ناجي إمام
الذين استنكروا الصورة الكاريكاتيرية لكادر المؤتمر الوطني ولاية الخرطوم وهو ممسك بذراع اللحم يمده بيسراه لتلك السيدة السودانية الفاضلة، وهي منكسرة تلعن الحاجة، بينما هو غارق في النظر إلى انعكاس ظله الثقيل الذي يمد لسانه من خلف عدسات كاميرا الجوال، بينما يرفع سبابته إلى عنان السماء موحداً الخالق ،الذي اول ما فعل أن خالف تعاليمه في أدب العطاء والصدقة، وإن لم تكن من حر ماله أو مال أبيه (خفية)، بل من اموال الشعب السوداني، ولتلك السيدة منه نصيب، فيتصدقون عليها من مالها، ويمعنون في إذلالها. تعلو وجهها الدهشة وتعلو وجهه ابتسامة بلهاء تشابه سياسة اللقطة التي امتهنها هؤلاء مثلما امتهنوا كرامتنا قبل ذلك.
هذا المشهد القبيح ليس سوى استدعاء لواقع تعيشه الأسر السودانية فقط يزيحون عنه الستار بغبائهم؛ ليكشف عن سوءاتهم التي أوصلت الشعب السوداني أن يقف مصطفاً للحصول على قطعة لحم ليقيت بها أطفاله عندما تعجز الأسرة في الحصول علي ذبيحة من ١٢٠ مليون رأس من المواشي، مشهد وان كان موجوداً بوجود الفقر بين الأسر السودانية، كانت تغطيه أثواب التكافل التي مزقوها، وتواريه أبواب الجيرة ومناولة الطاقة والنفاج بابتسامة الجار، ودفء الاخوة لا سرادق الإذلال المنصوبة على قارعة الطريق تتوسط بيوت الفقراء الخالية من كسرة الخبز، وريحة الشواء، ثم تلاحقهم عدسات المصور لتكشف حالهم للملأ، وتهتك ستر تعففهم .
عندما نتحدث عن سياسة الإفقار ومنهج إطفاء الحرائق للتعامل مع قضايا الوطن الملحة يقابلك هؤلاء بمنطق الإنكار بذات المفردات، كلما تطاول أحدنا وتحدث عن فقر الحقوق والحريات وجدب وتصحر الساحة السياسية.
يرفعون عقيرتهم في وجهك بعد اتهامك بالعمالة. إنه لا توجد آثار سلبية لرفع الدعم وإسقاطه عن السلع والخدمات الأساسية، وليس هناك فقر ولا فقراء سحقتهم الحاجة حتى رضوا أن يكونوا (بنرات دعاية سمجة ووقحة) لحزب استمرأ امتهان كرامة الإنسان السوداني تحت سياط الفقر المدقع، فلم يعد ثمة اعتبار للكرامة الإنسانية، ولا احترام للقيم الوطنية، ولا تقديس لتعاليم دينية تراعي كرامة الفقير دون أن تجرح مشاعره الإنسانية، وإحساسه بأنه يد دنيا فما بالك أن يتم التشهير به بسبب سياسات المؤتمر الوطني عبر مشروع أقل ما يمكن أن يوصف به أنه صمم وفق سياسة اللقطة في إطار دعاية حزبية عكسية كان يمكن أن يكون نبيلا لو أنه اخفاه وأخفى معه وجوه الحاجة على تلك الرؤوس المنتكسة ولو انه اعطت يمينه دون أن تعلم يساره، لكنه عمل غير صالح فهو ليس لله كما يدعون، بل سياسة اللقطة التي وصمت كل شيء.
تبا ًلكم.
ناجي إمام
يوم العيد – الخرطوم