3 سيناريوهات أمام الانتخابات السودانية في أبريل المقبل
نُذر مواجهة بين حزب البشير وتحالف «أحزاب جوبا»
الخرطوم: إسماعيل آدم
بدأت نُذر مواجهة بين حزب المؤتمر الوطني، بزعامة الرئيس عمر البشير، ومجموعة «أحزاب جوبا»، التي تضم أحزاب المعارضة الرئيسية، والحركة الشعبية، حول مصير الانتخابات السودانية، المقرر لها أبريل (نيسان) المقبل. ورفض حزب المؤتمر الوطني، أمس، بشدة طلبا من تحالف «أحزاب جوبا»، حملته مذكرة رفعها إلى رئاسة الجمهورية بتأجيل الانتخابات إلى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقال: «لن نقبل بتأجيل الانتخابات»، قبل أن يسخر من الطلب.
فيما أمهل تحالف «أحزاب جوبا» بعد اجتماع لافت له، في دار الحركة الشعبية في الخرطوم، أمس، الرئاسة أسبوعا للرد على مذكرته، وفتح الباب أمام 3 سيناريوهات، ستقرر بشأنها عدم استجابة الرئاسة لمطالبها، وذلك في اجتماع لرؤساء التحالف، حدد له السبت المقبل. وقال باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، إن اجتماع السبت المقبل حاسم في علاقة تحالف «أحزاب جوبا» بمفوضية الانتخابات. وتطالب مذكرة تحالف «أحزاب جوبا» بتأجيل الانتخابات، حتى نوفمبر القادم، وحل مفوضية الانتخابات، وتعديل القوانين المتصلة بالحريات. ولم توقع الحركة الشعبية على مذكرة تحالف «أحزاب جوبا». وقالت مصادر مطلعة في التحالف، لـ«الشرق الأوسط» إن التحالف أمامه إما الحصول على استجابة جزئية للمذكرة، ويقرر بموجب ذلك خوض الانتخابات، أو عدم الاستجابة للمذكرة، وبالتالي مقاطعة الانتخابات.
وتشير الأجواء في العاصمة السودانية إلى نذر مواجهة عنيفة بين الأطراف السودانية المؤيدة لقيام الانتخابات في موعدها، والقوى الأخرى، التي تطالب بالتأجيل، وطغت أجواء مذكرة الأحزاب على المناخ السياسي السائد منذ أسابيع في إطار الحملة الدعائية للانتخابات.
وانضم حزب الترابي، المؤتمر الشعبي، إلى قائمة الأحزاب المؤيدة لقيام الانتخابات في موعدها، في خطوة وصفت بأنها بمثابة تراجع من الحزب المعارض عن موقفه السابق المؤيد للتأجيل، لإعطاء الفرصة لأهل دارفور للمشاركة في الانتخابات. وقدم تراجع الشعبي مشهدا بحدوث «ضعضعة» في تحالف «أحزاب جوبا»، الذي تكون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في اجتماع شهير، عقد في عاصمة الجنوب، جوبا، بغرض التنسيق معا حول القضايا العالقة في البلاد. وبعد اجتماع تحالف «أحزاب جوبا» في دار الحركة الشعبية، قال باقان أموم إن التحالف ناقش التطورات الأخيرة الخطيرة بشأن الانتخابات، وذكر أن الاجتماع شكك في قدرة المفوضية على إدارة العملية الانتخابية، وناقش إمكان حل المفوضية، وذلك «استنادا إلى الخروقات التي حدثت في العمليات الانتخابية في الفترة الماضية»، وذكر أن اجتماع قيادات التحالف المقبل سيكون حاسما بشأن العملية الانتخابية.
وفي مؤتمر صحافي، قال ياسر عرمان إن المناخ الحالي في البلاد لا يبشر بنزاهة في الانتخابات، وأضاف أن الحركة الشعبية تدعم موقف القوى السياسية، الرامي إلى تأجيل الانتخابات، ودعا عرمان، وهو مرشح الحركة الشعبية للسباق الرئاسي، إلى «تصحيح الأوضاع الفنية والسياسية لإدارة انتخابات حرة ونزيهة، وذلك بالجلوس مع القوى السياسية كافة للحوار حول مطلبها بتأجيل الانتخابات»، ووجه الدعوة إلى مؤسسة الرئاسة للجلوس مع الأحزاب للحوار حول مطالبها.
