بسم الله الرحمن الرحيم
أين تتجه سفينة سلام دارفور ؟
علي أبو زيد علي
[email protected]
الجهد الذي يبذل من المجتمع الدولي لحل مشكلة دارفور واستقرار السودان ممثلاً في المنظمات الإقليمية – الاتحاد الأفريقي – جامعة الدول العربية – المؤتمر الإسلامي – الأمم المتحدة والتي اجتمعت في مبادرة الدوحة لحل الأزمة السودانية وتوجهت المبادرة نحو الإمساك باتجاهين على أمل الوصول لتسوية المشكلة .
الاتجاه الأول هو التوصل إلى أرضية مشتركة تترجم شعار الحل السلمي عبر المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة إلى واقع عملي بوحدة رؤية الحركات المسلحة للحل والتنازلات المتبادلة بين الحكومة والحركات .
والاتجاه الثاني هو معالجة إفرازات الحرب الإنسانية والسياسية التي تحول دون تحقيق السلام بين الأطراف المتحاربة ويتمثل في المواجهة بين الحكومة السودانية وبعض المؤسسات الأممية مثل محكمة الجنايات الدولية والمنظمات الأجنبية الغربية والصراع بين السودان والدولة التشادية .
صاحب هذا الحراك الدولي والإقليمي لحل المشكلة تصعيد عسكري وسياسي من جانب الحركات الدارفورية المسلحة، ففي جانب الاتجاه الأول المتعلق بتوحيد رؤى الحركات المسلحة قامت حركة العدل والمساواة أكبر وأقوى الفصائل بإرسال ثلاث رسائل ذات مضمون آحادي وأنها القوة الوحيدة في الميدان وتمهد بأنها القوة الوحيدة في طاولة المفاوضات وجانب دارفور وأعلنت ذلك صراحة في رفضها لحضور مؤتمر الحركات الرافضة لأبوجا بمدينة طرابلس بأنها لا تعترف سوى بحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور وأن الحركات المنشقة عنها وعن الحركة بقيادة نور والمنشقة عن حركة مني اركو ليست لها شرعية الاعتراف والتفاوض وانتهجت حركة العدل والمساواة سياسات ميدانية واستعراضية لإثبات أنها القوة الوحيدة في دارفور والمفاوض الوحيد بالدوحة ابتداء من تدخلها الحاسم في مساندة الرئيس دبي في أبريل من العام الماضي عندما حاصرت الحركات التشادية القصر الرئاسي في أنجمينا ثم قيامها بالهجوم الجرئ على مدينة أم درمان في مايو من العام الماضي ثم الهجوم على قوات حركة مني وبعض الحركات داخل السودان وعقب اتفاق حسن النوايا بالدوحة ارتفعت وتيرة إضعاف الحركات الأخرى فقامت حركة العدل باستقطابات واسعة لعدد من القيادات التاريخية في الحركات المنشقة الرافضة لأبوجا وامتد استقطابها لقيادات حركة مني أركو الموقعة على إتفاقية أبوجا.
لم ترضخ الحركات الأخرى للسياسات بعد أن أدركت أهداف العدل والمساواة الرامية للسيطرة على الميدان ثم الانفراد بطاولة مفاوضات الدوحة وفق رؤيتها وتفسيرها لمشروعات توحيد رؤية الحركات المتفاوضة .
قامت الحركات المستهدفة بحملة سياسية في مواجهة تقزيمها واتهمت قياداتها صراحة حركة العدل والمساواة بأنها اغتالت القضية وهي تعمل وتحارب إنابة عن دولة أخرى وتقوم بتنفيذ أجنداتها بارتباطها الاستراتيجي مع النظام التشادي وبعض دول الجوار وهي تعمل من خلال منظومة الحركة الإسلامية العالمية أيضاً قامت الفصائل المنشقة بإعادة هيكلتها وتنمية قدراتها السياسية والعسكرية من خلال الاتفاق والاندماج فتمت عملية وحدة الفصائل في مدينة جوبا بجنوب السودان، أيضاً قامت هذه الفصائل بإجراءات توحيد رؤية الحل والتفاوض في مدينة طرابلس ومن ثم توجهت إلى الدوحة لحجز مقعد لها في المفاوضات المقبلة .
إن الحصيلة النهائية لتوجهات حركة العدل والمساواة نحو الحركات الأخرى والمقاومة التي تبنتها هذه الحركات هي إطالة عمر الأزمة في دارفور وتعقيد عملية السلام والتفاوض، والعبرة يمكن أخذها من اتفاق أبوجا عام 2006م مع أكبر وأقوى الفصائل يومئذ وما ترتب على ذلك الاتفاق من تصاعد العمليات العسكرية النوعية وفي الحد الأدنى ظهور مجموعات مسلحة متفلتة وعصابات تزيد من معاناة سكان دارفور .
إن سلام دارفور لا يتحقق في غياب أهل دارفور وأن الحركات المسلحة في ==لا تعبر عن الرؤية الكلية للمواطنين، أيضاً أن جهود المجتمع الدولي ومنظوماتها عبر المؤسسات الدولية والأممية لن تحقق السلام المستدام في المنطقة.
ويقيننا أن السلام الحقيقي يتحقق بإرادة أهل السودان ممثلة في عناصرها الثلاثة وهي الحكومة الوطنية والحركات المسلحة ومجتمع دارفور وأن أهم عنصر هو العنصر الأخير الذي يتحدث العنصرين باسمه ويعلنان أنهما يعملان من أجله وقد ظللنا وعدد من الحادبين من أهل السودان وأبناء دارفور ننادي بضرورة أن تلعب الأغلبية الصامتة دوراً أكبر في حل المشكلة ومن أجل ذلك تم تكوين آليات ومؤسسات المجتمع المدني من منابر وإدارات أهلية وشعبية ومنظمات طوعية وتنظيمات حقوقية ودفاعية ولعبت هذه الفعاليات دوراً معتبراً في الوصول إلى نقاط اتفاق بين الحكومة والحركات المسلحة في أبوجا عام 2006م، كما لعبت دوراً معتبراً في تحقيق التعايش والسلام الاجتماعي بين المجموعات السكانية في ولايات دارفور وفي المشاركة القومية لحل المشكلة عبر مؤتمر أهل السودان ومع الأسف فإن تطورات الأحداث ولعدد من العوامل تراجع الدور المحوري لفعاليات دارفور بالداخل بضغوط الأطراف المتحاربة وتجاهلها لهذا الدور الأساسي ويظهر هذا التراجع في تجاهل وسطاء الدوحة ومبعوثيها لمنظمات المجتمع المدني من أهل دارفور وعدم اهتمامهم بمحور الحوار الدارفوري الدارفوري واستصحاب رأي أبناء دارفور بالداخل في مواجهة أزمات الحركات المسلحة وتعثر الوصول لاتفاق مستدام من أجل السلام والاستقرار في دارفور، فمتى تتحرك قوى الداخل المدنية لوضع حد لمعاناتهم ومعاناة النازحين واللاجئين والمتأثرين.
ولله الحمد