سقوط هجليج – بداية انهيار نظام الابالسة العنصرى فى الخرطوم
Email: [email protected] أيوب عثمان نهار
الاحد 15 ابريل 2012 بريطانيا – كوفنترى
يوم الثلاثاء 10 – ابريل 2012 كان يوما مفصليا فى تاريخ جنوب وشمال السودان انتهت الى احتلال الاولى لمنطقة هجليج الغنية بالنفط ردا على هجمات سلاح الجو السودانى بالطيران والمدفعية الثقيلة على ولاية الوحدة الحدودية الغنية بالنفط وتحديدا تركز القصف على مدينة ربكونا وبانتيو وميوم والمناطق المتاخمة للشريط الحدودى تبعه هجوم برى من جانب جيش ومليشيات البشير العنصرية وتم دحر الهجوم فى المرة الاولى والثانية وفى المرة الثالثة تم دحر الهجوم الاخير وتبعه اكتساح الحركة الشعبية واحتلالها هجليج فى ساعتين فقط مما يدل على ان نظام الابالسة يعيش منفصلا تماما عن واقعه ويعيش على اوهام العظمة وعنتريات الماضى الدموى للنظام العنصرى فى كل ارجاء السودان 23 عاما دفع ثمنها الشعب السودانى منذ انفصال الاخيرة فى يوليو 2011 وتشكيل دولة جنوب السودان الوليده التى لم تكمل عامها الاول والتى يصفها نظام الخرطوم بالدولة الفاشلة والضعيفة ولكن دولة التسعة اشهر والتى لم تكمل طور النمو لكى تتخلق جنينا كاملا لقن الدولة التى يمتد عمرها لالاف السنين درسا قاسيا لن ينمحى من ذاكرة الشعب السودانى وبرهنت على خطل تراكم الخبرات والسنون لصقل وعجم اى عود كى يشتد ويصير قويا العبرة ليست بالاقدمية العبرة بمدى المواكبة والتطور والبناء العلمى السليم وفق خطة استراتيجية معلومة البرامج والاهداف واليات التنفيذ والتقييم والتقويم وفق مدة زمنية معينة وميزانية معلومة ومرصودة تتبعها اليات لتحسين وتطوير الاداء مختتمة بتقرير ضافى وشامل يعالج مكامن الخلل ويصوبها نحو مزيد من التجويد ان الخلافات التى ظهرت على السطح بين الطرفين فى ملفات عديده اهمها ملف البترول وترسيم الحدود وبالتحديد ملف ابيي ورسوم عبور البترول عبر انابيب الشمال وهو ما استعرضته فى سلسلة مقالاتى السابقه جاء نتيجة لعدم حسم هذه الامور فى اتفاقية نيفاشا المتتبع لاسلوب ادارة التفاوض والحوار من جانب نظام الخرطوم يتضح له جليا مدى ضحالة وتخلف وفساد فكر قادة نظام الابالسة الذين لا زالوا بنفس عقلية يونيو 1989 عقلية التمكين وتهميش الاخر عقلية الحرب والحرب ثم الحرب كخيار استراتيجى لحل اى مشكله دون وضع اى اعتبار للجوانب الاخرى السياسية التى ياتون اليها موخرا ويكونوا قد دفعوا الثمن غاليا جراء سياساتهم الخرقاء وفى الاخير يقبلون بتسوية سياسية تكون خصما عليهم وتعطيهم اقل بكثير لو انهم ارتضوا بالحل السلمى وارتضوا بمسار التفاوض وتغليب الاراده السياسية اولا وما نيفاشا واتفاقية اديس الاخيره ببعيده ولكنهم يكذبون ويستمراون الدجل والتطبيل والتضليل حتى اضحت ماركة مسجلة باسم نظام الابالسة فى الخرطوم سلاحهم تغبيش وعى الجماهير واخفاء الحقائق وحقدهم الدفين ونظرتهم العنصرية البغيضة تجاه كل من ينتمى الى شريط الهامش دارفور كردفان النيل الازرق جبال النوبه الشرق يضعون الحل العسكرى كمرجعية واطار عام ومبدا فى تعاطيهم مع خصومهم السياسيين شعارهم امسح اكسح وقشو واكلو نى