احتكار (الله)..!.
خالد ابواحمد [email protected]
تتصاعد في ماليزيا هذه الأيام موجة العنف و التعصب الديني بين المسلمين والمسيحيين هناك بسبب قرار المحكمة الماليزية العليا بالسماح للمواطنين غير المسلمين باستعمال لفظ الجلالة كلمة (الله) إشارة إلى الرب، توجت بمحاولة حرق عدد من الكنائس الكاثوليكية في كوالالمبور، في موجة من القلق العميق لدى القادة الدينيين والسياسيين وزعماء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، من كل الأديان والمعتقدات، الذين سارعوا بالاحتشاد للإعراب عن اشمئزازهم وإدانتهم لمحاولات حرق الكنائس.
فقد أثار قرار المحكمة العليا هذا في 31 ديسمبر الماضي ثائرة المسلمين في ماليزيا الذين تمسكوا بحظر استعمال لفظ الجلالة (الله) على غير المسلمين باعتبارها حكراً على المسلمين وحدهم، هذه الحادثة تشير بوضوح شديد لا لبث فيه إلى الجهل الكبير لدى المسلمين في هذا البلد الطيب (ماليزيا) في فهمهم للفظ الجلالة (الله) سبحانه وتعالى، وفي مصر العربية مكان قيادة الأزهر الشريف هناك من يقتل المسيحيين دفاعاً عن (الدين) بمناسبة وغير مناسبة ويريق الدماء اعتقاداً منهم أن هذا الفعل الشنيع الذي لا يرضاه الله ورسوله تقرباً لله وجهاداً في سبيله.
ومهما يبحث المرء عن تعبير لحالة المسلمين اليوم لا يجد سوى أننا وصلنا مرحلة من التيه والبعد عن الخالق عز وجل مرحلة تجعلنا مكان عقاب رباني يتحقق فيها قول لله تعالى في كتابه العزيز “وإن تتولوا يستبدل قوماًغيركم ثم لا يكونوا أمثالكم”.
وقد غاب عنا الدعاة الحقيقيون الذين تركوا الساحة لمن تسموا بـ (العلماء) وهم أبعد عن الناس عن المعرفة بدين الله الحنيف دين المعرفة الحقة والعلم والبيان كما هو دين الرحمة الذي كان رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم رحمة لكل العالمين وكان يشدد على التعامل الحسن مع أهل الكتاب، بل عندما توفاه الله (ص) كان درعه مرهون ليهودي..!!.
أين نحن من عالم اليوم الذي يُحرم (علماءه) تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، فلم يكن مستغرباً أن تُحرق كنائسهم لأنهم استخدموا لفظة الجلالة حسب فهمهم المتخلف يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى حق لهم وحدهم ليس لأحد غيرهم حق الانتساب إليه، تعالى الله سبحانه وتعالى عن كل النقائص، بينما نتحدث عن حقنا في حرية العبادة في الدول الغربية والأوربية نمعن في مصادرة حقوق أصحاب الديانات الآخرى في بلادنا..أي شطط هذا ..وأي تفكير يقودنا إلى ما لا نحمد عقباه..!.
إن الحرية كقيمة جزء لا يتجزأ من الدين ولا يستقيم الدين من دون الحرية مهما إدعى الآخرون، والدين الاسلامي عندما يتحدث عن العبودية لله انما تعني التحرر من القيود الدنيوية فيصبح الانسان يتحرك بحرية العبودية، وعندما نتحدث عن التعددية يعني ارتباطنا بالمجتمع المتغير ونحن نعيش في عالم يموج بالتطورات في المفاهيم الدنيوية في كافة مجالات الحياة فلماذا نتخلف في معرفة عقيدتنا السمحة التي تمنع أصحاب الديانات الآخرى كامل الحرية في ممارسة شعائرهم بكل مشاعر الإطمئنان والراحة النفسية.
صراحة عندما حدثت مشكلة استخدام لفظ الجلالة (الله) بين المسلمين والمسيحيين توقعت أن يسافر الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إلى ماليزيا للإلتقاء بالمسلمين هناك من أجل توعيتهم أليس هو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في العالم..؟.. ومن واجب العمل على تمليك المسلمين في ماليزيا المعلومة بأن لفظة الجلالة (الله) حق لكل مخلوق في هذا الكون الفسيح، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا جميعاً.. إذا فإستخدام اسمه جلا وعلا ملك مشاع للجميع وليس ملكاً لفئة دون الآخرى.
خالد عبدالله- ابواحمد
صحفي وكاتب سيناريو