القاسم المشترك بين “الوراق ” ، ” ابونمو ” و ” حواء جنقو” الدارفورية !
التجانى ادريس خليفة
[email protected]
الوراق ، ابونمو وجنقو ، اسماء بعضها رمزية (غير حقيقية ) ، ورغم انها كالطلاسم ،الا انها تجمعها قضية دار فور السودانية وقضية السودان المركزية .
الحاج وراق اعلامى مشهور ومعارض عنيد لحكومة الانقاذ منذ يومها الاول ، وقبل ذلك فهو من نشطاء اليسار الديمقراطى – اذا صح التعبير – منذ ان كان طالبا بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم ، طليق اللسان قوى الحجة مثقف بدرجة غير عادية وشارب للفكر اليسارى والشيوعى لدرجة يغالط بها “لنن” و”ماركس” فى افكارهما (كان هذا ايام شبابه و شيوعيته ولا ادرى موقعه من ذلك الآن ) ، له قصة معروفة بجامعة الخرطوم فيما يختص بثقافته واطلاعه الكثيف ؛ فقد جاء الى السنة الاولى فى الجامعة ” عربيا ” بسيطا من اهل الجزيرة كحالنا تماما نحن “القوازة ” من اهل دار فور قلٌ ما يلفت نظر احد من اقرانه من بساطتهولكنه اختفى فى السنة الثانية منحرم الجامعة الا لحضور بعد المحاضرات المهمة ، ووضح اخيرا ان الرجل كان “معتكفا ” ويقضى معظم ساعات اليوم فى المكتبة المركزية لجامعة الخرطوم والمشهورة بال Main library ، وفى السنة الثالثة ظهر لنا فى الجامعة هذا ” الوراق ” الذى تعرفونه الآن ، لم يترك كتابا هناك الا وقرأه بكل الوانه وانواعه ، من اقصى اليسار والى اقصى اليمين ، هذا كان فى ايام الجامعة ، اما فى الحياة العامة ، فلا انسى له موقفا نبيلا و نادرا ينم عن نفس كبيرة ، وذلك عندما تنازع زعامة تنظيم ” حق ” مع المرحوم \ ” الخاتم عدلان ” ، وبينما هما فى قمة نزاعهما وصراعهما ، وفجأة توفى الخاتم عدلان– رحمة الله عليه – فما كان منه الا واستقال من التنظيم تاركا الزعامةو التنظيم معا، اى الجمل بما حمل كما يقال. قرأت لصديقى ابونمو مقالا رائعا خصصه للوراق فى بدايات ثورة دار فور عندما تولى الوراق قافلة من الخرطوم وزار بها مخيمات النازحين فى دار فور ووزع لهم الاحتياجات الحياتية فكان موقفا تضامنيا وانسانيا مع اهله المنكوبين فى دار فور ، ويذكر المتابعون ايضا ان سبب تركه للسودان وبضغوط من الامن كان لمقال كتبه عن الفظائع فى دار فور . اسس الحاج وراق جريدة ” حريات ” الالكترونية بعد ان عبر الحدود واقام خارج السودان ولكن ويا ويل اهل الانقاذ منه صار يمطرهم بفضائحهم ويكشف فسادهم الذى ازكم الانوف بصباح كل يوم جديد .
اما صديقى العزيز محمد بشير عبدالله ، فهو رجل اقل شهرة من الحاج وراق ولكنه كان اولنا واسبقنا فى تفاعله مع قضية اهله فى دار فور منذ بدايات القضية فى 2003 ، سمى نفسه تنكرا ب ” ابونمو وادى ” فى بدايات الثورة ومن خلال هذا الاسم صار يطلق المقالات النارية فى المواقع الالكترونية على حكومة الجبهة الاسلامية فى الخرطوم وكنت وما زلت حتى اليوم استلم مقالاته فى بريدى الخاص واطلع عليهقبل ان يتم نشره فى المواقع الالكترونية ، ومع ذلك فقد كان يزور السودان من السعودية فى اجازاته السنوية مخفيا ” سوءآته” – اى مقالاته – باسم “ابونمو وادى” والذى لا وجود له فى السجلات الرسمية . اتى الى السودان بعد توقيع اتفاق ابوجا وصار مديرا لمكتب مناوى بالقصر الجمهورى وظل يتحفنا بشكل متقطع ببعض المقالات فى الجرائد السودانية وخاصة فى صحيفتى ” الصحافة ” و ” اجراس الحرية ” ، ولكن باسمه الحقيقى هذه المرة . خرج مطاردا ومعارضا مرة اخرى من السودان بعد الخلاف بين حركته وحكومة المؤتمر الوطنى بنهايات عام 2010 ، ولكن الملفت بعد ذلك ، فانه صار يكتب المقالات باسمه المعروف مع اضافة اسم ابونمو فصار اسمه ” محمد بشير ابونمو ” .
