ساحل العاج تعيش هاجس الحرب عشية الوساطة الأفريقية «الأخيرة»
12 ألف لاجئ ونازح.. و«العفو الدولية» تطالب وفد «الإيكواس» بإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان
أبيدجان – لندن: «الشرق الأوسط»
تعيش ساحل العاج هاجس الحرب عشية الوساطة «الأخيرة»، المتوقع أن يقوم بها وفد المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (الإيكواس) اليوم، بين معسكري لوران غباغبو والحسن وتارا، المتنازعين على الرئاسة.
وجاء هذا بينما طالبت منظمة العفو الدولية، أمس، وفد «الإيكواس» بإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان.
ويخشى معسكر وتارا أن يقوم أنصار الرئيس المنتهية ولايته، غباغبو، بشن هجوم «بأيديهم» على معقل زعيمهم الذي اعترف المجتمع الدولي بشرعية فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة؛ فقد دعا شارل بليه غوديه، زعيم أنصار غباغبو «الشباب الوطني» إلى الاستعداد للسيطرة من دون أسلحة و«بالأيدي»، بعد الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي على فندق «غولف» الذي يتخذ منه الحسن وتارا مقرا لحكومته التي يرأسها غيوم سورو.
ويتوقع أن يجتمع شارل بليه غوديه، وهو أيضا وزير الشباب، مع قياديين آخرين من التيار الوطني ليبحث معهم كيفية التعامل مع ندائه. إلا أن كل شيء كان حتى صباح أمس هادئا في محيط هذا الفندق الفخم الواقع على ضفة بحيرة ابريه. وما زالت حواجز قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو على الطريق المؤدي إلى الفندق، الذي تفرض عليه حصارا بريا، قائمة لكنها لم تُعزز.
والتجمع الوحيد الذي لوحظ كان لمصلين في كنيسة تقع قرب سفارة الولايات المتحدة نوتردام دي لا توندريس قرب الفندق. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن باتريك آشي الناطق باسم حكومة وتارا قوله إن «كل شيء هادئ في الفندق، ونحن في هدوء تام».
يشرف على أمن فندق «غولف» عناصر حركة التمرد سابقا (القوات الجديدة)، ونحو 800 جندي من قوات الأمم المتحدة في ساحل العاج، التي تضمن أيضا تزويده بالمروحيات.
ويخشى أن يكون اجتياحه المحتمل من آلاف «الشباب الوطني» تفجيريا، لا سيما أن غباغبو اتهم قوات الأمم المتحدة بأنها «أطلقت النار على مدنيين»، وذلك في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، مطالبا مجددا بانسحاب تلك القوات من البلاد. لكن القوة الدولية نفت ذلك قطعا، وقد طالب لوران غباغبو بانسحاب القوات الدولية، وكذلك الفرنسية العاملة في إطار عملية «ليكورن» التي تدعمها، واتهمها بدعم وتارا عسكريا.
واعترف القسم الأكبر من الأسرة الدولية بالحسن وتارا رئيسا شرعيا، إثر انتخابات 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن المجلس الدستوري أعلن غباغبو فائزا؛ فاحتفظ الأخير بالحكم.
وكانت قوة الأمم المتحدة العاملة في ساحل العاج قالت الشهر الماضي إن القوات الموالية لغباغبو تمنع الوصول لما قد يكون مقبرة جماعية قرب أبيدجان. ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن دبلوماسيين من الأمم المتحدة قولهم إن قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في ساحل العاج ما زالت ممنوعة من دخول هذا المكان. وأضافوا أن بان كي مون: «قال إنه صدرت تعليمات لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في ساحل العاج ببذل قصارى جهدها من أجل الوصول إلى المناطق المنكوبة، لمنع الانتهاكات والتحقيق فيها وتسجيلها حتى يمكن محاسبة المسؤولين».
لكن فيهي توكبا المدير العام لوزارة الداخلية التابعة لغباغبو قال لوكالة «رويترز» إن مثل هذا التحقيق لن يقود إلى شيء من دون تعاون قوات الأمن في ساحل العاج.
وأضاف: «كيف يمكن للأمم المتحدة أن تجري تحقيقا في ساحل العاج من دون مشاركة السلطات في ساحل العاج؟ ما قيمة ذلك؟».
