حسن اسحق
يترنح الوطن من كل اطرافه،يتآكل يوما بعد يوم،يتشقق جدرانه،يتمزق اساسه،ويتهاوي علي مقبرة النار،يخرج الموتي جماعات، ويهتفون بصوت واحد كلنا دفنا من دون ان نعرف من القاتل، وجمدت اوراقنا علي ادراج المكتبات، من قتلونا، هم من حققوا في الجريمة، وكتبوا علي صفحة التقرير الاخيرة ان الفاعل مجهول. خرجنا لنهتف ونصرخ ونقول، ان من تركناهم خلفنا، شاركونا نفس المقبرة، بمساحتها الحديدية، والغريب ان المساحة، نصبوا عليها تمثال لضابط شرطة او جندي يحمل بندقية وعلبة غاز مسيل للدموع وعصا غليظة، لمن يتجرأ ان يستيغظ من المقبرة،وتفاجأت ان من يجاورني طالب يدرس في جامعة عريقة، تبقت له سنة للتخرج، وحكي لي قصته، واستمعت بصبر حزين، ورأيت مذكراته واقلامه نفدت من الحبر من شدة الكتابة والاهتمام في قاعة الدرس، كان يجتهد،وينتظر مصروفه من اسرة تسكن في اقليم تمطر سحبه القنابل، لترتوي ارضها بدماء الاطفال والنساء، والقري تزحف بعيدا بعيدا حيث اللاعودة، ويعاد اسكانها من جديد، باناس من صحراء مالي او النيجر، والطفل صار عبئا علي دولته، فارادوا إستبدال سحنته باخري تليق بمنهج الدولة
الرسولية الا لهية، اي رسول هذا، يأتي ليقتل لا ليبشر بالسلام والمحبة بين البشر. وترك الطالب كتابه، ذهب ليري الجموع المكلومة، جاءت لتلقي النظرة عليه،هو لا يدري ان جنازته، رفضت ان تدفن في المدينة الثانية، واجبر الاهل علي ان تدفن في مدينة الاشباح والجستابو السوداني، وفتح كراسته ليدرس درس الاقتصاد، وجد الورقة الا ولي والثانية، ثم الاخيرة محروقة، وبها شظايا بندقية، نفس الطلقة التي قتلت بها خديجة في قرية ام قونجا، وهذا الدم دمه ام دمها،تشابهت عليه الدماء في نهاية المقبرة، تصاعد الدخان والموتي بدأوا يستشعرون تأثيره، وخرجوا كأمرأة ورجل واحد، يرددون هتافات، مقتل طالب، مقتل امة، الدم الدم لكلاب الامن، لن ترتاح ياسفاح، ثوري ثوري لن يحكمنا لص كافوري. فلص كافوري كان حاضرا منذ الصباح، احاط بالمقبرة، وامر قناصته، ونظف مجنزراته، ليتوغل في حديقة الموتي، ويدوس علي الاقلام والاوراق من جديد. فمدرسة كافوري والمنشية، عناصرها تتلمذوا علي ازهاق الروح، وهي بداية لقاء الحور، فهي مدرسة سموها مدرسة النبوة والكتاب، والنبوة طريق الاغتيال والاغتصاب، والكتاب إخفاء الحقائق وحرق وثائقها .
[email protected]