ورقة حول:العنف الطلابي إعداد \ ممدو وح محمد يعقوب
[email protected]
ما هي أسباب العنف داخل الجامعة:
أولاً: العنف ظاهرة من الظواهر السالبة في الجامعات السودانية وهو إلحاق الأذى بالآخرين جسدياً أو نفسياً وبسبب ذلك عشرات الطلاب يموتون ضحايا العنف الطلابي على سبيل المثال لا الحصر شهداء الحركة الطلابية كل من محمد عبد السلام (1998م) والشهيد القرشي، محمد حامد أبو القاسم (2007م) محمد موسي بحر الدين(2010م) ،عبدالله محمدين(2010) .
أسباب العنف:
أولاً التطرف:
ينشأ العنف نتيجة للطرف الحزبي أو السياسي أو الديني من قبل الجماعة التي تتبنى الفكرة وتفترض بأنها الحقيقة المطلقة ولا يمكن نقد أفكارهم أو آرائهم لأن أفكارهم مأخوذة من عند الله أو الشيخ أو الإمام ومن ينتقدهم من الأحزاب السياسية الأخرى يعتقد تلك الجماعة بأن النقد موجه لله سبحانه وتعالى لأنهم يحملون فكرة الله حيث كيف يتم نقد فكرهم المأخوذ من عند الله وهنا ينشأ ما يعرف بظاهرة العنف الطلابي حيث يقوم تلك الجماعة أو الحزب السياسي الذي يحمل تلك الأيدلوجية بمهاجمة الحزب السياسي الذي يوجه لهم النقد بأعمال عنف بدلاً من إستخدام الحجة والمنطق والإقناع .
ثانياً :التنشئة الإجتماعية
التنشئة الإجتماعية من العوامل المؤثرة في حياة الإنسان منذ مولده حتى نشأته وهنا ننظر إلى الوسط الإجتماعي الذي نشأ فيه الشخص هناك من ينشأ داخل جماعة متطرفة متشددة تجاه الفكرة أو الدين حيث يقوم تلكم الجماعة بغرس مفاهيم لدى الأفراد الذين ينتمون إليهم منذ الصغر وهم ضحايا تم إعادة إنتاجهم واستعباد عقولهم من قبل الجماعة أو الأخوان ولا يتحركون وفقاً لرؤية الأخوان أو الجماعة إذا قدم شخص نقد لتلك الجماعة أو الأخوان يتحرك هؤلاء الأشخاص نيابة عن شيوخهم وأئمتهم لإثارة أعمال العنف والشغب والتشويش لأنهم تم تشكيلهم بهذا النهج عندما يسمعوا رأي مخالف رأيهم يتحركوا وفقاً لرؤية الجماعة وهم آليات أو وقود استخدمتهم تلكم الجماعة أو الأخوان.
ثالثاً: صراع الأيدلوجيات (الأفكار)
هي من أسباب العنف داخل الوسط الطلابي ويقصد بالأيدلوجيات الأفكار التي يحملها الأشخاص مثال لذلك (الفكر العلماني، الفكر الإسلامي)وهنا ينشأ ما يسمى بصراع الأيدلوجيات حيث ينظر الشخص الذي يحمل الفكر الإسلامي للشخص الذي يحمل الفكر العلماني بأنه كافر وملحد ومرتد ليس من حقه أن يتحدث أو ينادي بتلك الأفكار الشيطانية المأخوذة من بلاد الغرب وأن الديمقراطية كفر والإسلام شامل وكامل لكل زمان ومكان ليس بحاجة إلى العلمانية والديمقراطية وهي أفكار غربية عندما يسمع شخص يتحدث عن العلمانية أو يقول أنا علماني أحياناً يتم مهاجمته بإثارة العنف وضربه ، تلك هي الأفكار التي أدت إلى مقتل المفكر الشهير فرج فودة الذي تم اغتياله بواسطة جماعة الهجرة والتكفير بالقاهرة في عام (1992م) وتكفير المفكر نصر حامد أبو زيد والدكتورة نوال السعداوي الكاتبة والروائية المصرية الشهيرة وما زالت تلك الأفكار يحملها الطلاب داخل الجامعات لمواجهة أخوانهم الطلاب بالسيخ والمولوتوف وتسبيب الأذى النفسي والجسماني لهم .
