قيادات في المؤتمر الوطني ترفض تجديد العهد للرئيس الحالي وترى ضرورة تنحيه عن المشهد المقبل باعتباره غير مقبولا محليا وإقليميا ودوليا.
العرب
العديد من القيادات داخل الحزب الحاكم ترفض ترشح البشير لولاية رئاسية جديدة
الخرطوم – يواجه حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم حالة انقسام وتململ غير مسبوقة، على خلفية رفض شق واسع من قياداته تجديد العهد للرئيس الحالي عمر حسن البشير لولاية رئاسية جديدة الأمر الذي ينذر بانشقاقات في الأفق داخله.
كشفت مصادر سوادنية مطلعة عن انقسام كبير يعيشه هذه الأيام حزب المؤتمر الوطني الحاكم، على خلفية ترشيح الرئيس السوداني عمر حسن البشير للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل من العام المقبل.
جاء ذلك في وقت تتمسك فيه معظم قوى المعارضة بمقاطعة الانتخابات، مطالبة بضرورة تشكيل حكومة انتقالية تتولى على إثرها تحديد موعد الاستحقاق الانتخابي والإشراف عليه
وأكدت المصادر أن العديد من القيادات داخل الحزب الحاكم، ترفض ترشح البشير لولاية رئاسية جديدة، وهو ما يبدو جليا، وفق هؤلاء من نسبة التصويت في المؤتمر العام (للمصادقة على قرار مجلس الشورى بشأن مرشح الرئاسة) حيث بلغ عدد الرافضين لترشح الرئيس الحالي قرابة الـ20 بالمئة، فيما امتنع العديد من القيادات عن التصويت، هذا فضلا عن تغيب المئات منهم عن حضور الجلسة.
وتوجد قناعة لدى شق واسع من قيادات الحزب بضرورة تنحي الرئيس الحالي عن المشهد المقبل، باعتباره غير مقبول إقليميا ودوليا وحتى محليا.
ترى العديد من القيادات في المؤتمر الوطني أن القيادي نافع علي نافع هو الأفضل لقيادة المرحلة القادمة
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أعلمت النظام برفضها لتولي الرئيس السوداني الحالي لولاية جديدة، مبقية على العقوبات الاقتصادية، على خلفية إعادة ترشيحه.
وترى العديد من القيادات في المؤتمر الوطني أن القيادي نافع علي نافع الذي تولى منصب نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية لدورتين هو الأفضل لقيادة المرحلة القادمة.
ويعتبر نافع أحد الوجوه البارزة داخل المؤتمر الوطني الذي عارض فكرة التجديد للبشير، وقد حصل خلال تصويت مجلس الشورى على مرشح الرئاسة قبل المصادقة عليه في المؤتمر العام على المرتبة الثانية.
وعلى ضوء التطورات الأخيرة داخل مطبخ الحزب الحاكم لا تستبعد المصادر إقدام عدد كبير من القيادات والقواعد خاصة في صفوف الشباب على الانشقاق عن الحزب، بعد خيبة أملهم من إمكانية إحداث إصلاح وتغيير حقيقي صلب المؤتمر الوطني.
المهدي يقترح مقرا آمنا للبشير من محكمة الجنايات الدولية مقابل التنحي عن السلطة
إلى ذلك تواصل المعارضة السوادنية تضييق الخناق السياسي على البشير، حيث دعا المعارض السوداني البارز الصادق المهدي الرئيس الحالي إلى عدم تمديد حكمه المستمر منذ 25 عاما، مقترحا عليه مقرا آمنا من محكمة جرائم الحرب إذا تخلى عن السلطة.
وهذه أول مرة تجاهر فيها المعارضة بطرح مثل هذه الفكرة، ويأمل المهدي من خلال دعوته إلى تشجيع المعارضين داخل حزب البشير نفسه أن يضغطوا من أجل رحيله عن السلطة وإنهاء عزلة السودان الدولية.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمرا باعتقال البشير بسبب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وأعمال قتل جماعي تتصل بمقتل عدد كبير من الناس في منطقة دارفور بغرب السودان.
وقال المهدي “نحن كأفراد يريدون التغيير في السودان ويتطلعون إلى تحول يشمل نوعا من الخروج السلس له (البشير)”.
وأضاف “إذا صار (الرئيس الحالي) جزءا من الحل أعتقد أن بمقدورنا إقناع الجميع بأن من حقه الحصول على معاملة من نوع مختلف.. ولكن إذا جاء التغيير رغما عنه.. فإن من سيأتي إلى السلطة سيجد أن من الضروري تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
والمهدي الذي يرأس واحدا من أقدم الأحزاب السياسية في السودان كان آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا في البلاد، وقد أطيح به على يد تحالف من الإسلاميين والقادة العسكريين الذين ما زالوا يشكلون النواة الصلبة لحزب المؤتمر الوطني الذي يقوده البشير.
ويمكن أن يغير العرض الذي أعلنه المهدي بضمان الخروج الآمن للبشير الحسابات السياسية داخل الحزب الحاكم بما يعزز موقف من يقولون إنه صار عبئا على السودان وحزب المؤتمر الوطني.
وكان طرح مسألة تقديم ملجأ للرئيس السوداني غير ممكن بالنسبة إلى المعارضين قبل بضعة أعوام، وهو أمر يؤشر عن قبول ضمني بأن التسوية وحدها هي التي من شأنها تخليصهم من حكمه.
ويتولى البشير حكم البلاد منذ وصوله عبر انقلاب عسكري في 30 يونيو 1989، وفي حال فوزه في الانتخابات المقبلة فإنه سيحكم لخمس سنوات أخرى ليصل مجموع سنواته على رأس السلطة إلى 30 عاما.