القذافي يتخلى عن رئاسة الاتحاد الأفريقي لرئيس مالاوي بعد أن كان يرغب في ولاية أخرى
رئيسه الجديد يدعو إلى بدء «ثورة زراعية» لإطعام الجوعى في أفريقيا
أديس أبابا: أفراح محمد القاهرة: خالد محمود
لم يتمكن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس من ضمان ولاية جديدة على رأس الاتحاد الأفريقي بعد أن اختار القادة الأفارقة بينجووا موتاريكا، رئيس مالاوي، خلفا له.
وانتخب القذافي رئيسا للاتحاد الأفريقي الذي يتألف من 53 دولة في قمة الاتحاد السنوية عام 2009،رغم المعارضة الشديدة من بعض الزعماء الأفارقة. واستغل القذافي الخطاب الأخير له كرئيس للاتحاد الأفريقي خلال افتتاح أعمال القمة الرابعة عشرة أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والمخصصة لتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لحث الزعماء الأفارقة مجددا على بدء عملية الوحدة السياسية. وقال إن العالم سيتحول الى7 أو 10 دول، وإن الدول الأفريقية لا تعي هذا، كما أن الاتحاد الأوروبي سيصبح بلدا واحدا والدول الأفريقية لا تعي هذا أيضا. وحثها (الدول الأفريقية) على الوحدة. وتنازل القذافي أمس طواعية عن محاولته تمديد رئاسته للاتحاد الأفريقي مدة عام إضافي، وأعلن بنفسه عقب جلسة مغلقة شارك فيها نحو 31 رئيس دولة وحكومة أفريقية تعيين رئيس مالاوي خلفا له. وقال القذافي في تصريحات مقتضبة «سيحل أخي رئيس مالاوي محلي، وسيتولى المسيرة» على رأس الاتحاد الأفريقي. وأضاف: «إن مسؤولياتي المعنوية تكفيني بوصفي ملك ملوك أفريقيا كما أني عميد قادة أفريقيا». وتابع: «لست بحاجة إلى ألقاب أخرى وسأستمر في الكفاح من أجل الاتحاد الأفريقي». وانتقد القذافي المنظمة الأفريقية، مشيرا إلى أن «رئيس الاتحاد الأفريقي لا يملك أي صلاحيات».
وعادة ما تتقرر رئاسة الاتحاد الأفريقي على أساس إقليمي ودوري، وكان العام الحالي دور منطقة الجنوب الأفريقي. وقالت مصادر عربية وأفريقية في أديس أبابا لـ«الشرق الأوسط» إن الزعيم الليبي قرر الاكتفاء بالعام الذي أمضاه في منصبه كرئيس للاتحاد الأفريقي على اعتبار أنه منصب بلا صلاحيات حقيقية. لكن دبلوماسيا أفريقيا قال في المقابل إن معارضة جنوب أفريقيا التمديد للقذافي والتمسك بمبدأ تناوب رئاسة الاتحاد الأفريقي حسما الأمور لصالح رئيس مالاوي الذي يشغل هذا المنصب للمرة الأولى. ولدى افتتاح أولى الجلسات الرسمية للقمة الأفريقية، وقف القادة الأفارقة دقيقة صمت حدادا على ضحايا الطائرة الإثيوبية التي تحطمت مؤخرا على سواحل لبنان، وضحايا الزلزال الذي ضرب هايتي.
ومع انتهاء ولايته يكون القذافي قد منح لنفسه لقبا جديدا هو عميد القادة والزعماء الأفارقة. واستعملت وكالة الأنباء الرسمية الليبية للمرة الأولى تعبير عميد القادة الافارقة في إشارة إلى القذافي، في كل الأخبار التي بثتها أمس، بشأن نشاطاته في القمة الأفريقية.
ويحمل القذافي عدة ألقاب من بينها عميد الحكام العرب، وملك ملوك أفريقيا، بالإضافة إلى رئاسته لتجمع دول الساحل والصحراء، ورئيس اتحاد المغرب العربي، الذي يعيش حالة من الجمود بسبب نزاع الصحراء، علما أنه سيصبح الرئيس المقبل للقمة العربية عندما تلتئم في طرابلس قبل نهاية مارس(آذار) المقبل، بعدما تنتقل إليه الرئاسة من قطر وفقا للترتيب الأبجدي للدول الأعضاء في الجامعة العربية.
واستهل رئيس مالاوي رئاسته للاتحاد الأفريقي بالدعوة إلى بدء «الثورة الزراعية» لإطعام الجوعى. ودعا القادة الأفارقة أيضا إلى وضع تعهد بألا يموت أي طفل أفريقي من الجوع في غضون السنوات الخمس القادمة إذا تبنت القارة نهجا جديدا للزراعة. ولفت أن أفريقيا ليست قارة فقيرة، بيد أن سكانها فقراء. وقال إن «أفريقيا تواجه نقصا مزمنا في الغذاء ومشكلة تغيرات المناخ وعدم المساواة بين المرأة والرجل والفقر والأمراض»، مؤكدا أن «هذه التحديات أبطأت جهود أفريقيا لتحقيق التنمية». وأضاف أننا «نحتاج لمنشآت لتخزين الغذاء وشبكات الطرق والسكة الحديدية لنقل الغذاء من الأماكن التي يتوفر فيها إلى المناطق التي تعاني من العجز». ودعا موتاريكا القادة الأفارقة إلى الكف عن الخطابة والتحرك من أجل العمل. وقال: «إن أفريقيا تملك الأنهار. ودعونا نستخدمها للري ونتعامل مع تغيرات المناخ»، مضيفا: «أقترح بأن يكون برنامجنا هو إطعام أفريقيا عبر التقنية الجديدة، دعونا نعمل من الآن».
