دعونا نقف قليلاً مع متناقضات الغرب وامريكا بوجه الخصوص، تُهنا بين دفاعاتهم عن الحرية ونشر الديمقراطية، وحقوق الإنسان، و تحقيق مصالحهم حتي علي رقاب البشر المستضعفين، وهناك شواهد كثيرة علي ازدواجية المعايير الغربية في القضايا الافريقية والعالم الثالث ومنها قضية السودان.
السودان من اعظم واكبر دول القارة الافريقية، واغنى دولة في العالم حيث التنوع الجغرافي والبيئي والثقافي والإثني والديني، وهنا تكمن مصادر القوة، ويخشى هذا التنوع الاصدقاء قبل الاعداء،فكان الاستهداف من اجل تقسيم السودان وتفتيته الي كنتونات تحدها القبيلة والدين والجهة.
تبنى النظام العالمي الجديد الجيل الرابع من الحروب، وهي امضى سلاح للتقسيم و تغذيه روح القبيلة والدين والطائفة، وتبدأ عمليات المخابرات في التسليح والإمداد بالاموال وتقديم الخطط والإستراتيجيات، وهذه الحروب تأتي نتائجها بلا خسائر لأنها تقوم علي مبدأ إضعاف الجميع في حروب عبثية حيث لا يوجد خاسر اورابح مهما كانت قوته، فالخاسر هو الوطن الكبير وهو المستهدف في كيانه.
الغرب درس جيدأ ان من ينفذ خططه الجهنمية يجب ان تتوفر فيه شروط اساسية، وهي عدم الإيمان بالوطن وسيادته وعدم الثقة في التنوع وتعدد الثقافات والاديان، ولم يجد سوي جماعة العهر والفساد والمحسوبية والعنصرية، وهي جماعة الاخوان المسلمين (الكيزان)، وتم دعمهم وتمكينهم، واحياناً تجاهل الكثيرين جرائمهم وفظائعهم التي نفذوها في رابعة النهار، من إبادة جماعية وحرق للقري وقتل للاطفال وإغتصاب للنساء، وتعذيب وقتل الطلاب داخل حرم جامعاتهم بدم بارد والتنكيل بالمتظاهرين السلميين.
طالعت طلب الجنائية الدولية وعزمها علي تنفيذ امر القبض علي المجرم البشير، إنتابتني نوبة من الغضب، لأني اعلم تماماً ان من يقف وراء هذه المحكمة ويدعمها لا يريد ان يتم القبض علي البشير وجماعته، فلو كان الامر كما يدعون فالجرائم التي ارتكبها نظام البشير لا تحتاج لقرارات دولية وشواهدنا علي ذلك كثيرة، عندما يريد الغرب وعلي رأسه امريكا التدخل لا يحتاجون لأي قرار كما فعلوا ذلك في العراق وحينها لم ترتكب في العراق اي جريمة إنسانية تستحق التدخل كما حدث ويحدث في السودان الي هذه اللحظة من قتل وتشريد للمدنيين، ومن المؤسف ان عدد من قتلوا في إقليم واحد في السودان يقارب نصف مليون قتيل واصبح الشعب السوداني بين نازح ولاجئ.
قابلت هيئة المحلفين الامريكية في العام الماضي حتي اتمكن من دخول الاراضي الامريكية، وكان الرد بالرفض مسبباً بالنص : انت لا يمكنك من دخول الاراضي الامريكية لأنك تآمرت علي الإطاحة بنظام حكم في بلد تحترف امريكا بسيادته وتربطها به علاقة دبلماسية، فذلك يعد جريمة مخلة بالشرف…؟؟؟
يعلمون تماماً ان حكومة المجرم البشير افسد حكومة علي وجه الارض، وتدير البلاد بالبلطجة والنهب والفساد والتزوير، والقتل منهجها والتشريد والفساد دينها، وبعد كل ذلك من يصنفه نظام الإبادة الجماعية انه متآمر تعتبره سيدة العالم وام القانون والعدالة انه عمل مخل بالشرف، اي شرف تدافع عنه امريكا لو فرضنا جدلاً اننا تآمرنا علي هذا النظام الفاسد والمتعفن..؟ شرف الإنقاذ التي خانت القانون واستباحت حرمات الشعب السوداني وإستولت علي سلطته المنتخبة ديمقراطياً بليل..؟؟ ام انه شرف البشير الذي تلطخت يداه بدماء الابرياء..؟؟ وتناست امريكا شرف من أغتصبهن جلادو البشير واعوانه ومليشياته، وارواح ضحايا اكبر جريمة في العصر الحديث ارتكبها النظام في دارفور، ويرتكبها في جبال النوبة والنيل الازرق، ويرتكب جرائمه في تفاصيل حياة كل الشعب السوداني الذي انهكه الفقر والمرض والجوع بالفساد الممنهج.
تحترمون القانون ونحترمه لدرجة القداسة فنرجوا ان تحترموا عقولنا وضحايا الإبادة الجماعية واسرهم وضحايا التعذيب والإغتصاب.
من يعوِل علي الغرب كالذي يحرث في البحر، فعلينا ان نثق في قدراتنا وشبابنا في بناء الوطن ونثق ان الشعب السوداني يمكنه ان يزحف بالملايين نحو قصر الجلاد المجرم عمر البشير وسدنته ومحاكمتهم بالقوانين التي صنعوها بايديهم للتنكيل بالشعب السوداني وإهانته.
الغرب لا يحترم إلا القوي الذي يفرض إرادته وسيادته، فأسباب القوى يسهل إمتلاكها لاننا امة عظيمة بتنوعها وعزيمتها وصدقها، فغدأ لناظره قريب وسينهض شباب هذه الامة وسيقود امته نحو البناء والتحرر من الخنوع والركوع وإنتظار الفرج القادم من الغرب..!!
خليل محمد سليمان
[email protected]