التطويق والضرب والتفتيت أساليب الأمن لتفريق المحتجين
القاهرة – «الحياة»
كان الهم الأكبر للأمن في «جمعة الغضب» في مصر أمس منع تجمع التظاهرات التي انطلقت في مناطق متفرقة من القاهرة وعواصم المحافظات.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف استخدم الأمن أساليب متنوعة «بحسب الظروف»، فلم تتمركز قواته أمام غالبية المساجد التي دعا الناشطون إلى انطلاق التظاهرات منها عقب صلاة الجمعة، وإن طوّق أكبرها، خصوصاً مسجد الاستقامة في الجيزة الذي أدى المدير العام السابق الدكتور محمد البرادعي الصلاة فيه.
وتركت قوات الأمن غالبية المساجد الصغيرة من دون قوات حاشدة أمامها لكنها تمركزت عند «نقاط مفصلية» بين هذه المساجد لمنع تجمع المتظاهرين الخارجين منها. وعمدت قوات الأمن إلى تطويق التظاهرة الكبرى التي انطلقت من مسجد الاستقامة ومنعت المصلين بالقوة من الخروج من المسجد، ولم تفرق في هذا بين ناشط وسياسي وصحافي ومتظاهر عادي.
وبدا أن التعليمات الأمنية شددت على ضرورة منع البرادعي من الخروج إلى الشارع، إذ لجأت قوات الأمن إلى ضربه ومرافقيه (رئيس «حزب الجبهة الديموقراطية» أسامة الغزالي حرب والصحافي إبراهيم عيسى) بالهراوات منذ أول لحظة سعوا فيها إلى الخروج بالتظاهرة إلى ميدان الجيزة وأحكمت الطوق حولهم وفتحت خراطيم المياه على المتظاهرين المحاصرين قبل أن تترك مخرجاً للراغبين في الانفضاض عن التظاهرة.
وظلت محاولات الناشطين للخروج إلى الشارع تتكرر لتقابلها هراوات قوات الأمن ومدافع المياه. أما التظاهرات الصغيرة التي خرجت من مساجد جانبية فتعاملت قوات الأمن معها بأسلوب عنيف في محاولة لتفريق المتظاهرين قبل التجمع مع آخرين، وكان «الفر والكر» سيدا الموقف.
لكن آلاف المتظاهرين استطاعوا التجمع في شارع قصر العيني الرئيس في وسط القاهرة بعد أن تحركوا من مساجد ضاحية المنيل وبعض مساجد شارع قصر العيني. وإزاء حجم التجمع، شوهد ضباط كبار يأمرون جنودهم بعدم اللجوء إلى أي نوع من أنواع العنف وانتظار التعليمات. وطوقت قوات الأمن التظاهرة لمنع زيادة الحشد قبل أن تعمد إلى إلقاء القنابل المسيلة للدموع لتسود الفوضى ويتشتت المتظاهرون في الشوارع الجانبية.
ولجأت قوات الأمن إلى زرع مخبرين بملابس مدنية وسط التجمعات للتعرف إلى استراتيجيات المتظاهرين ووجهتهم ومرافقتهم. واعتمدت أساساً على قنابل الغاز المسيل للدموع الذي انتشرت أعمدته في سماء القاهرة بكثافة من أجل التضييق على المتظاهرين وتفتيتهم في ظل ما يسببه هذا الغاز من اختناقات، ما خلق بؤراً متفرقة من المتظاهرين أحاطها مئات الجنود لمنع تكرار تجمعهم وضرب الصفوف الأولى من المتظاهرين بالهراوات واعتقال العشرات منهم. ولجأت قوات الأمن إلى منع المواطنين من الوجود قرب التظاهرات أو في محيطها لمشاهدتها كي لا ينضموا إليها.