مرتضى الغالي
مثل هذه التصريحات التي صدرت من أحد المساعدين الجُدد لرئيس الجمهورية تكشف أن القوم على حالهم ولا يزالون في كهفهم الذي تزاور عنه الشمس ذات اليمن وذات الشمال وهم في فجوة منه.. أو أنهم في غيبوبة أو في غيابة الجب وظلمة (بئر كنعان) التي ألقى فيها أبناء يعقوب أخاهم يوسف فلم يخرج منها لا بعد أن التقطه بعض السيّارة بعد أن أرسلوا واردهم وأدلى دلوه.. وهو ما جعل شاعرنا الظريف ود الرضي يقول محاكياً قصة سيدنا يوسف، ولكن في (أغراضه العاطفية) فقال لمحبوبته (شوفتك غالية لو كان يحظى بيها جناني/ زي ريحة قميص الخشَّ بير كنعانِ)..!
هذا المساعد الجديد يردد كلاماً عن الحوار والممانعة سمعه من جماعة المؤتمر الوطني.. وهم اقرب إليه من حزبه.. ومن حبل الوريد.. فهل سمعه احد من الناس في آخر مائة تصريح يتحدث عن حزبه؟ وأين حزبه؟ وما حاجته لحزب بعد أن أدركته رحمة المؤتمر الوطني؟ فهو يقول أن الحكومة شرعت في اتصالات مكثفة مع الممانعين من المعارضة والحركات المسلحة.. وقال إن الباب مفتوح للممانعين لإضافة أفكارهم لمعالجة القضايا الوطنية..!
المهم أن هذا الرجل الذي خرج من منصبه في التشكيلة السابقة وكان فيها وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي عندما تراجعت (الزلابية) عن أهميتها.. ولكن لم تسعه تشكيلة الكفاءات..! فعيّنوه مساعداً مع ستة من إخوانه (هو سابعهم).. ولا أحد يدري بماذا يجيب إذا قيل له: هل حقيقة هناك حوار يجري مع الأحزاب أو الشباب أو غيرهم؟ ومتى جرت هذه الاتصالات المكثفة مع الممانعين (كما يسميهم) وأين ومع مَنْ مِن هؤلاء الممانعين الملاعين؟!؟ ثم يتقمّص دور الناصح الحكيم فيقول إن هذه المرحلة الآن للتحالفات الوطنية العريضة وليست للتنافر والخلافات بعد أن خرجت توصيات الحوار الوطني بسقوفات كبيرة نتج عنها توافق وطني عريض..! وهنا نعود مرة أخرى إلى غيابات الجب وأهل الكهف والرقيم.. وقد فهمنا معنى حديثه حول (التحالفات العريضة) والتوافق الوطني وسقوفات الحوار.. وهو قد لا يدري أن المؤتمر الوطني نفسه أصبح لا يميل للحديث عن الحوار السابق ماركة الوثبة.. وإذا كانت سقوفات الحوار السابق كبيرة فماذا يريد أن يصنع بالحوار الجديد والاتصالات المكثفة؟ وقد كان هذا المساعد من أكثر القائلين بأن (الحوار الوطني) قد أكتمل ولا حاجة حتى لتنفيذ مخرجاته، وأنه قد جمع كل الشعب السوداني وكان أكبر وأعرض حوار يمشي على الأرض.. فلماذا يتحدث الآن عن الحوارات والاتصالات؟ وما جدوى محاورة شرذمة قليلة من الممانعين؟!
طبعا الرجل استلم وظيفته كمساعد وبدأ العمل؛ ولهذا كان هذا (التصريح الاستفتاحي) والذي لم يسمع أو يقرأ تصريحه قد لا يعلم مدى الجرأة في تبديل سيناريوهات (توم أند جيري).. والأعجب من كل ذلك خاتمه تصريحه (المسكية الزعفرانية) التي قال فيها انه يدعو المعارضة لتغيير أساليبها في التعامل مع قضايا الوطن ونبذ الحزبية الضيقة… معنى الكلام علي الحزبيين أن يتركوا الحزبية الضيقة وينضموا لحزب المؤتمر الوطني….. فعلاً “لقد هانت الزلابية حتى أكلتها بنو قريظة”..!