدم الانجرار وراء إغراءات الحكومة وتحريض السياسيين من أبناء القبائل العربية في حزب المؤتمر الوطني وغيرها من الأحزاب وعدم اللهث وراء المصالح الآنية وأخذ العبرة من التجارب السابقة التي شوهت سمعة العرب في دارفور كما طالبوا الحكومة بعدم استغلال الفقراء وغير المتعلمين من أبناء قبائلهم و إشراكهم  في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل وذلك للوعي المتزايد عند زعماء العشائر من أن الحكومات في الخرطوم لا تذهب إلى العرب في دارفور إلا عندما تحتاج إلى مقاتلين  ونذكر في هذا المقال نماذج من هؤلاء الزعماء على سبيل المثال لا الحصر .

1.  الناظر محمدين الدود حسب الله ناظر الماهرية : رفض ناظر الماهرية في محافظة كتم محمدين الدود حسب الله عروض الحكومة من أسلحة وعربات وأموال مقابل الوقوف إلى جانب الحكومة وتعبئة المقاتلين للمشاركة في الحرب ، رفض كل هذه الإغراءات رغم وجود مبررات الانضمام المتمثلة في سلوك وممارسات بعض المتمردين الخاطئة التي كانت يمارسها المتمردين في منطقة غرير (ديسا ) وذلك لتجنيب القبيلة من العواقب المقبلة ولم يكتف محمدين الدود برفض هدايا الحكومة بل أصدر أمرا بمغادرة أفراد الماهرية كافة مع مواشيهم من غرير إلى كبكابية بعد أن أصبحت غرير معسكرا للمتمردين مما وجد انتقادا شديدا من بعض رجاله وأقاربه وأفراد قبيلته من هذا الموقف المسالم .

دفع رفض الناظر محمدين الدود لتسليح قبيلته المسؤولين الحكوميين إلى تقليص رواتب جميع أفراد قبيلة الماهرية العاملين في المكاتب الأمنية في الفاشر وكتم وبعدها بفترة وجيزة فصلوا من وظائفهم بتهمة وجود تواطؤ بين الماهرية والزغاوة ولما اشتكت الماهرية للناظر محمدين الدود قال لهم ” هل أرسلكم الأمن ؟ ليس لدي إلا شي واحد أقوله : عودوا إلى أعمالكم القديمة ، أنا مدني لست مسؤولا عن قتال المتمردين ، لن أقتل جيراني ومن تربطنا معهم علاقة مصاهرة والمصير الواحد من أجل لا شي ) .

 

2.  الناظر سعيد مادبو ناظر الرزيقات : استدعي سعيد مادبو إلى الخرطوم في سنة 2003 للقيام بهمة تعبئة قبيلته وتسليحها للقتال ومناصرة الحكومة في حربها ضد التمرد ولكنه أخبر الرئيس البشير قائلا ” سأعطيكم من لديه الرغبة من أبنائي إذا كنتم ترغبون تجنيدهم في الجيش النظامي ولكن ليس لدي من يلتحق في قوات الدفاع الشعبي والمليشيات القبلية ، أنت يا السيد البشير لن تجلس على هذا المقعد إلى الأبد ولكن الرزيقات باقون في دارفور إلى الأبد وسيستمر الانتقام إلى الأبد إذا شاركت الرزيقات في هذه العملية “

عقابا لموقفه حاولت الحكومة تقويض موقع الناظر سعيد مادبو وذلك ببدء تجنيد من فروع منافسة من الرزيقات وأبرزها عشيرة الشاطية التي ينتمي إليها عبد الحميد موسى كاشا والي جنوب دارفور الحالي ، كما تلاعبت الحكومة بالهرمية القبلية والإدارة الأهلية للحد من سلطة مادبو وفي سنة 2004 أعطت الحكومة النظارة للمعاليا وهي أكبر قبيلة مستضافة في دار الرزيقات بل قامت الحكومة في سنة 2007 بإنشاء وحدة إدارية جديدة (بحر العرب) من أرض مادبو .ولكن رغم ذلك أصر الناظر سعيد مادبو على الحياد وحاول بناء توافق عربي في جنوب دارفور محذرا أبناء العم من رزيقات الشمال (الأبالة) من عواقب وقوفهم مع الحكومة قائلا “أنكم ستندمون على فعلتكم ودوركم في الحرب “