وأضاف: «حينما تكون هناك حاجة لاستجلاء الحقائق فسنبنيها على الحقائق.. لا على الادعاءات». وتابع أنه إذا كانت هناك أدلة على وجود مقبرة جماعية فعلى الأمم المتحدة أن «تقول لنا.. أين هي؟».
كذلك، قالت حكومة غباغبو أمس إن أكثر من 10 آلاف من سكان ساحل العاج لجأوا إلى ليبيريا وغينيا، وأكثر من 2500 نزحوا من ساحل العاج بسبب الأزمة التي نشبت بعد الانتخابات، منتقدا المنظمات الدولية لعدم تقديمها مساعدة.
وقالت آن غناهوري، وزيرة التضامن في حكومة غباغبو لتلفزيون «آر تي آي» إنه منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 28 نوفمبر (تشرين الثاني): «هناك 10 آلاف شخص من ساحل العاج على الحدود مع ليبيريا يعيشون في ظروف صعبة، من دون أي مساعدة. وهناك أيضا لاجئون عند الحدود مع غينيا».
ويُتوقع وصول وفد من ثلاثة رؤساء من دول «الإيكواس» سينضم إليهم رئيس الوزراء الكيني رايلا اودينغا باسم الاتحاد الأفريقي، اليوم الاثنين، إلى أبيدجان.
وقد زار رؤساء بنين، بوني يايي، وسيراليون، ارنست كوروما، والرأس الأخضر، بيدرو بيريس، مرة أولى الثلاثاء الماضي أبيدجان، والتقوا غباغبو ووتارا بتفويض من المجموعة الاقتصادية التي هددت باللجوء إلى القوة للإطاحة بغباغبو إذا رفض التنحي لصالح وتارا.
ولا يزال الموفدون الأفارقة يفضلون الحوار، لكن الخيار العسكري وارد. وتوقف رايلا اودينغا، الذي سيزور ساحل العاج لأول مرة منذ أن عينه الاتحاد الأفريقي، أمس في أبوجا، لمقابلة رئيس نيجيريا، غودلاك جوناثان، الذي يتولى رئاسة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.
وقد أعلن اودينغا الذي كان معارضا، وعين رئيس وزراء سنة 2008، إثر أزمة سياسية عنيفة أعقبت الانتخابات الرئاسية المطعون في شرعيتها أيضا في كينيا، صراحة ضرورة تنحي غباغبو، حتى إن كان ذلك بالقوة.
وقبل التوجه إلى أبوجا ثم أبيدجان، صرح اودينغا بأنه «سيقوم بمهمة حماية الديمقراطية وصوت الشعب في ساحل العاج»، قائلا: «أحمل رسالة سلام إلى شعب ساحل العاج».
في غضون ذلك، دعت منظمة العفو الدولية، أمس، عشية زيارة وفد مجموعة الإيكواس إلى أبيدجان، هذه المنظمة إلى إعطاء الأولوية للدفاع عن حقوق الإنسان في وساطتها في ساحل العاج. وأعلنت منظمة العفو في بيان أن «على وسطاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن يضعوا حماية حقوق الإنسان في صلب جهودهم لإنهاء الأزمة في ساحل العاج».
وقالت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان إن «الكثير من السكان ما زالوا يعيشون في الخوف من أن تغتالهم أو تعتقلهم أو تخطفهم قوات الأمن أو الميليشيات المقربة من لوران غباغبو».
وأضافت المنظمة أنه «من الضروري القيام بتحقيق مستقل وحيادي دون تأخير في هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان»، وعلى المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا أن توجه إشارة قوية مفادها أنه ينبغي بذل كل الجهود لضمان احترام وحماية حقوق الإنسان لكل شخص».
من جهة أخرى، أعربت منظمة العفو الدولية عن «قلقها الشديد من الهجمات والعراقيل التي تواجها خلال الأيام الأخيرة قوات حفظ السلام الدولية في ساحل العاج». وأسفرت أعمال العنف منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن سقوط 179 قتيلا معظمهم من أنصار وتارا، حسب الأمم المتحدة، بينما قال معسكر غباغبو إن عدد القتلى 53 منذ انتخابات 28 نوفمبر؛ منهم 14 من قوات الأمن الموالية لغباغبو.