من جانبه، أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ، أن المنظمة القارية أنشأت صندوقا للمساعدة في إنعاش هايتي بعد الزلزال المدمر الذي أصابها، مشيرا إلى أنه تم فتح حساب في المصرف الأفريقي للتنمية لحشد الأموال للمساعدة في رعاية الأحياء وإعادة إعمار هايتي. وأعرب بينغ عن تفاؤله حول مستقبل القارة، وقال إن أفريقيا تحتاج لتسريع وتيرة الاندماج لتفعيل قوتها الجماعية، مؤكدا أن الاندماج يعتبر ضروريا لزيادة الموارد وتطوير المواقف المشتركة في العالم.
لكن بينغ في المقابل اعتبر «أن استمرار النزاعات والانقلابات يشكل إعاقة، وأنه بينما تم تحقيق تقدم كبير في حل بعض النزاعات فإن حل نزاعات أخرى يتم بوتيرة بطيئة».
وأوضح أن من بين النزاعات التي تتجه نحو الحل هناك المواجهات السياسية في كل من كينيا وزيمبابوي، والحروب الأخيرة في بوروندي والكونغو الديمقراطية وساحل العاج. ورأى أن الأوضاع السياسي في غينيا بيساو وغينيا كوناكري والصومال ومدغشقر والسودان حيث يسود إما نزاع مسلح مفتوح أو سلطات متعارضة لا تزال بعيدا عن الحل. وأضاف أننا «نحتاج لمواجهة هذا الوضع. ويجب أن يكون لنا موقف صارم وقوي ضد الانقلابات»، مشيرا إلى أن الصومال تمثل أكبر مشكلة سياسية تواجهها أفريقيا.
من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنه سيعقد قمة خاصة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل لبحث التقدم الذي تحقق في مقابلة الأهداف الألفية للتنمية وخاصة في العالم النامي. وقال كي مون في كلمته أمام القمة الأفريقية، إن الأزمة المالية العالمية قوضت التقدم الذي حققته الدول في مقابلة الأهداف الألفية للتنمية وخاصة في الدول الضعيفة.
وأضاف أن «الركود الاقتصادي وأزمة الطاقة وانعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ شكلت كلها عوامل جعلت تحقيق التنمية أكثر صعوبة ولكنه أكثر إلحاحا». وأكد أنه يدعم جهود أفريقيا لتحقيق السلام، وتعهد بمساعدة القارة على تعزيز السلام والأمن وتعهد بتقديم الدعم الكامل من جانب الأمم المتحدة. ومن المنتظر أن تناقش القمة مشروع قرار يدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والعودة إلى أراضيه استنادا لقرارات الأمم المتحدة، كما يدعو إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية.
من جهة أخرى، تمكن القذافي من تجاوز عقبة اعتراض الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، على مشاركة ملوك أفريقيا التقليديين، حيث ألقى ممثلهم خطابا دعا فيه إلى الوحدة الأفريقية، وتحديد أبعاد الشراكة مع الغرب، بالإضافة إلى وضع آلية للحد من المنازعات وصنع التقدم.
ولفت القذافي في تعقيب له على أن هذا الخطاب قد أزال المخاوف التي كانت تنتاب البعض الذين يعتقدون أن صعود الممالك والملوك التقليديين، يعتبر منافسة سياسية جديدة، موضحا أن هناك فرقا كبيرا بين مهام الملوك التقليديين وبين مهام الرؤساء السياسيين، ولا تداخل، ولا تعارض بينهما. وأضاف: «من المعروف أنه في القمة الماضية التي انعقدت في هذا المكان اعترض أخي الرئيس (الأوغندي) موسيفيني على حضورهم وعلى كلمتهم، لكنه بعد ذلك وبعد أن التقى بهم عندما قاموا بزيارته، انضم إلى المنتدى وأصبح الآن ملك شرف مع الملوك التقليديين، مما يدل على أن حجتهم مقنعة». وأعلن القذافي عن الانتقال بعد ذلك إلى حفل رفع علم الاتحاد الأفريقي الجديد، ثم التوجه إلى المعرض ثم الانتقال إلى قاعة أخرى لتشكيل الهيئة الدورية الجديدة لمكتب الاتحاد.
ورفع القذافي علم الاتحاد الأفريقي الجديد بمقره في أديس أبابا، بحضور رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، ووفد ملتقى ملوك وسلاطين وشيوخ وعمد أفريقيا، وأمين عام الأمم المتحدة، وخوسيه لويس ثاباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية، والرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، ورؤساء وفود المنظمات الإقليمية والدولية التي حضرت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد الأفريقي. ويتوسط العلم الجديد للاتحاد الأفريقي بلونه الأخضر، خريطة أفريقيا تشع منها الشمس وحولها 53 نجمة بعدد دول الاتحاد، علما بأنه كان قد تم اختيار هذا العلم في قمة سرت العام الماضي. وأجرى القذافي أمس محادثات منفصلة مع دينيس ساسو نغيسو، رئيس الكونغو، وعبد الله واد، رئيس السنغال، وفرانسوا بوزيزي، رئيس أفريقيا الوسطى، وجاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا، والشيخ شريف شيخ أحمد، رئيس الصومال.
الشرق الأوسط