 

3.  الناظر الهادي عيسى دبكة ،ناظر بني هلبة : طلبت الحكومة من ناظر قبيلة بني هلبة الهادي عيسى دبكة بتعبئة المليشيات من قبيلة بني هلبة لمساندة الحكومة مثلما فعل في عام 1991 في مواجهة حركة داؤد يحي بولاد ولكن الناظر الهادي عيسى رفض هذه المرة مستفيدا من التجربة السابقة فقامت الحكومة بشراء تأييد منافس له حيث قام عبد الحميد موسى كاشا والحاج عطا المنان والي جنوب دارفور السابق في سنة 2004 بزيارة إلى عد الفرسان ديار بني هلبة وأشادا علنا بأولئك الذين استجابوا لنداء الحكومة وحملوا السلاح وخالفوا أوامر الناظر الهادي وقدما للمليشيات مبلغ 110 مليون جنيه سوداني أي ما يعادل (42900 دولار) في تلك الفترة .

  هذه نماذج من مواقف مشرفة من نظار وزعماء من القبائل العربية ذات (الدور أو حواكير) وهنالك نماذج أخرى كثيرة في جنوب دارفور وشمالها ،مما أدت تلك المواقف إلى لجوء الحكومة إلى استقطاب مليشيات من بين هذه القائل باستخدام المال وأعضاء المؤتمر الوطني من أبناء هذه القبائل والاعتماد على حلفاء الخرطوم الأساسيين من (الأبالة) كالمحاميد وعريقات وعطيفات وأم جلول في محافظة كتم ومنطقة مستريحة وقبيلة النوايبا التي تسكن حول بلدتي نرتتي وزالنجي  والزيادية وأفخاذ من الماهرية منها فخذ الحمدانية بزعامة مصطفى عبد الله (أبو النوبة) وأولاد منصور بزعامة جمعة دوغلو في شمال غرب نيالا وقبائل صغيرة مستعربة مثل الترجم في وادي بليل بقيادة الناظر محمد إبراهيم يعقوب الذين حصلوا على النظارة في عام 1991 اعترافا بخدماتهم في الشرطة والمليشيات كما سلحت الحكومة القبائل التي تسمى بعرب 2002 في دارفور مثل قبيلة القمر والكنين والتاما والقرعان والهوتيا وبرقد حيث تمت تعبئتهم لأسباب تتعلق بالهوية والإستراتيجية إلى جانب تسليح قبائل عربية صغيرة مثل سلامات وصعدة في جنوب وغرب دارفور وأولاد راشد ، أولاد حليم ، أولاد تاقو ، أولاد جنوب ، أولاد عيد ، أولاد زيد والشطية وزيلات وغيرها من الأبالة في مناطق سريف عمرة والجنينة وهذه القبائل من القبائل العربية التي وفدت من تشاد في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بحثا عن الأرض حيث أقامت الحكومة لهذه القبائل وحدات إدارية في ديار القبائل المستقرة في الإقليم .

 

الخاتمة:

1.  إن الانتماء القبلي المتأصل والانقسامات العرقية  والحرب القبلية في دارفور نتاج طبيعي لانعدام التنمية وهذه الانقسامات أقعدت ثورة  دارفور عن الانطلاقة نحو الغايات المشتركة لسكان الإقليم  نتيجة لتداخل الصراع القبلي المحلي مع الكفاح من أجل الحقوق فجاءت التعبئة للصراع وفقا للاتجاهات القبلية  .

2.  إن أسباب ومبررات قيام الثورة متوفرة في دارفور ولكن بقيام الثورة غرقت هذه الشعارات في وحل القبلية والطموحات الشخصية فاتجه البعض إلى استثمار إفرازات الصراع وأصبح البعض قادة لذاتهم ومجموعة من بطانة منتفعة من الوضع.

3.  إن حرمان الحكومات المتعاقبة لأبناء دارفور من التنمية والوظيفة العامة وممارسة سياسة فرق تسد في الإقليم ظهرت آثارها في ثورة دارفور (تقسيم الربح قبل بيع البضاعة) أي اللهث وراء المصالح قبل نجاح القضية ويتضح ذلك من خلال الانقسامات وتعدد الفصائل وتوقيع الاتفاقيات بالتقسيط  وبقاء الثورة بثوبها القبلي والعرقي .