رابعاً: صراع الجديد والقديم
هناك من القوى السياسية الحداثوية العلمانية تتطرح أفكار جديدة معاصرة ومواكبة مع التطور التقني والاجتماعي، من الناحية الإجتماعية مثل قضايا المرأة وحقوق المرأة في العمل ومشاركتها مع الرجل وحقها في أن تكون رئيسة أو وزيرة وتقود المجتمع هناك من القوى التقليدية تنظر إلى المرأة بأن مكانها الطبيعي هو البيت وطاعة زوجها وتربية أطفالها والحديث عن حقوق المرأة فوضى والذين يتحدثون بهذه الأفكار لم يريدوا سوى إباحة المحرمات وإشاعة الفاحشة والحديث عن المرأة أحياناً قد يصل إلى عنف بين القوى التقليدية والقوى الحداثوية، وأيضاً الحديث عن العلمانية والديمقراطية والليبرالية ومشاركة المرأة في مؤسسات الدولة قد يقود إلى عنف لم نسمع يوماً أحداث عنف ما بين الحزب الشيوعي ومؤتمر الطلاب المستقلين أو الجبهة الوطنية الأفريقية مع حركة القوة الجديدة حق وغيرهم من الأحزاب التقدمية التي تنادي بالحداثة والعلمنة حيث ينشأ العنف بين الأحزاب التقليدية الدينية المتطرفة في مواجهة الحداثة والعلمنة والتغيير.
خامساً: الخواء الفكري
يوجد بين الطلاب أو الأحزاب السياسية داخل الجامعات من ينقصهم الفكر والحجة والمنطق عندما يسمعوا رأياً مخالف رأيهم وليس له حجة أو منطق أو أسلوب الحوار يتحرك الشخص بواسطة بدنه للتعبير أن لم يجد شيء في عقله ويستخدم العنف في مواجهة الفكر المخالف لرأيه ويصل إلى درجة إستخدام السيخ والمولوتوف وأيضا الشعور بالهزيمة يولد عنف عندما يحدث نقاش بين الطرفين ويشعر الطرف الآخر بأنه مهزوم يقوم بإثارة العنف.
سادساً: الخلفية التاريخية
بعض من الطلاب من واجه حياة معيشية قاسية أو معاملة سيئة من أحد أطراف المجتمع أو من قبل أبويه أو الأقارب ولم يستطيع التحكم في سلوكه والتخلص من خلفيته التاريخية السيئة وينشأ على العدوانية والأنانية ويسلك العنف مادياً أو معنوياً .
إن كثير من الطالبات من يواجهن العنف اللفظي من قبل بعض الطلاب بأنهن ناقصات عقل ودين والمرأة هي شريرة وخائنة لا تستحق الاحترام أو التقدير ويأتي هذا لسبب فشل في العلاقة العاطفية ومن فشل في علاقة عاطفية مع امرأة يحمل كل النساء أو لسبب العقلية الذكورية التي يشكلها المجتمع الذكوري بالمفاهيم القاطعة تجاه المرأة .
سابعاً: العامل النفسي
يؤثر العامل النفسي في سلوك الإنسان وتصرفاته وأحياناً يقوده إلى عنف مع الآخرين مثل عدم التحصيل الأكاديمي الجيد أو فشل في علاقة عاطفية أحياناً يلجأ بعض الأشخاص إلى الأحزاب المتطرفة لأنه محبط وفاقد العمل ويسلك سلوك عدواني تجاه الآخرين.
ثامناً: وسائل الإعلام
للإعلام دور مهم في التوعية والتثقيف والتنشئة الإجتماعية والتوجيه والتربية مما يقدمه من برامج ثقافية وحوارات وأفلام علمية وثائقية …الخ منها ما هو سلبي وما هو إيجابي حيث أحداث العنف الذي يحدث داخل الأفلام يوجد من يتأثر به ويصدق كل ما يحدث داخل الفيلم بأنه حقيقة يسلك سلوك الشخص الذي تأثر به في الفيلم ويستخدمه تجاه الآخرين .
