الخرطوم (رويترز) – تشكو أحزاب المعارضة السودانية من أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية قد شابها بالفعل تلاعب في حين أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان يوم الاربعاء انها قررت سحب مرشحها من انتخابات الرئاسة التي ستجرى الشهر المقبل.
والانتخابات أحد أهم بنود اتفاق السلام الموقع عام 2005 بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان الذي أنهى أكثر من عقدين من الحرب الاهلية.
واتهم مركز أبحاث مجموعة الازمات الدولية حزب المؤتمر الوطني بمحاولة التلاعب بالانتخابات في اقليم دارفور الذي تمزقه الحرب قبل اجراء أول انتخابات متعددة الاحزاب في البلاد منذ 24 عاما.
فيما يلي أهم بواعث القلق لدى المعارضة بشأن الانتخابات..
احصاء 2008 وعيوبه
– تقول أحزاب المعارضة ان الاحصاء السكاني الذي أجري عام 2008 قلل من عدد السكان في المناطق المعارضة للرئيس عمر حسن البشير وضخم من عددهم في المناطق المؤيدة له وخاصة في دارفور.
– تم استخدام الاحصاء السكاني لرسم الدوائر الانتخابية وتشير المعارضة الى عدم تناسب واضح بين عدد السكان والمقاعد المخصصة لدوائرهم الانتخابية في البرلمان. فولاية غرب دارفور حيث لجأ اليها كثير من ضحايا التمرد في دارفور يمثلها 15 مقعدا فقط في البرلمان بينما تنتخب ولاية شمال دارفور التي تعد معقلا لحزب المؤتمر الوطني الحاكم 24 عضوا. أما منطقة جبل مرة التي يسيطر عليها المتمردون منذ بدء النزاع في 2003 فليس لها أي مقعد.
– في جنوب كردفان قاطعت الحركة الشعبية لتحرير السودان الانتخابات بسبب الخلاف على توزيع الدوائر الانتخابية مما أجبر الحزب الحاكم على القبول بتأجيل التصويت على انتخابات مجلس الولاية والوالي هناك.
استخدام موارد الدولة
– تتهم المعارضة حزب المؤتمر الوطني باستغلال موارد الدولة في حملته الانتخابية وهو أمر محظور بموجب قانون الانتخابات.
– لدى المعارضة صور سيارات حكومية تستخدم لنقل الاشخاص لتسجيل أنفسهم للتصويت ولعقد التجمعات الانتخابية.
– رغم ان الانفاق على الحملة الانتخابية لحزب المؤتمر الوطني وخاصة حملة البشير يبدو سخيا الا أن من الصعب اقامة الدليل على استخدام موارد الدولة بعد 21 عاما من السيطرة غير الشفافة على الاقتصاد.
– قدمت وسائل الاعلام الرسمية بما في ذلك وكالة الانباء السودانية (سونا) والاذاعة والتلفزيون مساحات محدودة للغاية من الوقت لاحزاب المعارضة أثناء فترة الحملة الانتخابية ومدتها 54 يوما. ولكن المواد المذاعة للحزب مسجلة سلفا وخاضعة للرقابة وبعض أحزاب المعارضة قاطعت ذلك ووصفته بأنه مضيعة للوقت.
يقول مراقبون ان الجيش والشرطة وأعداد ضخمة من أجهزة أمن الدولة الاخرى قامت بترهيب الناخبين اثناء تسجيل أسمائهم وخاصة في دارفور حيث تخضع حرية التنقل للجميع لقيود صارمة بسبب الصراع المستمر وقانون الطواريء الذي مازال ساريا هناك.
التسجيل
– وثق مراقبون دوليون وسودانيون ما وصفته المعارضة بأنه تلاعب واسع النطاق أثناء تسجيل أسماء الناخبين العام الماضي.
– قال مراقبون ان اللجان المحلية “الشعبية” وغالبيتها معين من قبل الحكومة سجلت اسماء الناس بقوائم أو وثائق هويات مزورة. ووجد المراقبون ان بعض الاسماء اختفت من السجلات بينما أضيفت أخرى. ويضيف المراقبون ان التسجيل الالكتروني للناخبين ليس جاهزا.
– في ظل غياب أي معرفة حقيقية لدى الناخبين في البلد أقام مسؤولو حزب المؤتمر الوطني الحاكم منافذ خارج مراكز التسجيل وأبلغوا كل من يسجلون أسماءهم بضرورة تسجيل أرقام بطاقاتهم الانتخابية وفي كثير من الاحيان قام المسؤولون بجمع كعوب بطاقاتهم الانتخابية الامر الذي يمكن أن يساعدهم في التلاعب أثناء التصويت.
– قرار المفوضية القومية للانتخابات بالسماح لجميع قوات الامن بالتسجيل أينما كان تواجدهم يثير أيضا قلق المعارضة. وقالت المعارضة ان أفراد قوات الامن بأعدادهم الضخمة يمكنهم التصويت مرتين .. مرة في أماكن تمركزهم ومرة أخرى في مقار اقامتهم.
اتهام المؤتمر الوطني بالانحياز
– طالبت المعارضة بقيام جهة مستقلة بالتدقيق في تمويل حزب المؤتمر الوطني الحاكم وهو ما لم يعلن حتى الان. وتقول بعض المصادر الدولية ان الانتخابات قد تتكلف ما يصل الى 400 مليون دولار وسيتحمل المجتمع الدولي على الارجح نصف هذا المبلغ تقريبا.
– تدخل حزب المؤتمر الوطني في عطاء من الامم المتحدة لطبع أوراق الاقتراع للانتخابات الرئاسية وحكام الولايات قائلا ان الشركة المختارة قد لا تسلم أوراق الاقتراع في موعدها لجولة ثانية محتملة للانتخابات الرئاسية. ومنح الحزب عقد الطباعة لمطبعة أوراق النقد الحكومية بقيمة 4.88 مليون دولار وهو ما يزيد عن ضعف قيمة العقد الذي أوصت به الامم المتحدة للشركة السلوفينية بقيمة 1.66 مليون دولار. ودفع حزب المؤتمر قيمة العقد من الاموال الحكومية.
– اتضح بعد ذلك ان الشركة الحكومية السودانية لم تتقدم للحصول على العقد لطباعة بطاقات اقتراع الجولة الثانية وان الامم المتحدة أوصت بشركة مختلفة من جنوب افريقيا لطباعة هذه الاوراق. وتقول المعارضة ان وراء قرار طبع أوراق الاقتراع داخل البلاد اما فساد أو تلاعب انتخابي أو الاثنين معا.
– وبعد بضعة ايام كشف حزب المؤتمر الوطني انه منح نفس المطبعة الحكومية عطاء لطباعة نماذج تسجيل الناخبين الذي قالت المعارضة انه يمنح الحزب الحاكم فرصة سهلة لتزوير كعوب البطاقات الانتخابية يوم الاقتراع. وتم دفع قيمة هذا العقد من أموال المانحين الدوليين.
– وهذا الاسبوع كشفت المطبعة الحكومية عن خطأ اخر لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. فقد طبعت بطاقات الاقتراع الخاصة بانتخاب الرئيس باللغة العربية فقط وهو ما قالت المعارضة انها حيلة متعمدة لاستبعاد الجنوبيين المتحدثين بالانجليزية من التصويت. وقال حزب المؤتمر الوطني ان ذلك كان خطأ اداريا وانه أرسل قائمة المرشحين بالانجليزية الى مراكز الاقتراع في جنوب السودان للرجوع اليها.