4.  إن الاستقطاب القبلي وتمثيل بعض الحركات مصالح بعض القبائل دون أخرى وإقصاء البعض على أسس قبلية أدت إلى انقسام اجتماعي حاد في دارفور ولمعالجة هذا الخلل لا بد من بلورة مشروع يمثل مصالح الجميع للخروج من هذه الحروب الخاسرة .

5.  لقد تلاعب الخرطوم على مشاعر القبائل العربية في دارفور وذلك من خلال ترويج إشاعة انعدام الأمن وقرب المتمردين من أماكن سكنهم وأن للتمرد خطة لطرد العرب من دارفور وأن المتمردين ضد القبائل العربية وليس ضد الحكومة حيث سعت الحكومة إلى توظيف تكتيكات فرق تسد في حرب دارفور .

6.  رغم الموقع المحوري للعرب في دارفور ورغم أن الإهمال الحكومي قد طال العرب مع بقية سكان الإقليم إلا أنهم أقصوا في الكثير من الحوارات والمفاوضات وذلك لاعتقاد الأطراف الأخرى خاصة المتضررة من الجنجويت بأن القبائل العربية كلها جنجويت ولكن في الحقيقة إن القبائل العربية في دارفور ليست جميعها جنجويت بل هي الأخرى تضررت من أعمال الجنجويت والحكومة والحركات المسلحة كبقية المدنيين في دارفور وكانوا لا يثقون من سياسيي دارفور في الحكومة وينتقدونهم ويعتبرونهم سبب معاناة أهل دارفور بل سعت طائفة من زعماء القبائل العربية في سنة 2007 إلى تكوين مجلس للتنسيق العربي (ACC  ) لتمثيل مصالح العرب .

7.  إن فصل القبائل العربية من دارفور وربطها بالخرطوم وتحويلها لجيش لحماية النظام مقابل مكاسب خاصة خطأ استراتيجي ارتكبه بعض القيادات من القبائل العربية في دارفور.

8.  لتمييز القبائل العربية من الجنجويت المنحدرين من هذه القبائل لا بد للقبائل العربية من إصدار بيان صريح عبر زعماء العشائر تستنكر ما ارتكبه الجنجويت من فظائع في دارفور ومن ثم كشف هوية الجنجويت للجهات العدلية الدولية والوطنية والمحلية لمحاكمتهم وعندها سوف تزال اللبس والتهمة الجماعية الموجهة للقبائل العربية في دارفور. 

9.  لقد تقوضت سلطة زعماء القبائل على الشباب في دارفور بسبب الحرب وإفرازاتها حيث حلت قانون البندقية وثقافة الخمر والنساء والمخدرات محل الأعراف والقيم ،فرغم هدو الأمور إلا أن الشباب سيشكلون مشكلة في الفترة القادمة من تاريخ دارفور.

10.         إن الجنجويت لم يكونوا قوة أيديولوجية أو ذراعا مقاتلة لحركة أيديولوجية بل هم تشكيل من طراز اللصوصية المقننة وحب السلب والنهب انضموا للحكومة لتحقيق مصالح مشتركة ويتغير تحالفهم مع تغير الأوضاع و الظروف المحيطة .

11.         معظم مليشيات الجنجويت غير منضبطة دوما ويشجعها العصبية القبلية والسلب وفي بعض الحالات تكون خارج نطاق سيطرة الحكومة وأحيانا خارج سيطرة زعماء قبائلها وقادتها السياسيين في الخرطوم.

12.         نسبة لوجود المهددات الأمنية على الأرض ومشكلة الحكومة مع المحكمة الجنائية الدولية ظلت الحكومة متمسكة بهذه المليشيات والمرتزقة بل فاجأت أهل دارفور والمراقبين والرأي العام بتسمية الجنجويت بحرس الحدود وضمهم للجيش النظامي بنمر عسكرية وتزويدها بالأسلحة والعربات والعتاد.

13.         إن سيطرة الخرطوم على الجنجويت يعتمد على دمج المزيد في القوات النظامية وسرعة إيصال الرواتب وتقديم الرشاوى والأسلحة والأموال  ولكن مع قرب موعد الاستفتاء وانسحاب شركات التنقيب والتوقف الجزئي لتصدير البترول ،ستواجه الحكومة مشكلة كبيرة لأنها معتمدة على الجنجويت والطيران الحربي في عملياتها العسكرية في دارفور بعد انهيارالجيش.