أشهر أحداث العنف داخل الجامعة:
الجامعة الأهلية من أكثر الجامعات السودانية بعد جامعة الخرطوم التي تحدث فيها عمليات عنف وذلك نتيجة للحراك السياسي والفكري في مواجهة الأحزاب الإسلامية المتطرفة التي تقدس الحاكم والفكرة ولا تقبل النقد لأنهم هم الحقيقة المطلقة ومنهجهم سليم وقويم ولا يقبل أي نقد ومن حاول ذلك يواجه بالسيخ والمولوتوف ومن أشهر أحداث العنف في الجامعة حريق جامعة أم درمان الأهلية والأحداث المتكررة التي تقود إلى عنف بضرب الطلاب المنظمين سياسياً والغير منظمين ويصل لعنف لأبعد من ذلك بإباحة دم الطلاب وتكفيرهم كما حدث للطالب تاج السر طالب بجامعة الخرطوم كلية العلوم المستوى الثالث تم تكفيره وإهدار دمه من قبل جماعة أنصار السنة المحمدية عندما وجه لهم النقد ناقداً الفكر السلفي الذي يتبناه الجماعة حيث قامت الجماعة بالتكبير والتهليل واصفاً الطالب تاج السر بالملحد والمرتد ويجب قتله وإهدار دمه بأنه أنتقد الذات الإلهية في رأيهم لولا وقوف الطلاب بجانبه لتم قتله وإهدار دمه أما حشد من الطلاب .أحداث عنف شبيهة بذلك تكفير الطالب محمد المعتصم طالب بجامعة أم درمان الإسلامية الذي ينتمي إلى الجبهة الوطنية الأفريقية تم تكفيره من قبل جماعة أنصار السنة المحمدية لأنه كافر يدعوا إلى الفكر العلماني .هجوم طلاب المؤتمر الوطني منبر) A N F.الحركة الشعبية لتحرير السودان) بجامعة أم درمان الأهلية وأدى الاعتداء إلي إصابة العديد من الطلاب الإسلاميين بجروح خطيرة .
هل العنف يتم بترتيب مسبق من الأحزاب السياسية داخل وخارج الجامعة؟
ليس أي عنف داخل الجامعة يتم بترتيب مسبق من الحزب يوجد من العوامل التي تقود إلى عنف مثل العامل النفسي والخلفية التاريخية والتطرف والخواء الفكري ويحدث العنف أحياناً من غير ترتيب من الأحزاب السياسية أو من الأفراد تجاه بعضهم البعض مثل العنف اللفظي أو المادي الذي يتم خارج إطار الحزب أو داخل الحزب بترتيب مسبق ، يوجد بين الطلاب من لهم القصور الفكري وليس لهم القدرة على الإقناع وينتهجوا العنف وسيلة للتعبير عن آرائهم وتفكيرهم ، كما يحدث العنف بترتيب مسبق من الحزب المتطرف بأن حزب ما إساءة لمعتقده ويتم التنسيق من داخل وخارج الجامع بمهاجمة ركن النقاش وإثارة العنف باستخدام الأسلحة البيضاء(السكاكين) والسيخ والمولوتوف .
دور أركان النقاش في إثارة أحداث عنف داخل الجامعة:
لأركان النقاش دور مهم في بناء قدرات الطلاب السياسية وإعداد القادة كما يسهم ركن النقاش في توعية الطلاب بتعريف مشكلة مجتمعهم الإجتماعي والثقافي والسياسي وطرح الحلول لها وطرح القضايا الوطنية والوضع الراهن إلا أن الأحزاب الموالية والأحزاب الكلاسيكية من يرفض إثارة الوعي للطلاب وإثارة القضايا الحية ويسعى إلى كبت حرية التعبير والرأي بما يسمى بالخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها ومن حاول الحديث عن المسكوت عنه يتحول ركن النقاش إلى صراع مع الحزب الموالي للنظام أو الأحزاب الكلاسيكية ويصل أبعد من ذلك بإلحاق ضرر جسماني للطلاب بدلاً من إستخدام أسلوب الحوار وتبادل الرأي والرأي الآخر وبهذا فقد دور أركان النقاش محتواه الفكري والثقافي الذي يقود إلى النهج الديمقراطي وقبول الآخر مهما كان الاختلاف .
الرؤية العامة في أحداث العنف الطلابي:
العنف ظاهرة من الظواهر الخطيرة في وسط المجتمع الطلابي وهو نتاج للصراع الذي يحيط ببلادنا مروراً بالحروبات الطويلة التي تشهدها أجزاء البلاد والصراع الفكري وانخفاض المستوى الثقافي والفكري والتردي القدمي وانخفاض المستوى التعليمي وضعف المناهج الذي يسهم في التربية الوطنية والتسامح وتربية الأجيال تربية ديمقراطية بقبول الرأي والرأي الآخر والتعبير بالفكر أي السلاح الفكري والمعرفي بدلاً من السلاح الأبيض وممارسة أي من أشكال العنف المادي والمعنوي(اللفظي) .
لإدارة الجامعات دور في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة بإقامة ورش عمل حول ظاهرة العنف الطلابي وإقامة سمنارات ومسرحيات وإدخال مناهج التسامح والتعايش وقبول الآخر مثل هذه الورقة أتمنى أن يجد إهتماماً للحد من هذه الظاهرة الخطيرة .
ابريل 2012م الخرطوم