اما اختنا المناضلة ” حواء جنقو” فهى نازحة من دار فور ، قد حكت قصتها كاملة امام السيدة \ كلنتون وزيرة الخارجية الامريكية وامام السيدة ميشيل زوجة الرئيس الامريكى اوباما وذلك اثناء احتفال الخارجية الامريكية لتكريمها ضمن أخريات من بلدان العالم المختلفة كاشجع امرأة سودانية قبل يومين فى واشنطن العاصمة ، فقد غطت اخبارها المواقع الالكترونية ، ومنها موقع “حريات” وموقع حركة تحرير السودان ، وهذه التغطية هى موضوع مقالنا الذى يجمع الاسماء الثلاثة (مكونات عنوان المقال) .
اما نقطة التلاقى للشخصيات المذكورة ومناسبة كتابة هذا المقال ، فهى ان كاتب هذا المقال هو زميل دراسة وابناء دفعة مع الزميلين العزيزين الحاج وراق ومحمد بشير علاوة على انه صديق لصيق للاخ محمد بشير عبدالله (ابونمو) للدرجة التى كان يسموننا فى الجامعة باسم الثانى المشهور (ميرغنى المأمون واحمد حسن جمعة ) نتيجة لعدم الفراق بيننا . وموضوع المقال هو ان صديقى العزيز ابونمو اتصل بى شاكيا لى صديقا مشتركا بيننا من اهل الوسط – وهودفعة ايضا بالجامعة – يتهم دائما منسوبى حركات دار فور واكثرهم ابونمو– لمعرفته وزمالته – ، بانهم متقوقعين ودار فورين اكثر منانهم سودانيين ، وقد وجد صديقنا ضالته فى التغطية الصحفية لموضوع المناضلة “حواء جنقو” فى موقعى ” حريات ” وموقع حركة تحرير السودان وقال صديقنا للاخ ابونمو ، انظر لعنوان الموضوع عند الاخ وراق “حريات ” ، وعنوانه : ( المرأة السودانية ترفع اسم نساء العالم عاليا : ” حريات ” تنشر صور وخطاب البطلة حواء عبدالله اشجع نساء العالم لحظة تكريمها ) ، فى حين ابرز موقع حركة تحرير السودان الخبر بعنوان : ( حواء “جنقو ” الدارفوريةاشجع نساء العالم فى مواجهة اعتى الدكتاتوريات ، فى صور معبرة من الاحتفال مع وزيرة الخارجية والسيدة الاولى الامريكية)
وكان منطق صديقنا هو ان الاخ وراق (كعادته حسب قوله ) اعطى الموضوع (حقه السودانى) باعتبار ان الانجاز كسب لامراة سودانية ، فى الوقت الذى قزم – حسب رأيه – موقع حركة تحرير السودان الموضوع فى اطاره الدارفورى وسلب الاخت حواء حقها كسودانية !
رغم وجاهة منطق صديقنا فى ظاهره ولكنه فى نفس الوقت يسلب من اهل دار فور كفاحهم المستحق من اجل قضية وكارثة ناضلوا وعانوا هم فى المقام الاول باعتبارهم الضحايا المباشرين ، والشعب السودانى فى المناطق الاخرى – صحيح انهم متعاطفين – ولكنهم لا حول لهم ولا قوة ولا اسعاف ، على اعتبار ان ما قامت به الاخت المناضلة حواء من نضال اكسبها احترام العالم لانها عاشت المأساة بنفسها وفى اهلها وكان بالامكان ان تقوم بهذا الدور اى امرأة اخرى اذا اصابت – لا قدر الله – ماساة دار فور اى منطقة اخرى مثل الشمالية او الجزيرة او القضارف ، لانه ببساطة لا يمكن ان تتطوع الاخت حواء عبدالله وتأتى الى القضارف مثلا ، للعب نفس الدور لتظهر فى النهاية بطلة لانها فقط سودانية ، اذن عظائم الامور هى التى تخلق عظائم البشر والبطولات لا تُخلق الا مع وجود المعارك المصيرية !
وازيد واقول وحتى زميلنا العزيز الحاج وراق كان سيكون مجهوده مضاعفا عشرات المرات –ولن يكتف بزيارة واحدة لمخيمات النازحين فى دار فور رغم تقديرنا الفائق له على تلك الزيارة – لو ان هذه الكارثة قد وقعت فى اهله المباشرين فى منطقة رفاعة ، وبالتالى – وارجو الا يتهمنى القراء بانى انحاز الى صديقى ابونمو – فانى لا ارى حرجا او تقزيما لقضية الاخت المناضلة حواء عبد الله (جنقو) من تغطية اخواننا فى موقع حركة تحرير السودان ، وعذرا للقراء فى اقحام نفسى وزملائى الكرام فى موضوع يتناول بعض الخصوصيات ولكنه يحمل من الطابع العام مما يجعله قضية سودانية فى معارك التشكيل القادم للسودان الجديد ان شاء الله
التيجانى ادريس خليفة
الجمعة 9 مارس 2012 م