من جانبه، أعلن نافع علي نافع، مساعد الرئيس السوداني، ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، بشكل قاطع، مطلب تحالف «أحزاب جوبا» بتأجيل الانتخابات، وقال، بكثير من السخرية من الطلب «لا لتأجيل الانتخابات»، وأضاف: «نحن لا نرى أي مبرر لذلك.. ولن نقبل به». وحول موقف حزب الترابي المؤيد لقيام الانتخابات، قال نافع في تصريحات صحافية، أمس: «أي حزب يرغب في الانتخابات نحن نشكره على موقفه»، وأضاف: «الذين يدعون لتأجيل الانتخابات بعدت عليهم الشقة.. ولا بديل لهم غير الانتخابات».
وردا على سؤال حول مطالبة القيادي في الحركة الشعبية ومرشحها لمنصب والي الخرطوم، إدوارد لينو، بتسليم الرئيس عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم في إقليم دارفور، قال نافع في لهجة غضب: «ما قيمة لينو في الجنوب، أو في إبيي، أو في السودان حتى يطالب بتسليم الرئيس؟».
وفي تصريحات صحافية، قال رئيس هيئة التحالف، فاروق أبو عيسى، في مؤتمر صحافي تفهم التحالف لموقف الحركة الشعبية، في عدم توقيعها على مذكرة الأحزاب، «لأنها جزء من مؤسسة الرئاسة»، وأضاف أن الحركة تتفهم كذلك موقف الأحزاب، موضحا أنها باتت أكثر لينا في موقفها إزاء المطالبة بتشكيل حكومة قومية، وقال: «إن الحركة تتفق معنا في المواقف كلها، ولكنها تحتاج إلى الوضوح والجرأة في عدد من الأمور»، وأكد أن التحالف سيمهل الرئاسة أسبوعا للرد على المذكرة. وأضاف: «في حالة عدم الاستجابة لمطالب الأحزاب، فإن خيار المقاطعة سيظل مطروحا، وسيقرر رؤساء الأحزاب بشأنه في اجتماع لهم، يلتئم الخميس المقبل». وقال أبو عيسى بأحقية حزب المؤتمر الشعبي في اتخاذ موقف مؤيد لقيام الانتخابات في موعدها، خلافا لقوي التحالف.
وكشف أن مذكرة الأحزاب للرئاسة طالبت بتأجيل الانتخابات إلى نوفمبر، وحل مفوضية الانتخابات، وإعادة تشكيلها من شخصيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، وتحظى بالإجماع الوطني، على أن تصوب الأخطاء التي صاحبت العملية الانتخابية، وتكوين حكومة انتقالية لتهيئة الأجواء القانونية والسياسية الملائمة لقيام الانتخابات. وطالب التحالف بتعديل القوانين المتصلة بالحريات، وتوفير الشروط اللازمة لقيام انتخابات حرة ونزيهة وشاملة في أنحاء البلاد، وهدد بسحب الثقة عن المفوضية حال عدم الاستجابة لهذا المطلب، كما طالبت قوى التحالف بضرورة الاتفاق على ترتيبات سياسية للخروج من الأزمة الحالية، تمكن البلاد من حل قضية دارفور حلا عادلا وشاملا، وتنفيذ كامل لاتفاقيات السلام. ونادت بقيام الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في موعده، وشددت على الاعتراف بخطأ التعداد السكاني، والتأجيل الجزئي للانتخابات جنوب كردفان.
من جانبه، قدم حزب الترابي مبرراته لرفض تأجيل الانتخابات، وتوقع أن تنضم إلى موقفه قوى سياسية أخرى «كبيرة»، وحمل على قرار المفوضية بتأجيل جزئي لانتخابات جنوب كردفان لأسباب أمنية، على الرغم من الأوضاع التي يشهدها إقليم دارفور. وقال كمال عمر، الأمين السياسي للحزب في مؤتمر صحافي، إن قرار حزبه بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها أبريل المقبل، بسبب انفضاض منبر الدوحة لسلام دارفور من دون التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، إضافة إلى أن الساحة تهيأت الآن للعملية الانتخابية، وقال إن خوض العملية بصورة مباشرة سيثبت التزوير والخروقات التي ارتكبها حزب المؤتمر الوطني، وأضاف أن حزبه قام بجولات على بقية الأحزاب لشرح موقفه من تأجيل الانتخابات، وقد تفهمت الأحزاب دفوعات الشعبي في هذا الخصوص.