14.         إن الانشقاق الذي حدث بين قبيلتي الماهرية والمحاميد المكونتين الرئيسيتين لقوات حرس الحدود يحدث جرحا عميقا وينذر بحدوث متاعب أخرى للحكومة .

15.         نسبة لتشرذم الحركات المسلحة وتأخر تسوية القضية السياسية في دارفور أصبحت مليشيات الجنجويت جزءا من المشكلة وتطالب علنا بأن تكون جزءا من الحل .

16.         إن قدوم المرتزقة والمستوطنين الجدد إلى دارفور وانضمامها في صفوف مليشيات الحكومة جاءت من اعتماد الحكومة لممارسات غير نظامية في عملية التعبئة والتجنيد كحاجتها الماسة لقوات إضافية من خارج الحدود لمكافحة التمرد لذلك صار قسم كبير من المليشيات الإضافية من عناصر أجنبية .

17.                      إن معالجة الفوضى في دارفور تتوقف على تحليل هوية ودوافع الذين يحملون السلاح .

18.         إن سلوك الثوار واستفزازهم وانتقامهم واعتدائهم على المدنيين على أسس قبلية وفرض الضرائب والرسوم  بقوة السلاح وطد شعور الكراهية وأدت إلى تغيير مواقف الجماعات المحلية من الثورة والثوار .

19.         إن استخدام البعض سلاح الثورة والوظيفية الثورية في تصفية الحسابات القديمة أدت إلى نشر رسائل خاطئة عن الثورة في دارفور.

20.         إن هجوم الحركات المسلحة على المناطق وعدم قدرتها على البقاء في هذه المناطق أعطت مبررات للجيش والجنجويت لدخول هذه المناطق بعد انسحاب الثوار وارتكاب جرائم ضد المدنيين ونهب ممتلكاتهم فولدت كراهية بين المواطنين والحركات المسلحة أي اعتبار الحركات مصدر معاناتهم و سببا في قتلهم وتشريدهم.

21.         على الرغم من انتشار عمليات القتل الجماعي والاغتصاب وتدمير مئات القرى ونهب الممتلكات ونزوح أكثر من مليوني شخص إلا أن الحكومة لم توجه أي تهم لمرتكبي هذه الجرائم في أي محكمة مما عزز ذلك مناخ الإفلات من العقاب .

22.         إن النظام القضائي السوداني غير راغبة في تحقيق العدالة في دارفور وفشلت المحاكم واللجان التي تم تشكيلها للتحقيق في الفظائع لأنها كانت محاكم ولجان صورية لصرف المبادرات الدولية غير المرحب بها ،كما أن هذه المحاكم واللجان التي شكلت لم تذكر في تقاريرها إنتهاكات السلطات الحكومية أو الجيش بوصفها فئات محصنة من السؤال والتحقيق والإدانة وبل خلصت هذه اللجان إلى عدم وجود جرائم ممنهجة أو واسعة النطاق أي أن النظام القضائي تسعى إلى حماية المتهمين بدلا من إنصاف الضحايا .

23.         في دارفور تروج الحكومة بأن الحرب في دارفور حرب قبلي بين الرعاة العرب والمزارعين الأفارقة ولكن هذا التقسيم غير صحيح لأن في دارفور تجد عرب رعاة وعرب مزارعين وكذلك أفارقة رعاة يمتلكون الماشية أكثر من العرب وأفارقة مزارعين .

24.         على أبناء دارفور لا بد من إيجاد حل للاعتقاد التي لعبت الدولة في إبرازها في مقدمة المشكلة إذا أرادوا العيش في سلام وأمان وهذا الاعتقاد يتكون من جزئيين الجزء الأول هو إعتقاد أن العرب يريدون احتلال الأرض(كواكير) ، والجزء الثاني أن الأفارقة يريدون طرد العرب من دارفور لتبرير الجرائم وهذا الحل يتطلب جلوس العشائر والزعماء القبائل والحكماء لجبر الضرر وعقد مصالحات حقيقة وإعادة بناء النسيج الاجتماعي والسلام الأهلي وتنظيم الزراعة وحركة الرعاة الموسمية فضلا عن طرد الوافدين الجدد من دول الجوار و أبعاد أجندات الحكومة التي لا تريد الاستقرار لدارفور .

 

[email protected]

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *