الحملة الانتخابية في السودان تدخل أسبوعها الثاني.. وحملتا البشير وعرمان هما الأضخم
«الوطني» و«الشعبية» استخدما رموز الفن والرياضة لجذب الناخبين.. ورسائل على الجوال تحمل مضامين انتخابية
الخرطوم: إسماعيل آدم
دخلت الحملة الدعائية الانتخابية في السودان أسبوعها الثاني. وحسب إعلاميين في الخرطوم تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، فإن الحملة الانتخابية للرئيس عمر البشير، مرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم، كانت الأبرز والأعلى صوتا، والأوسع انتشارا من بين مثيلاتها من الحملات الانتخابية للمرشحين في المستويات الانتخابية الأخرى، كما يلفت الانتباه في العاصمة الخرطوم الحملة التي تروج لبرنامج ياسر سعيد عرمان، مرشح الحركة الشعبية لمنافسة البشير في السباق الرئاسي.
وتظهر حملة الرئيس البشير بصور فخمة تنفق خلالها أموال ضخمة، حسب متابعين للحملة في الخرطوم، ويقول معدو الحملة إنها تعتمد على التبرعات التي جمعتها لجان انتخاب البشير في اجتماع شهير عقد في الخرطوم الشهر الماضي. ولم يشأ المسؤولون في حملة البشير الإشارة إلى تكاليف الحملة، غير أنهم يتحدثون عن المليارات من الجنيهات السودانية.
ويلاحظ ناشطون في حزب المؤتمر الوطني أن حملة الرئيس البشير تبدو واضحة في العاصمة الخرطوم، غير أنها «ضعيفة في الولايات»، حسب وصفهم. غير أن عضوا في هيئة شكلت من 32 حزبا مواليا للبشير باسم الهيئة القومية لانتخاب البشير، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة الآن في بدايتها، ويتوقع أن تتصاعد وتزداد وتيرتها في الأيام القادمة، أي إن المنافسة تبدو «حامية الوطيس»، في العاصمة بين «الشجرة» رمز حزب المؤتمر الوطني والبشير، وبين «نجمة ومثلث» رمز الحركة الشعبية وعرمان في الانتخابات.
ويترشح للرئاسة في الانتخابات، المقرر لها 11 أبريل (نيسان) المقبل، 13 مرشحا من بينهم البشير، ونحو 5 آلاف مرشح للمستويات البرلمانية، من برلمان قومي، إلى برلمانات الولايات، إلى برلمان جنوب السودان. وسيخوض السباق 66 حزبا، فضلا عن العشرات من الشخصيات المستقلة.
ويحظى الرئيس البشير بمجموعتين تنهضان بحملته، الأولى هي الهيئة القومية لانتخاب البشير، وتضم تحالف الأحزاب الموالية للبشير فضلا عن قطاعات مختلفة، من بينهم رجال مال وأعمال معروفون، ويرأس الهيئة وزير الإعلام السوداني رئيس حزب الأمة الموالي للحكومة، المنشق عن حزب الأمة، بزعامة الصادق المهدي، والمجموعة الثانية هي حملة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في الخرطوم، والولايات الأخرى.
ويتبادر أنصار كل من البشير مرشح الحزب الحاكم، وعرمان مرشح الحركة الشعبية للسباق الرئاسي، الانتقادات حول فحوى حملة المرشحين، حيث تتهم الحركة الشعبية حملة البشير بأنها تعتمد على موقعه كرئيس الجمهورية، وعلى توظيف إمكانات الدولة ومنابرها في تسيير الحملة، ويقولون إن حملة عرمان تعتمد على الاتصال المباشر. وكشف عضو في حملة عرمان أن حملة الأخير تعتمد بشكل أساسي على 10 رسائل موجهة إلى 10 قطاعات سودانية تنضوي تحتها، حسب الحركة الشعبية، أغلب فئات الشعب السوداني، من بينهم من تسميهم بـ«فقراء المدن»، والمفصولون من الخدمة تعسفيا، والشباب، والمرأة، وسكان الريف، والفنانون بشتى مسمياتهم. وذكر فائز السليك، الناشط في الاتجاه الموالي للحركة الشعبية، وهو أحد المقربين من حملة عرمان، أن عرمان أنجز حتى الآن نحو 10 رسائل من جملة رسائله الموجهة إلى القطاعات السودانية وسيواصل في الأيام القادمة إكمال باقي الرسائل.
وسبقت مفوضية الانتخابات الحملة الانتخابية بقرار حمل شروط الحملة، من اتباع الوسائل السلمية في الحملة، واحترام الأديان والعادات والتقاليد، والابتعاد عن إثارة النعرات القبلية أو الجهوية، وعدم التعرض للقضايا الشخصية والخاصة. وخصصت المفوضية، في السياق، مساحات زمنية للمرشحين لتقديم برامجهم الانتخابية، بحيث لا تزيد على 20 دقيقة لكل مرشح في المستويات المختلفة في الإذاعة القومية، إذاعة أم درمان، والإذاعات الولائية، والقناة «الفضائية» السودانية. وأبلغ مسؤول في المفوضية، «الشرق الأوسط» أن المرحلة الأولى من الحملة الانتخابية عبر وسائل الإعلامية الرئيسية الملكة للدولة انتهت، ووصفها بأنها بـ«سلام».
ولكن المعارضة تتهم مفوضية الانتخابات بالانحياز إلى حزب المؤتمر الوطني في إتاحة الفرص للمرشحين في وسائل الإعلام الرسمية، وبلغ الاتهام حد مقاطعة مرشح الحركة الشعبية عرمان جهازي الإذاعة القومية والقناة «الفضائية» السودانية، ولحق به الصادق المهدي رئيس حزب الأمة، حيث أعلن مقاطعته للإذاعة السوداني للأسباب ذاتها.
وقال عضو في هيئة حملة البشير لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة في الصحف تركز على نشر لقاءات وكلمات البشير، التي قال إنها تقال في اللقاءات النوعية التي حددت في خطة الحملة، تنشر بالنص في شكل إعلانات تحريرية مدفوعة القيمة، وتقوم بتوزيع ملصقات بحجم البوستر في مختلف المواقع العامة، وعلى أصحاب السيارات، كما قامت الحملة بشراء مواقع إعلانات مضيئة عل المواقع الاستراتيجية، وعلقت عليها صور البشير، مرفقة بشعارات حملته. وحرص العضو عل التفريق بين حملة البشير التي تقوم بها هيئته، وبين الحملة الأخرى الخاصة بحزب المؤتمر الوطني، وقال: «نحن نكتفي فقط بالرمز الشجرة مع الشعار، فيما تحرص لجنة حزب المؤتمر الوطني على وضع اسمه على الإعلانات».
ومن مظاهر حملة البشير في شوارع الخرطوم نصب لوحات إعلانية إلكترونية مضيئة ومتحركة، تحمل صور الرئيس وشعاره، وعبارات مقتطفة من برنامجه الانتخابي، ويشاهد يوميا في شوارع الخرطوم سيارات فارهة، عليها شاشات لإعلانات مضيئة متحركة تحمل المضامين ذاته. واستعان منظمو حملة البشير بصور لمناسبات حضرها البشير خلال زياراته الميدانية في العاصمة والولايات، ومن بين الصور اللافتة، وهو يرتدي زي قبيلة الشلك الجنوبية، وأخرى وهو يرتدي زي أهل شرق السودان: جلابية وصديري.
ويلاحظ أن حملة عرمان دخلت هذا السباق الإعلاني الشوارع في وقت متأخر قياسا بحملة البشير، وظهرت نهاية الأسبوع إعلانات مضيئة في بعض شوارع الخرطوم، تحمل صور عرمان وشعاره الشهير، وبدا أن أبرز صور المضيئة يظهر فيها وهو محاط بكم كبير من السودانيين بأشكالهم المختلفة. وتستعين الحملات الانتخابية بالرياضيين حيث نظمت لقاءات نوعية بين المرشحين والرياضيين في مختلف مدن السودان، كما تستعين الحملة بالمطربين لضخ الحماس في اللقاءات الانتخابية، ويبدو ذلك ظاهرا في حملتي البشير وعرمان، حيث استعانت حملة البشير بمطربين شهيرين ذائعي الصيت في الغناء، فيما توارى المطربون الذين كان حزب البشير يستعين بهم في السنوات الأولى من الحكم إبان الحرب والترويح للمشروع الإسلامي لحكم البشير المعروف بالمشروع الحضاري، مثل: قيقم، وشنان، ومحمد بخيت، وإسماعيل حسب الدائم، وأبرز ما استعانت به الحركة الشعبية في الحملة المطرب الكبير محمد وردي، الذي ألهب الحملة الانتخابية لرئيس الحركة الشعبية سلفا كير من مدينة جوبا، التي دشن فيها، الأسبوع قبل الماضي، حملته مرشحا للحركة لمنصب رئيس حكومة الجنوب.
وكان مقرب من البشير وداعما له في ترشيحه، وهو خاله الطيب مصطفى، انتقد بشدة مسار حملة البشير في الولايات، وقال إنها ضعيفة، وطالب المسؤولون في الحزب بتدارك الأمر، ولم يصدر أي تعليق من المسؤولين في حملة البشير.
ويرى خبير الاتصال وأستاذ الاتصال في جامعة الخرطوم، الدكتور فتح الرحمن محجوب، أن وسائل الإعلام السودانية تبدو حتى الآن أقل من سعة الحملة الدعائية للانتخابات السودانية، والسبب في تقديره ضعف إمكانات وسائل الإعلام السودانية، ويعتقد فتح الرحمن في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن ما سماه الإعلام الموازي، مثل خطوط التلفونات الثابتة والجوالة صار يلعب الدور الأكبر في الحملة، وبخاصة أن آخر التقارير الرسمية تقول إن السودان به 10 ملايين خط تلفون ثابت وجوال، وقال: «نرى الرسائل التي تبث عبر هذا الإعلام الموازي أكثر تداولا مما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام التقليدية مثل الإذاعة والتلفزيون». ووصف التشكيلي والقيادي في اتحاد التشكيليين السودانيين إسماعيل عبد الحفيظ الحملة الانتخابية بأنها لم تستوعب بعد طاقة الفن السوداني.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن التوظيف حتى الآن ضعيف، يعاني ضيقا في انتقاء الصور، أو خلق الصور المعبرة.