السودان: أمطار بمعدلات غير مسبوقة تصيب حياة الخرطوم بشلل «شبه تام»
مقتل امرأة وإصابة آخرين وتوقف حركة السير وغياب عن العمل وتعطيل للمدارس
الخرطوم: «الشرق الأوسط»
أصيبت العاصمة السودانية أمس بشلل «شبه تام»، بعد ما تعرضت إلى هطول أمطار غزيرة استمرت، بشكل متصل، نحو 10 ساعات. وتسببت الأمطار في مقتل امرأة عندما جرفتها المياه الغزيرة إلى داخل بئر سايفون في منزلها بضاحية «حلفاية الملوك» شمال مدينة الخرطوم بحري، فيما أصيب 4 أشخاص انهارت بهم المنازل في مواقع متفرقة، بينها ضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة الخرطوم. وسجل المواطنون بلاغات بانهيار عدد من المنازل في الأحياء الطرفية في مدن العاصمة. كما انهارت بعض المدارس وغمرت المياه البعض الآخر، ودفع ذلك وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم «إلى إصدار قرار أذيع، على نطاق واسع، بتعطيل الدراسة في المدارس، لمدة يومين، اعتبارا من يوم أمس. وأدت مياه الأمطار إلى تعطيل واحدة من أكبر محطات إنتاج مياه الشرب في ضاحية سوبا جنوب الخرطوم، مما أدى إلى انقطاع مياه الشرب عن أحياء كثيرة جنوب الخرطوم، ونبه المسؤولون المواطنين إلى تدبير المياه إلى حين إصلاح العطل. ولم يتمكن أغلب العاملين في الدولة من الوصول إلى مكان عملهم بسبب غمر المياه للأحياء التي يسكنونها، بسبب سوء التصريف داخل الأحياء، كما توقفت تقريبا حركة المواصلات بين العاصمة والولايات، وبدت شوارع العاصمة شبه خالية من السيارات، فيما شوهد سكان في الأحياء بالعشرات وهم ينزحون المياه من داخل منازلهم إلى الشارع، وآخرون يحاولون جاهدين منع المياه من الدخول إلى منازلهم بعد أن غمرتها المياه ولم تجد طريقها إلى التصريف في نهر النيل. وتحدث السكان بسخط عن ما يسمونه فشل السلطات في ولاية الخرطوم في خلق المنافذ الجيدة لتصريف المياه، وطالب بعضهم بمحاسبة المسؤولين عن تخطيط وتعمير المدن، وتحدثوا عن ما يعتبرونه أخطاء كبيرة في تنفيذ بعض المشاريع، مما يؤدي إلى إغلاق الشوارع ومصارف المياه، وبالتالي تهديد منازلهم بالانهيار وشل حركتهم، مع هطول أي أمطار. وصحبت الأمطار زوابع رعدية، ورياح عاتية اجتاحت بعض المواقع، وحسب المسؤولين فإن معدل الأمطار التي شهدتها العاصمة الخرطوم أمس حطم الرقم القياسي لمعدلات الأمطار فيها منذ عام 1988، حيث تراوحت ما بين 57 ـ 60 ملم. وقال المسؤولون إنها امتدت في مساحات شاسعة خارج الولاية.
وشوهدت سيارات تتبع لقوات الدفاع المدني وهي تسحب المياه عن بعض الشوارع الرئيسية والميادين العامة، ومن المؤسسات الحكومية. وقال اللواء عبد الله عمر الحسن مدير الدفاع المدني في ولاية الخرطوم في تصريحات صحافية إن قواته جاهزة للتعامل مع تراكم المياه بالميادين والساحات العامة وتجفيف برك المياه بالأحياء السكنية. وأضاف أن الأمطار التي هطلت بالولاية غير مسبوقة في السنوات الماضية واستمرت لأكثر من 6 ساعات. وقال إنه لم تسجل رسميا أي خسائر في الأرواح فيما أصيب شخصان على الأقل نتيجة لانهيار منزلهما بمحافظة شرق النيل بالحاج يوسف، كما انهار منزل بحي بانت بأم درمان دون إصابات تذكر.
وأعلن أن قوات الدفاع المدني في الولاية دخلت في حالة استنفار، حيث تم استخدام أكثر من 50 طلمبة لسحب المياه من أمام بعض المرافق الحكومية والمدارس والطرقات وبعض الأحياء السكنية، كما تم تجهيز خيام وإيواءات للمتضررين وتقديم كل المعينات اللازمة، وقال إن الأجهزة المختصة وفقا للدراسات العلمية تتوقع تزايد هطول الأمطار خلال الأيام القليلة المقبلة وبمعدلات كبيرة مناشدا المواطنين العمل على فتح المصارف والمجاري داخل المنازل بالأحياء حتى يسهل انسياب المياه.
وفي نفس الوقت، رأس الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم اجتماعا لغرفة عمليات الولاية ووقف الاجتماع على استعدادات الدفاع المدني والآثار المترتبة على الخريف وتبادل المعلومات وتنسيق الجهود بين الأجهزة المختصة لمجابهة طوارئ المرحلة المقبلة. من جانبها، أعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم عن توقف الإمداد المائي عن محطة جديدة في ضاحية سوبا، جنوب الخرطوم، وذلك بسبب دخول مياه الأمطار إلى مجاري كوابل الكهرباء، الأمر الذي استدعى فصل التيار الكهربائي عن المحطة مما ترتب عليه توقف المحطة عن الإنتاج. وذكرت الهيئة أن العمل جارٍ لصيانة وتجفيف الغرف الأرضية ومجاري الكوابل من أجل عودة الإمداد المائي إلى وضعه الطبيعي خلال ساعات.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم إغلاق جميع مدارس الولاية لمدة يومين، بسبب الأمطار التي غمرت الولاية على أن تعاود الدراسة يوم الأحد المقبل. وقال المسؤولون في وزارة التربية الولائية إن قرار إغلاق المدارس تم اتخاذه احترازا من حدوث أي حوادث تضر بالتلاميذ وتم إغلاقها حفاظا عليهم لأن الأمطار كانت غزيرة وعمت جميع أرجاء الولاية. وأكد عدم وجود أي بلاغات بانهيار أي مدرسة بالولاية إلا أن المدارس محاطة بالمياه.