ومادايرين اسير ومن بعد ان ينقلب السحر على الساحر ياتون الى طاولة المفاوضات مطاطين رؤؤسهم ويقبلون باى تسوية كانت ولسان حالهم يقول ابيناها ممعوطة اكلنها بصوفها لكن الوضع يختلف الان فارض المعركة لم تكن تلك التى كانت وتكتيكات الحرب وفنون القتال تغيرت كذلك ولم يعد الجيش السودانى يسيطر على مدن الجنوب الكبيره جوبا واو ملكال كما كان من قبل حتى الجيش السودانى اضحى اثرا بعد عين لم تكن تلك القوات المسلحة التى شهد لها الاعداء قبل الاصدقاء بمهنيتها وحرفيتها وموهلات وخبرات قادتها فاختلطت قوات الدفاع الشعبى ومليشيات الجنجويد والقوات المسلحة والموتمر الوطنى والحركة الاسلامية فى بوتقه واحده فانتجت كائنا غريبا ومسخا مشوها لا يشبه باى حال تاريخ القوات المسلحة فبرز قادة فاسدون ومفسدون جل همهم بطونهم وما ملكت ايمانهم من مثنى وثلاث ورباع وعمارات شواهق وحسابات ممتلئه بمال السحت والحرام وسيارات بملايين الجنيهات فبالله تامل هولاء هم عماد دولة الشريعة فى القرن الثانى والعشرون فهل ننتظر منهم خيرا او نصرا وهنالك عامل اخر وهو مكونات الجيش اعنى المقاتلين من ضباط الصف والجنود 90 % منهم من ابناء الهامش دارفور كردفان النيل الازرق جبال النوبه وجدوا انفسهم فجاة يقتلون اهليهم ويحرقون قراهم ويرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ضد المدنيين الابرياء الذين هم منهم وباوامر مباشرة من قادة وضباط متنفذين ينتمون الى اقلية الجلابة اقلية نظام الابالسة العنصرى الجنجويد ومليشيات البشير قد نجد لها العذر فى الدفاع عن نظام الخرطوم ولكن ليس هنالك عذر لكى يقتل المهمش اخيه ولمصلحة الجلابى العنصرى المستفيد الوحيد من محرقة ابناء الهامش لقد وعى جنود ابناء الهامش الدرس وسوف لن يدافعوا عن نظام يقتل ويشرد ويبيد اهلهم امام اعينهم انهيار وهزيمة قوات نظام الابالسة نتج من تدنى الروح المعنوية للجنود عامة جراء السياسات العنصرية التى ينتهجها مجرم الحرب عبد الرحيم حسين والمشير الهارب من العدالة الدولية والتى ادت فى الاخير الى فساد الموسسة العسكرية السودانية التى لم تهتم بالجيش من حيث الاعداد والتدريب والتسليح فمعظم الميزانية تذهب الى مبانى وصرف ادارى بذخى للضباط الذين يدينون بالولاء لنظام الابالسة العنصرى البغيض لم يكن مستغربا ما حدث فى هجليج من اجتياح قوات الحركة الشعبية لهجليج وعجز القوات المسلحة من استعادتها وكنت قد ذكرت
فى اخر مقال عن احداث هجليج مدى ضعف وهوان القوات المسلحة وراهنت بانها سوف لن تصمد لصد اى هجوم وان الجيش وتكوينه وروحه المعنوية وعقيدته القتاليه اضحت صفرا كبيرا والان الجيش يبحث عن طريقة لاسترداد هجليج التى تتميز بموقع عسكرى استراتيجى وجغرافى واقتصادى هام جدا فهو عصب الحياة بالنسبة لشمال السودان وسلفاكير يفرض شروطه للانسحاب ويرفض قرار مجلس الامن ولسان حاله يقول ليس قبل ان تنسحبوا من ابيي وليس قبل ضمانات وتعهدات دولية بعدم شن هجمات على جنوب السودان ان التعامل مع منطقة هجليج عسكريا دون الاعتبار لوضعيتها الحساسة قد يدفع ثمنه شمال السودان غاليا اذا قام كعادته بقصف جوى ومدفعى عشوائى او بصورة