أزمة دارفور حصان طروادة يراد به المشاركة في الحكم من قبل قادة أحزاب المعارضة
عبدالعزيز عبدالله
كورك آيرلندا
يقول المشير عمر البشير “لو أحسسنا بأن الشعب غير راضي عنا لخرجنا إليه ليرجمنا في الشوارع بالحجارة” , حسناً….. لقد بلغ غضب الشعب السوداني مبلغاً جعله يأتي إليك ليرجمك بالرصاص يوم عملية الزراع الطويل ففي أي الكهوف و الأنفاق تخبأت لتخرج بهذا التصريح ؟
لقد جاءك الشعب بكروزراته و مدافعه وليس بالحجارة لأن الحجارة أرحم في حقك.
إن كان الشعب عنكم راضياً كما تزعمون فلماذا كل الحرائق و النيران مشتعلة في كل أطراف الوطن الكبير؟ التمرد هو تعبير عن رفض النظام القائم فما بالك ب “التمردات التي لا تعد ولا تحصى في بلادنا”.
كلما نًوقش مسألة الأزمة الوطنية التي تعيشها البلاد منذ أمد بعيد من قبيل إستفتاء الجنوب و الأزمة المستفحلة في إقليم دارفور و الملاحقات القضائية الدولية بحق بعض رموز النظام و كلما فتح المنضمون لأحزاب المعارضة السودانية ملف الأزمة التي يعيش فيها حزب المؤتمر الوطني كلما تم نسيان أم الأزمات و هي مسألة دارفور الشائكة المهددة للوطن ككل من قبل هذه الأحزاب ؛ هؤلاء يقرنون بين مشاركتهم في الحكومة التي يودون توسعتها و بين تخويف المؤتمر الوطني بالثورة على غرار “الثورة التونسية” أو الإنتفاضة الشعبية كما حدث أواخر عهد الرئيس السابق جعفر نميري
قادة هؤلاء الأحزاب ينظرون إلى الأزمة في دارفور على أنها نقطة الضعف التي يستغلونها للدخول في شراكة مع المؤتمر الوطني الذي يميل أكثر قادة هذه الأحزاب إلى الرضى الضمني
بإستمرارها” عوض إنهيارها و بالتالي إنتقال مركز القرار إلى الغرب و هو الذي يخيفهم كثيراً و قد رأينا بأم أعيننا بعض قادة الأحزاب يقومون بإصدار بيانات الإدانه لعملية الذراع الطويل عند الثانية صباحاً ويكيلون تهم الإرتزاق للذين كانوا بالأمس القريب المطية و الأداة التي إستخدموها للوصول إلى السلطة.
هذا الأمر ينبغي أن لا يفوت على إنسان الغرب عموماً و “المنبوذين” في سائر السودان , إذ أن النقطة الرئيسية التي تجمع قادة المؤتمر الوطني و قادة هذه الأحزاب الشمالية في ثوب القومية هي إتفاقهم على إستمرار التفوق النيلي في الحكم و لو خًير هؤلاء بين إنفراج أزمة الإقليم بقيادة بديلة للبلاد من خارج الشمال وإستمرار الأزمة مع وجود شماليون على سدة الحكم لإختار هؤلاء أن تستمر الأزمة إلى ما لا نهاية بدل أن تأتي قوة أخرى لتحل مكان القادة الحاليين للبلاد.
هؤلاء القادة لا هم لهم إلا المشاركة في السلطة على حساب قضية دارفور فلا هم لهم لا بالجرائم التي إقترفتها أيادي البشير التي يقبلونها من خلف الكواليس و لا تآكل البلد من أطرافه و لا حتي الثروات التي تم الكشف عنها في بنوك “الكفار” و لو أثير موضوع مشاركة أهل الهامش في الحكومة الآن لرأيت هؤلاء يتململون لأنهم يريدون المشاركة في الحكم لأنفسهم لا لأهل الأطراف و لو كان فيهم خيراً لدعو المشاركة أبناء دارفور و الأطراف في هذا الحكم أو أقل من ذلك بأن يساهموا في إنفراج الأزمة في إقليم دارفور.
لقد أتت هؤلاء القادة فرصة ذهبية لإسقاط النظام بالعملية السلمية الديمقراطية و لكنهم وازنوا بين إسقاطهم للبشير و فرص نجاحهم في خلافته لكنهم آثروا إستمرار البشير في الحكم ولذلك قاموا بالإنسحاب الجماعي إلا “الشيخ” الغرباوي و حزبه على أن يسقطوا البشير و لكن فرص إمساكهم بتلابيب الحكم في زمن صارت فيه القوة ذات الطابع الجهوي هي الأقرب إلى الوصول إلى سدة الحكم.
لقد أيقن هؤلاء أن زمن الإنقلابات قد و لى إلى غير رجعة و أن الإنتخابات لا تأتي بجديد و أن السبيل الوحيد لتغيير نظام الحكم بالسودان هو عبر الإجتياح العسكري البري على شاكلة ما جرى يوم عملية الزراع الطويل.هذا الخيار الأخير لا يحبذه الكثير من قادة هذه الأحزاب لأنها تعني إنهيار عهد تقديس “الأئمة” و توريث المناصب الحزبية و ظهور أبناء “الأتباع” بمنظر القادة وبالتالي فقدان الأتباع الذين مما لا شك فيه سيميلون إلى بني جلدتهم وقومهم وهو أمر ما زال عند بعض “الأتباع” أمر غير قابل الحدوث
متى زار قادة هذه الأحزاب الذين يوصفون الجانجويد بأنهم “أنصار أبناء أنصار” معسكرات البؤس في دارفور أو متي أبدو إستعداداً للذهاب إلى أين “يخيم” هؤلاء المظاليم لمواساتهم والتخفيف عنهم!!!