صلاح التوم كسلا
تناولت صحف الخرطوم الصادرة يومي 15 و17 نوفمبر الجاري ما يلي :
*كشفت وزارة التربية والتعليم في كسلا عن تنامي استقالات المعلمين خاصة مرحلة الأساس مما أثر سلبياً على العملية التعليمية.
*هروب معلمي الثانوي بكسلا لمناطق تعدين الذهب وشكوى من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية . انتهي
الخبران صدرا من جهات الاختصاص والمتابعين للأمر ‘ مما يؤكد صدقهما.
حقيقة عندما نشعر بالقلق على العملية التعليمية فإننا في الواقع نشعر بقلق أكبر على المستقبل برمته ‘ فوضع المعلم في البلاد أصبح لا يطاق علي الاطلاق ‘ لذلك لا غرابة في أن يهجر المهنة هذا العدد الكبير ‘ فالمعلمون اليوم ثلاثة أقسام :
الأول: يعمل بهمة ونشاط تعود عليهما في بواكير حياته العملية ‘ وصارا ديدنه رغم المصاعب والآلام والمعوقات التي تعترض كل معلم وهذه الفئة قلة.
الثاني: يعمل بدون “نفس” وتفكيره بعيد جدا ‘وفي انتظار البديل وهم الغالبية العظمي .
الثالث : ترك الخدمة إما كما ورد في التقارير الصحفية بالهروب أو الاستقالة عن العمل للعمل في مهنة أخري توفر له عائد أفضل وحياة كريمة .
إن الاهتمام بالعملية التعليمية والتربوية ككل والمعلم علي وجه الخصوص لم تعد موقف خلاف في أي دولة من دول الأرض ‘ فهو أمر مفروغ منه تماما ….فلماذا تتهاون الدولة في أمر حيوي وأساسي لضمان مستقبل شعبها ؟
إن الأسباب عديدة التي أدت لهروب المعلمين أو تقديم استقالاتهم:
1- ضعف الأجور
مقارنة مع مايبذله المعلمون من مجهودات و ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم و كونهم من القلائل الذين ليست لهم مخصصات تخفف عنهم حدة الغلاء .
2- تدهور البيئة التعليمية ‘ وهي من الأمور التي تنفر المعلم قبل الطالب و تجعل ساعات العمل طويلة لا يحس فيها الفرد بالراحة و لا بالرغبة في بذل مجهودات أكبر ‘ فالمكاتب و”الميز” والترحيل كلها غير مهيأة بالصورة التي تليق بالمعلم .
3- النقل لمدارس بعيدة أو ريفية مع الظروف الاقتصادية الحرجة ‘الأمر الذي سيتطلب من المعلم تقديم تضحيات جسيمة ‘ في ترك أسرته بلا مأوي وبلا مصروف …. إلخ
4- التعليم مهنة شاقة وبلا عائد يغطي نفقات الحياة ‘ أضف إلي ذلك ما تسببه المهنة من أمراض بسبب استعمال الطبشور وفقد الأعصاب بسبب الضجيج المتواصل ‘ وأمراض مزمنة تظهر في نهايات الخدمة ‘ وما أكثرها !!
5- عدم تقدير المعلم كما كان سابقا، وفقدانه لمكانته في المجتمع وضياع هيبته داخل المدرسة وخارجها .
إن الأسباب التي تقف وراء هذه الكارثة لا يمكن حصرها في مقال قصير ‘ ولكن أسبابها أزلية ومعروفة ‘ ودون محاولة لتذليلها ومعالجتها بالشكل المطلوب ، سيتفاقم الأمر والضحية طلاب السودان وأمله ومستقبله ‘ فلا يجوز أن يهمل المعلم لهذا الحد في بلد يعد الأول في مجال التعليم في محيطنا العربي ‘ فتاريخ المعلم السوداني مشرق في كل المنطقة العربية والاسلامية. ونأمل أن توافق الدولة علي التوصيات المطروحة بأن يكون راتب المعلم الأعلي في الخدمة المدنية مع منحه بعض المخصصات من أجل تحقيق العدل ”’