أعلن وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون ألان جواندي، أمس، أن القمة الإفريقية الفرنسية التي كانت مقررة في مصر ستعقد في فرنسا في ماي المقبل على الأرجح، لتجنّب حضور الرئيس السوداني عمر البشير، الصادرة بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح وزير الخارجية المصري لما سئل إن كانت مصر لا تريد استقبال البشير قائلا: ”بالضبط”.
رمت مصر بالمسؤولية على عاتق الفرنسيين، ما يعني أن الرئيس البشير لن يشارك حتما ما دامت باريس تتخذ موقفا متشددا ضده في قضيته المفبركة من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وأكدت الرئاسة الفرنسية، أمس الثلاثاء، عقد القمة في فرنسا، دون مزيد من التوضيح.
وقال الوزير الفرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية، ردا على سؤال حول تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط بهذا الشأن ”في الوقت الحالي، احتفظنا بموعد القمة في شهر ماي، أما بشأن مكان انعقادها فسيقرر لاحقا”. وأقر بأنه ”كانت هناك صعوبات دبلوماسية لكن عدا ذلك، فهناك مناسبة تنظيم سنة إفريقيا في فرنسا” وتغيير البرنامج ”يتم بالاتفاق الكامل” مع المصريين. وأعلن وزير الخارجية المصري، أحمد أبوالغيط أمس، صراحة، لصحيفة الشرق الأوسط، أن القمة الإفريقية الفرنسية ستعقد في فرنسا وليس في شرم الشيخ في مصر كما كان مقررا، لتفادي حضور الرئيس حسن عمر البشير. وأوضح أبوالغيط أن القضية بحثت، الاثنين، بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونظيره المصري حسني مبارك خلال الزيارة التي قام بها الأخير لباريس. وقال ”بحثنا الموضوع، والاتجاه الآن لعقد القمة والاجتماع الوزاري الذي سيسبقها في فرنسا”. وردا على سؤال عما إذا كان الهدف من ذلك ”تحاشي دعوة الرئيس السوداني عمر البشير”، قال أبو الغيط ”بالضبط”.
وقد حاولت السلطات المصرية، في الأيام السابقة، إخفاء هذه الحقيقة، وأعطت صورة أنها قريبة جدا من النظام السوداني، لكنها بمجرد مرور مباراة الجزائر ومصر في الخرطوم، عادت لـ”ذبح” البشير، في حين إن موقف الجزائر من قضيته معروف وطالما رددت الخارجية الجزائرية أنها ترفض اتهامات المجتمع الدولي له و ”كيل المحكمة الجنائية بمكيالين” في إشارة إلى قادة النظام الصهيوني.
وتظهر هذه المعطيات حقيقة زيارة مبارك إلى فرنسا قبل أيام. ويبدو أن ساركوزي ضغط ما أمكن على الرئيس المصري، في سبيل التضحية بقضية البشير أمام المجتمع الدولي، حيث إن احتمال حضور الرئيس السوداني الذي أصدرت بحقه المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، غرب السودان، شكّل معضلة دبلوماسية بين باريس والقاهرة خلال الأشهر الأخيرة.
ولا تخفي المعطيات أن النظام المصري كان سيقف في الوسط دون إبداء أي موقف من قضية البشير، إلا أن وقوف السلطات السودانية في موضع محايد خلال اللقاء الذي جمع الفريقين، الجزائر ومصر، وبعدها تكذيب الأمنيين في السودان التلفيقات التي نقلها المسؤولون المصريون، قد زاد من تحامل القاهرة على عمر حسن البشير، وأول تداعيات ذلك هو المساهمة في عزله دوليا.