الاعتراف باخطاء الماضي مرحلة يتهرب منها المركز
حسن اسحق
السودان كدولة وشعبه كبشر تذوقوا مرارة الحرب منذ عقود ولم تسلم الاجيال في الماضي وحاضره من انعكاساتها عليهم المعيشية في جانبها الاقتصادي والاستقرار في الجانب السياسي ،والتشوهات في الجانب الاجتماعي من سلبياتها الانتقام بكل الطرق، المتضرر الاكبر من الازمات السودانية المذكورة انسان الهامش السوداني وشعوبه ،وهذا ماقاد الي استقلا ل دولة الجنوب وتأسيس حلمها
الذي يراودها منذ خروج الانجليز والفراعنة من السودان ،لكن علي الجميع ان يكونوا علي المام بالاسباب والخلفيات التي مهدت الطريق واسعا لشعوب الدولة الجديدة ان يظفروا بهذا الانتصار التاريخي ،ولماذا تركوا الوحدة التي كانت الهدف الذي سعوا وجاهدوا في تحقيقه وفضلوا الاستقلال او الانفصال كما يراه المركز حسب نظرته الانكفائية الضيقة ،علي الوحده الصورة الاكثر جمالا واشراقا ،لكن الصورة عندما يظهر منها الجانب الغشاش والكاذب ،والمرآة عندما تقف امامها ،ولا تري وجهك الحقيقي الذي تؤمن به ،اما ان تتركها وتذهب ،او ترفع حجرا وتلقيه عليها وبعد تتكسر وتتحول الي اجزاء متناثرة ومبعثرة وتجرج كل من يطأ قدميه عليها. الجنوب حمل السلاح عندما تأكد ان السلطة في المركز الاسلامو عروبي تتحدث عن سودان موحد في اطار سيطرتها واستبدادها ، وليست الوحدة علي صورة المرآة التي تعكس الوجه الحقيقي للناظر اليها ،والمرآة الصادقة مع واقعنا السوداني .وهذا المركز يتعمد في احيان كثيرة ابعاد نفسه عن ازمات الوطن ويدخل الا ستعمار فيه ،دون ان يذكر انه ساهم فيها ،وما هو اهم ،ان بريطانيا والفراعنة في منتصف الخمسينات من القرن العشرين تركتا السودان في حال سبيله،وكل هذه المدة الزمنية ،اذا اعتقدنا ان الا ستعمار كانت له جزئية من الاشكاليات الموجودة ،واين دور الوطنيين الذين حكموا ،كان عليهم ان يسعوا في الحلول،لكن العقل المهيمن بعد خروجهم ،انتبه ان وجود الازمة يساعد في استمرارهم في السلطة واقصاء البقية عبر افتعال الحروب ،كان بالامكان حلها في الاسراع بمشاركة المطالبين من ابناء الجنوب في السلطة والتنمية ومسح التشوهات الاجتماعيةعن الجنوب عبر المناهج التعليمية ،وليس المنهج الخادم لغرض طائفة محددة عرقيا ودينيا واقليميا ،رغم ادخال افراد من الهامش في المشاركة المزيفة ،الا ان الزج بهم كان بهدف اسكات من يفتح ملفات المطالبة بتوضيح الجانب
الخفي. عاشت دولة جنوب السودان الحالية توهان وفترات عصية في السابق،وناضلت لكرامتها وانسانها وفي سبيل هذه القضية ضحت،والبذرة الاولي لانسان الهامش السوداني ،اولي لحظاته البداية مع الراحل جون قرنق عندما اسس الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان في ثمانينيات القرن العشرين وانضم اليه ابناء جبال النوبة والنيل الازرق من اجل مشروع السودان الجديد ،مشروع طموح قد يكفل احلام الجميع،اذا نفذ ووجد
ارض خصبة للنمو ،وسماده في ذلك الا مل والصبر.ان تحقيق هذا الانجاز ،كلف انسان الهامش الكثير ،وبافتعال مبررات وحجج وهمية من السلطة وخداع الاخرين ،لخلق محور يقمع المشروع ،والبحث عن تبريرات ان من يقودون المشروع ،ادوات وخادمي اجندة ،وهذا ما ساعد في الحشد والتبعئة من اجل الدعم المادي العسكري من دول عربية ،رغم العقبات والعوائق تواصلت رحلة التغيير،ولكن من له قضية سينتظر ان يراها تبرز امامه او للاجيال القادمة ليس من السهل ان تأفل طموحاته وتنتهي اماله ،صبره طويل،وايضا لحق بالثورة السودانية ومشروعها السودان الجديد ،ابناء الهامش الذين كان ينظر اليهم في السابق مجرد لواحق وتوابع للمركز في فترات الحرب الدائرة في الجنوب وجبال النوبة والفونج ،الا وهي دارفور ،علي الرغم من ان الفكرة بدأت منذ التحاق داؤد يحيي بولاد للحركة الشعبية، احد كوادر الحركة الاسلامية في الخرطوم ،عندما قال عبارته المشهورة ،لما سأله القائد جون قرنق ،لماذا قررت الانضمام تحت لواء الحركة ومشروع السودان الجديد،وباعتبارك من اميز كوادر الاسلاميين في فترة الزعيم الاسلامي حسن الترابي ،واجاب الراحل داؤد ،ان الدم اصبح اقوي من الدين داخل الحركة الاسلامية ،وفكرة الاعتذار لشعوب الهامش من قبل المركز بعيدة ومستبعدة ،وقد تلعب دورا جديرا ،اذا وجدت الشجاعة من ابناء المركز ،وتسهم في رسم صورة جديدة ،رغم ان آلام الماضي ،لا تتجاوز بسهولة او يتم نسيانها ،لكن قد تكون خطوة لمستقبل يحملنا جميعا في الهامش والمركز بتناقضاته،ان الموت والقتل والتشريد صار صورة راسخة في الذاكرة ،والاعتراف بها ،لا يزيلها ،لكن قد يجعل الضحايا يشعرون ان المركز كان علي الطريق الخاطئ
حسن اسحق
صحفي
[email protected]