منظمة على محطة المعالجة والضخ الرئيسية يمكن ان يدخل الجيش السودانى هجليج مرة اخرى ولكنها سوف تكون حطاما واطلال من ذكريات فقط لا غير اما اذا اراد غير ذلك فعليه التفاوض ثم التفاوض والحوار السياسى الجاد الصادق ان هذه البنيات التحتية لمنطقة هجليج قد كلفت خزينة الدولة مليارات الدولارات وتدميرها يعنى منطقيا ذهاب البترول الى اجل غير مسمى اذ ان اعادة انشاء محطة جديدة وانابيب ضخ جديدة ليس بالامر السهل ويكلف كثيرا فى وقت تعانى فيه الدولة من اثار انفصال الجنوب الذى ادى الى زلزلة فى اركان اقتصاد دولة شمال السودان فتداعيات سقوط هجليج على المشهد الاقتصادى بدا واضحا منذ اعلان ذلك الخبر رسميا فارتفع الدولار وتخطى حاجز السته جنيهات وعاد الناس لصفوف البنزين فضلا عن الارتفاع القياسى للمواد الغذائية والسلع الضروريه اضعافا مضاعفة وهو ما يلقى بظلال سالبه ومستقبل قاتم ومشئوم يدفع ثمنه المتضرر الوحيد المواطن السودانى ان سقوط هجليج وهروب القوات المسلحة بتلك الطريقة المهينة الى مدينة كادوقلى ان دل انما يدل على ان نظام الابالسة يعيش ايامه الاخيره وان الجبل تمضخ فولد فارا كبيرا كان يحسبه الجميع اسدا وبعبعا مخيفا سقط القناع عن النمر الوهمى الذى يخيف به نظام الابالسة ويهدد ويتوعد مما يمهد قريبا بقليل من العمل الدووب والتنسيق بين مكونات الجبهة الثورية والشارع السودانى الى سقوط الخرطوم نفسها وليس بمستغرب فقد دخلها من قبل اربعة سنين الراحل المقيم قائد المهمشين الشهيد د خليل ابراهيم ان هذا النظام العنصرى والذى حتى اللحظة لم يقدم مقترحا واحدا للخروج من الازمة الراهنة سوى مزيد من سفك الدماء والحروب وتجييش الشعب والعودة للخلف سنينا عددا لايام ساحات الفداء والاستنفار التى لم نحصد منها سوى مزيدا من القتل والدمار وجرائم الابادة الجماعية ضد شعب دارفور وجبال النوبه الاعزل الشعب الان قد وعى الدرس والرد جاء سريعا ومفحما لقادة نظام الابالسة ان اذهبو انتم وابنائكم فقاتلو ان هاهنا قاعدون فليستعد نافع وابنائه محمد وعبادة والطيب مصطفى وعلى عثمان وابنائه واخوان البشير وعبد الرحيم وابنائه وغيرهم لتحمل مشقة الجهاد فى سبيل بقاء نظامهم العنصرى وليستعينوا بباقى الهتيفة والرعاء الذين ملاوا الدنيا ضجيجا وذهبوا الى امريكا ومجلس امنها يستجدونها الضغط على سلفاكير لسحب قواته فهم اضعف من ان يحرروا شبرا واحدا من تراب الوطن ولو يستطعيوا فعليهم الذهاب بالتزامن الى حلايب والفشقه فهى ارض سودانية محتلة العام 2012 موعود بمزيد من الدراما على المسرح السياسى والعسكرى والاقتصادى السودانى يعيد السودان الى شعبه والى هويته والى كرامته التى سلبها نظام الابالسة فى الخرطوم على مدى ثلاثة وعشرون عاما من الظلم والاضطهاد والجبروت والاستكبار والفساد والقتل وسرقة اموال الشعب وتدمير النسيج الاجتماعى وافساد الساسة والقادة والمجتمع والموسسات ان الاوان لهذا الغثاء ان يذهب وان يبقى من يصلح البلاد والعباد وينفع الناس دولة شفافية وحكم قانون دولة يقودها اصحاب الموهلات والخبرات والقدرات نحو وطن ديمقراطى حر وطن يسع الجميع دون عنصرية او جهوية او طائفية.